دريسدن: فلورنسا الألبه المتألقة
لا يتناغم القديم والحديث في مدينة ألمانية أخرى كما في دريسدن أحد مراكز السياحة والثقافة في ألمانيا وعاصمة الولاية الشرقية سكسونيا. ففي حين تحتفظ بيوتها القديمة على الضفة اليسرى لنهر الألبه بالطابع الفلاحي البسيط، توفر أبنيتها الجديدة وفنادقها ضفته اليمنى أرقى مستويات الخدمة والرعاية لزائر المدينة.
لا يمكن الحديث عن مدينة دريسدن دون التطرق إلى نهر الألبه الذي يشكل الثروة الطبيعية التي أنعشتها ووفرت لها شروط الازدهار على مر الزمن. كما جعلتها مقصدا ليس للسياح الألمان فحسب، بل للملايين من جميع أنحاء العالم. ويوفر هذا النهر الذي يخترق المدينة إمكانية التمتع بمعالمها التاريخية من قصور ومتاحف وأوبرا من خلال السفن والقوارب التي تجوبه في العديد من أحيائها. وتزيد الجسور الثمانية التي تربطه بمختلف مناطقها من رونق المدينة وروعتها.
لم تتعرض منطقة ألمانية أخرى على مراحل التاريخ المختلفة للدمار كما تعرضت له دريسدن. غير أن هذه المدينة تتمرد دائما على الفترات الصعبة التي تمر بها وتنتفض ليعود قلبها ينبض بالحياة من جديد. وكأن أشد دمار عرفته إبان الحرب العالمية الثانية التي لم تكد تترك فيها حجر على حجر. أما أحدث كارثة تعرضت لها فكانت عام 2002 عندما غرقت أجزاء هامة من معالمها التاريخية في فيضانات لم تعرفها منذ مئات السنين. لكن دريسدن تمردت من جديد على هذا الدمار واستعادت عافيتها بشكل أقوى اليوم.
أما أهم المعالم التاريخية فموجودة في المدينة القديمة حيث أشهر أبنية عصر الباروك المعروف باسم تسفينغر. ويضم هذا البناء العديد من المعارض الفنية الدائمة. ويعود بناء دار الأوبرا الشهيرة المعروف باسم سيمبر إلى عصر النهضة. وتعتبر لوحة "حملة الأمراء" التي يبلغ طولها 120 مترا ومرسومة على إحدى واجهة بناء "شتال هوف" أحد أشهر المقتنيات الفنية للمدينة. وهناك أيضاً عشرات المباني الأخرى مثل كنيسة النساء واكاديمية الفنون والكنيسة الروسية والحديقة الكبيرة. أما المدينة الجديدة فتشتهر بشوارعها الرحبة على ضفاف الألبه. ومن أشهر معالمها كنيسة الملوك الثلاثة وشارع الملك والقصر الياباني الذي بني بين عامي 1727 و 1737 على أساس قصر هولندي. ومع قدوم التحف الفنية الصينية إليه تدريجيا أطلق عليه لاحقا اسم القصر الياباني. ويختص هذا المتحف اليوم بعرض المقتنيات الفنية من الشرق الأدنى.
ناصر جبارة