"عيد الحب" ـ مناسبة للتقرُب من الحبيب ... رغم أنف الرقيب
١٤ فبراير ٢٠١٠تتعدد الأسماء والتسميات في العالم العربي لعيد الحب، الذي يحل في 14 من شهر فبراير / شباط من كل سنة. وفي الوقت الذي يعرف فيه "يوم الحب" أو "عيد الحب" في منطقتي الخليج والشرق العربي بالفالينتاين داي (Valentine's Day) أو بيوم فالنتاين، تطغى فيه التسمية الفرنسية "لا سان فالتن" (La Saint-Valentin) في منطقة المغرب العربي. وتختلف مظاهر الاحتفال بهذا اليوم من بلد عربي إلى أخر.
ونبدأ من العراق، إذ يتنهد بشار، وهو عراقي في الأربعين في عمره، حينما يتذكر أيام الجامعة وكيف كان يستغل يوم الفالنتاين، للتقرب من الفتاة المتيم بها والتعبير عن مشاعره من خلال إهدائها وردة حمراء. "تلك كانت أحلى الذكريات التي أحتفظ بها عن حياتي في العراق"، هكذا يصف بشار الاحتفال بعيد الحب في بغداد، قبل أن يضطر إلى الهجرة إلى ألمانيا.
في تونس: مناسبة للترويج السياحي...
كالعادة ومنذ عشرات السنين تبدأ في تونس التحضيرات لعيد الحب كل سنة منذ أشهر الصيف وتبلغ ذروتها في الشطر الأول من شهر فبراير/شباط. كما يعتبر "عيد الحب" مناسبة هامة للقطاع السياحي، حيث يتم الترويج لسفريات ورحلات خاصة بهذا العيد الذي يستقطب آلاف السياح الأجانب، وخاصة منهم الأوروبيين، للاحتفال بعيد الحب في تونس. كما تعد الفنادق نفسها لمثل هذه المناسبة من خلال تنظيم حفلات غنائية وسهرات خاصة. وتُزين المطاعم بالأكاليل المضاءة والورود الحمراء بالإضافة إلى الشموع.
وتستغل محلات بيع الورود ومتاجر الهدايا والحلويات عيد الحب لتسجيل عائدات مهمة. وقد ساهمت السياحة الغربية إلى تونس والقنوات التلفزيونية الأجنبية، خاصة منها الفرنسية والإيطالية، قبل أكثر من عقدين في نشر عيد الحب، الذي أصبح يحظى بشعبية كبيرة ليس فقط لدى الشباب التونسي، بل أيضا فئات اجتماعية أخرى.
...وفي الجزائر قُبْلة ولو في السنة مرة!
فيما دخلت هذه العادة الأوروبية إلى الجزائر فقط في السنوات الأخيرة، بحسب سليم براهيمي، صحفي جزائري. "في هذا اليوم يحاول الشاب التعبير عن مشاعره، بحيث يهدي حبيبته باقة من الورود أو شيئا آخر جميلا، وبالمقابل قد يحصل منها على قُبلة"، إذا حالفه الحظ، هكذا يصف براهيمي، البالغ من العمر 27 عاما، مراسم الاحتفال بعيد الحب في بلده. وتعتبر الورود الحمراء و الفل والدمى القماشية (أو ما يعرف بالبلوشات) وعلب الشكولاتة الفاخرة والتي تتخذ شكل القلوب من الهدايا المتداولة والمحبوبة لدى الشباب الجزائري. بيد أن الاحتفال ينحصر على فئة الأثرياء والمرفهين مادياً والمتأثرين بالثقافة الأوروبية، بحسب سليم براهيمي.
