فندق "الآمال" على الحدود التركية السورية
٤ فبراير ٢٠١٤هنا في فندق "أليس" في ضواحي مدينة الريحانية التركية ليس للأمل من ثمن، فعلى بعد خمسة كيلومترات عن الفندق فقط تحتدم الحرب في سوريا. ويمكن مشاهدة صور هذه الحرب البشعة على شاشة التلفزيون المعلق في أعلى الجدار على مدى 24 ساعة. وفي صالون الفندق يجلس عدد من الشبان الذين يقيمون كلاجئين في هذا الفندق. ويساعدهم في تمويل إقامتهم في الفندق أقرباء لهم يعيشون في الخارج من خلال التحويلات المالية. بيد أن أثمن ما لديهم هو الأمل في غد أفضل.
طبيب سوري من ألمانيا
ويجلس بين الشبان رجل أكبر منهم سنا. إنه مروان خوري الذي يعمل منذ أكثر من 20 عاما كطبيب في ألمانيا، حيث قام في الأسابيع الماضية بجمع التبرعات. ومنذ يومين تقف شاحنتان محملتان بالمساعدات مثل مسحوق الحليب والأرز والطحين والزيت والملابس الشتوية والأدوية ومواد التضميد على الحدود التركية السورية. لكن الموظفين الأتراك لا يسمحون للشاحنتين، شأنهما شأن مئات الشاحنات الأخرى، بالمرور نحو الأراضي السورية. ذلك أن مقاتلين إسلاميين من تنظيم "داعش" قد استولوا قبل بضعة أيام على عدد من القرى المتاخمة للحدود التركية السورية. ولهذا السبب تخشى الحكومة التركية من وقوع المساعدات في أيدي الإسلاميين المتشددين، وعليه تبقى الحدود مغلقة.
امرأة لا تستسلم
وفي المساء يلتقي مروان في الفندق برانيا قيصر، وهي ناشطة سورية هربت قبل ذلك بأيام قليلة من إدلب إلى الريحانية، ذلك أن الإسلاميين المتشددين قد أدرجوا اسمها في قائمة الأشخاص الذين أباحوا دمهم، لأنها ترفض ارتداء الحجاب وترى في النساء السوريات مناضلات متساويات في الحقوق مع الرجال من أجل حرية بلادها. وهذا الأمر لوحده يكفي لإثارة غضب الإسلاميين المتشددين.
وكانت رانيا قد عاشت حياة عادية في دمشق مع زوجها وأطفالها. بيد أنها تعرّضت فيما بعد للاعتقال لأنها انتقدت نظام الأسد. ومنذ اندلاع الثورة في سوريا وهي تقف إلى جانب المعارضة، كما تقول، فيما يؤيد زوجها نظام الأسد. وعليه، يبدو أن الانقسام داخل سوريا قد طال أيضا الأسرة الواحدة.
وفي صباح اليوم التالي وصلت مجموعة من الرجال الشباب الملتحين إلى الفندق والذين يبدو أنهم من باكستان أو أفغانستان. وقد قاموا بجلب ست سيارات إسعاف إلى الحدود التركية السورية. وعندما تمر امرأة بهم، فإنهم يصرفون عنها الأنظار بشكل واضح. وهذا ما دفع مروان إلى القول: "لا نريد مثل هؤلاء الناس في سوريا".
بصيص من الأمل
ويقيم في فندق "أليس" أيضا بعض السائقين الأتراك لسيارات الإسعاف. إنهم مستعجلون الآن، إذ تم تكليفهم بنقل مجموعة من السوريين الجرحى من الحدود، وبينهم طفل رضيع أيضا. وفجأة تصل مروان في رسالة إلكترونية مفاده أن السلطات التركية قد قامت فتح الحدود، وبالتالي، بإمكان الشاحنات المحملة بالمساعدات مواصلة طريقها إلى داخل الأراضي السورية. ويبدو أن ذلك قد بث مشاعر الارتياح في نفس مروان، وأعاد إليه الأمل...أمل في غد أفضل في سوريا.