غياب الحكمة السياسية عن حقل الألغام الشرق أوسطي
٣ يوليو ٢٠٠٦يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت أن الفلسطينيين سيقومون بعمليات خطف في المستقبل إذا أذعنت حكومته لمطالب خاطفي الجندي جلعاد شاليت. لكن المؤشرات على قبول إسرائيل لمطالب الخاطفين تزداد مع ازدياد القناعة بان الوسائل العسكرية غير كافية للإفراج عنه، وهي وسائل تنم حتى الآن عن الفوضى في التعامل مع هذه القضية، فيجري نسف الجسور وتدمير محطة لتوليد الكهرباء ويعاقب سكان قطاع غزة المليون ونصف المليون نسمة عقابا جماعيا. وفي الضفة الغربية أمر اولمرت باعتقال وزراء ونوابا فلسطينيين ويريد محاكمتهم لانتمائهم إلى حركة حماس الإسلامية، كما أمر بقصف مقر رئيس الوزراء إسماعيل هنية في غزة ومباني الوزارات الفلسطينية.
والانطباع المتولد من هذه السياسة هو أن الأمر لم يعد يتعلق بالجندي المخطوف وإطلاق سراحه، بل على العكس من ذلك لان هذه السياسة الإسرائيلية قد تشكل تهديدا لحياة الجندي وتعرقل جهود إطلاق سراحه كما قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية.
أما رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية فيجد نفسه الآن في منافسة مع الجناح المتطرف لحماس الموجود في المنفى بسوريا، كما أن الشارع الفلسطيني، وبسبب العنف الجديد، بات يميل أكثر إلى مواقف المتطرفين. وحتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي ما مل ولا كل من العمل ضد العنف ومن اجل سياسة متسامحة إزاء إسرائيل أصابه اليأس ووصف الهجمات الإسرائيلية بالجرائم.
والآن يتحرك الجميع في حقل من الألغام: عباس وهنية قد يفقدان سلطتهما ونفوذَهما، واولمرت يخاطر أيضا فإذا سحب جنوده فسوف يعتبر الفلسطينيون ذلك نصرا واذا ابقى قواته في قطاع غزة فانه يخاطر باعادة احتلال القطاع بعد مرور اقل َّ من عام على إخلائه، وهو وإذا ما فعل ذلك فعليه التخلي عن خطته الانسحاب بشكل أحادي من مناطق في الضفة الغربية.
وللخروج من هذا المأزق لجأ اولمرت الى خطوة ستجلب معها مشاكل اكب، وهي اعتقال الوزراء. الآن تنفي اسرائيل انها اعتقلت الوزراء لمبادلتهم بالجندي المخطوف بدلا من الإفراج عن ألف أسير فلسطيني كما تطالب حماس. واذا كان هذا النفي جديا فيكون لدى إسرائيل هدف آخر من كل هذه العملية، الا وهو الإطاحة بحماس بالقوة وهي تأمل من وراء ذلك ان تأتي قيادة فلسطينية معتدلة الى السلطة. قد تكون خبرة ايهود اولمرت العسكرية متواضعة، لكنه سياسي محنك بما يكفي كي يعلم بان هذه الخطة لن تتكلل بالنجاح.