"إعلان حب" على الطريقة المصرية
ويحظى عيد الحب في مصر بشعبية كبيرة، وتحرص المتاجر المصرية على عرض أنواع مختلفة ومتعددة من الهدايا. كما يطغى اللون الأحمر على المعروضات التجارية والأشكال المختلفة للقلوب، التي ترمز إلى الرومانسية. ويعتبر عيد الحب منتشرا بصفة كبيرة لدى فئة الطلبة، حيث تتزين الجامعات في هذا اليوم بالذات بالأعلام الحمراء وترتدي الطالبات الملابس الحمراء التي تعد في هذا اليوم بمثابة "إعلان حب". وتحول "يوم فالنتاين"، مثله مثل بقية الأعياد إلى مناسبة تحظى بتغطية إعلامية كبيرة، وأصبح النقل المباشر للحفلات الغنائية بمناسبة "عيد الحب"، من البرامج الثابتة في عدد من القنوات الفضائية.
وحول انتشار هذه العادة خاصة لدى الشباب المصري، تقول ناهد حمزة، صحفية ورئيسة قسم المرأة في صحيفة الأخبار المصرية، "إن الجيل الجديد مُطَّلِع جدا على الثقافة الأوروبية، التي تنتشر في شتى أنحاء العالم من خلال انتشار الانترنيت"، لافتة إلى أن "العولمة قد حولت العالم إلى قرية صغيرة". وبالتالي فإن هناك تقليدا متزايدا للعادات الغربية، بحسب ناهد حمزة.
نفور في قطاع غزة
ولكن الآراء والمواقف من الاحتفال "بعيد الحب" على الطريقة الغربية تختلف من بلد عربي لآخر وتتباين من شخص إلى آخر. فهناك من يرى فيه عادة غريبة عن المجتمعات العربية أو أمراً يتعارض مع الديني الإسلامي. ففي سياق متصل يلاحظ الصحفي الفلسطيني محمد علي تراجع الإقبال على الاحتفال بهذا العيد في قطاع غزة، بحيث يقول "عقب تولي حركة حماس الحكم، تراجعت نسبة الذين يحتفلون بعيد الحب بشكل كبير". ويعزو ذلك إلى التأثير الإسلامي المتنامي على المجتمع الفلسطيني، "وإن كان الاحتفال بعيد الحب ليس محظورا، إلا أن الناس أصبحوا يرون فيهم أمرا يتعارض مع الإسلام"، بحسب محمد علي.
السعودية: حظر تام لكل ما هو أحمر اللون!
وتخشى بعض القوى الدينية في العالم العربي مما تسميه "انحلال المجتمعات الإسلامية" المحافظة من خلال تبني العادات الغربية وتقليدها، على غرار الاحتفال "بيوم فالنتاين". وفي سياق متصل أصدرت "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في السعودية قبل بضع سنوات قرارا بحظر الاحتفال بعيد الحب، الذي وصفته بأنه "يتعارض مع القيم الإسلامية". كما أصدرت حظرا يمنع المتاجر من بيع أي سلع أو بضائع لها علاقة بالاحتفال "بيوم فالنتاين"، وخاصة بيع الورود الحمراء إلى حد أن الأمر وصل إلى منع كل ما قد يشير من قريب أو بعيد إلى هذا العيد بما في ذلك اللون الأحمر. ولم يبق للسعوديين، الذي يرغبون في الاحتفال بعيد الحب دون رقابة، سوى السفر إلى الخارج أو الاحتفال بعيدا عن أعين الرقيب الديني. ويلجأ الشباب والشابات إلى التزود بالهدايا الخاصة بعيد الحب قبل أيام خوفا من المنع كما تقوم المحلات ببيع هذه الأشياء بسرية تامة. ورغم تلك الإجراءات وانتشار رجال "هيئة الأمر بالمعروف" إلا أن العشاق لايعدمون الحيلة في الاحتفال بعيد الحب والتقرب من الحبيب ولسان حالهم يقول إن أجمل لحظات الحب هي تلك اللحظات المسروقة من الرقيب.
الكاتبة: شمس العياري
مراجعة: عبده جميل المخلافي