فرانكفورت... حين يداعب رأس المال الثقافة في مسقط رأس غوته

عاصمة المال والأعمال في ألمانيا، فرانكفورت لم تستطع على مر التاريخ احتكار هذا الاسم لها لوحدها. فعلى الحدود الألمانية البولندية وبالتحديد على ضفتي نهر "أودر" تقع مدينة صغيرة تدعى أيضا فرانكفورت. ومن أجل التفريق بين المدينتين، يطلق الناس على عاصمة الاقتصاد الألمانية اسم "فرانكفورت على الماين"، نسبة إلى وقوعها على نهر الماين الذي يصب في نهر الراين المشهور. أما فرانكفورت الواقعة في شرق ألمانيا، فيطلق عليها اسم "فرانكفورت على الأودر" أيضا نسبة إلى نهر الأودر الواقعة على ضفتيه. ونظرا إلى أهمية "فرانكفورت على الراين" فإننا سنتطرق في هذا الموضوع إلى العاصمة الاقتصادية في ألمانيا، آملين أن تسنح لنا الفرصة في المستقبل بتعريفكم على "فرانكفورت على الأودر."

أكثر من 40 ناطحة سحاب

وأهم ما يميز المدينة الألمانية هو وجود أكثر من 40 ناطحة سحاب في مركزها. وتعد سوق فرانكفورت للأسهم رابع أكبر سوق للأوراق المالية في العالم. ونظرا إلى أهمية المدينة الاقتصادية، فإن أكثر من 400 بنك من ضمنها البنك المركزي الاوروبي تتخذ من هذه المدينة مقرا لها. علاوة على ذلك، يعد مطار المدينة هو ثاني أكبر مطار في العالم. ورغم أن النقاد يقولون إن فرانكفورت عاصمة مالية تفتقر إلى روح الثقافة، إلا أن بلديتها تنفق أكثر من 10 في المائة من موازنتها على تمويل الفعاليات الثقافية والفنية، وهي نسبة أكبر مما تنفقه مدينة باريس أو لندن أو أية مدينة أخرى رئيسية في أوروبا. وفضلا عن ذلك تحتضن المدينة 40 متحفا على غرار متحف الاتصالات ومتحف الفنون التطبيقية والمتحف الألماني للأفلام.

ويعد متحف الفن الحديث أحد تلك المتاحف التي تساهم في إثراء الحياة الثقافية للمدينة، فهو يضم في أروقته مجموعة حديثة تضم الأعمال الفنية لكل من روي ليشتنشتاين وكليس أولدينبورغ وجوسف بويز. أما مبنى مصرف "كوميرس بنك" الذي اكتمل بنائه عام 1997 وصممه المهندس العالمي الشهير نورمان فوستر، الذي أعاد تصميم مبنى البرلمان الألماني في برلين فيجسد المزاوجة بين رأس المال والثقافة.

مسقط رأس غوته

وإذا سلك الزائر الطريق المحاذية لضفة نهر الراين، فإنه يصل إلى البلدة القديمة، وهناك يجد بنايات تاريخية رائعة بُنيت في العصور الوسطى وبقيت شامخةً رغم الدمار الذي حل بالمدينة أثناء الحرب العالمية الثانية. وهناك يجد الزائر أيضا مكان ميلاد الديموقراطية الألمانية في كنسية "باولوس" حيث كُتب دستور ألمانيا الأول في أواسط القرن التاسع عشر.

وخلال دقائق معدودة يجد الزائر نفسه في المنزل الذي ولد فيه الشاعر الألماني الكبير، فولفغانغ غوته، قبل 250 عاماً. ولا يزال هذا المنزل الذي كتب فيه عمله الشهير "فاوست" قائما ويستطيع الزائر التجوال داخله ليرى طبيعة الحياة التي كانت سائدة في ألمانيا في ذلك الوقت.