عودة إيران الى طاولة الترويكا لم يثمر عن شيء
٣ مارس ٢٠٠٦يبدو انه كان من المبكر الحديث عن إمكانية لحل الخلاف حول الملف الإيراني حتى بعد التوصل الى "الاتفاق المبدئي" بين موسكو وطهران. فبعد عدة جولات من المفاوضات بين الجانبين تمسك الجانب الإيراني بموقفه في استمراره بعملية تخصيب اليورانيوم في منشآته النووية، رافضاً بذلك المقترح الروسي الذي ينص على تخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية. وبعد عدم التوصل الى اتفاق ملموس مع موسكو اجتمع الوفد الإيراني المفاوض اليوم الجمعة في فيينا مع ممثلي الترويكا الأوروبية، في محاولة أخيرة لثني الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إحالة الملف الإيراني رسمياً الى مجلس الأمن في اجتماعها المقرر عقده يوم الاثنين المقبل. ورغم فشل المجتمعين في التوصل الى اتفاق ملموس، كما صرح وزيرا الخارجية الألماني والفرنسي، أعرب الجانب الإيراني عن تفاؤله من مواصلة المباحثات مع الترويكا الأوروبية يوم الاثنين القادم في الإطار المشترك الذي اتفقت عليه طهران مع موسكو.
مفاوضات بدأت بالفشل لتنتهي به
بعد أكثر من عامين ونصف من المباحثات التي جرت بين طهران والترويكا الأوروبية جمدت الدول الأوروبية الحوار مع إيران. فجولات المباحثات الكثيرة لم تسفر عن إقناع إيران بتجميد أنشطتها النووية في مجال تخصيب اليورانيوم، الذي يثير شكوكاً لدى الدول الغربية والولايات المتحدة بسعي إيران لتطوير أسلحة نووية من خلال برنامج سري لا تريد الكشف عن تفاصيله. انتهى هذا الاجتماع، الذي لم تعقد عليه أصلا آمال كبيرة، بعدم التوصل الى اتفاق ما لنزع فتيل ألازمة، سوى على استئناف المباحثات يوم الاثنين القادم. ولم يعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عقب انتهاء الاجتماع سوى عن أسفه لعدم التمكن من التوصل الى اتفاق. الجدير بالذكر ان عقد اللقاء جاء بناء على طلب إيراني ليضم كبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني من جهة ووزراء خارجية دول الترويكا الأوروبية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى. وقد حظر اللقاء الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا. ويرى بعض المحليين ان الطلب الإيراني نابع من حرص إيران، في محاولة أخيرة، لوقف القوة المحركة وراء قيام مجلس الأمن الدولي باتخاذ عقوبات ضد طهران. كما تحدث الكثير من المراقبين عن عدم وجود أية فرص للتسوية في ضوء مضي طهران على التعجيل بعمليات التخصيب. الجدير بالذكر ان بعض الدبلوماسيين الأوروبيين أعربوا قبل الاجتماع عن نيتهم إبلاغ لاريجاني مرة أخرى بضرورة وقف إيران لكافة أنشطتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بما في ذلك عملية تحويل خام اليورانيوم، التي تعتبر الخطوة الأولى في عملية التخصيب. ومن ثم إجراء مفاوضات جديدة بشأن تقديم حوافز تجارية ودعم اقتصادي لطهران.
اتهامات إيرانية وتفاؤل بمواصلة المباحثات
طهران التي أبدت تفاؤلها بمواصلة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية واتفقت على "إطار مشترك" حول ملفها النووي، اتهمت على لسان رئيسها محمود احمدي نجاد اليوم الجمعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحرك ضد بلاده انطلاقاً من "دوافع سياسية". وقال نجادي في ختام زيارة رسمية الى ماليزيا "ان تعاطي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس حكامها مع الجمهورية الإسلامية في إيران يتم بناء على دوافع سياسية محضة". كما انتقد نجاد في تصريحاته المنظمات الدولية "التي تحولت غالبيتها تحت تأثير القوى العظمى الى منظمات سياسية، الامر الذي يشكل عائقاً أمام اتخاذها قرارات عادلة ومشروعة." كما حمل كبير المفاوضين الإيرانيين الولايات المتحدة بوضع "العصي في دواليب الاقتراح الروسي" لإفشال المحادثات مع موسكو، متهماً إياها بالسعي لإحالة الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن، الامر الذي يعني "القضاء على المقترح الروسي"، كما جاء على لسان لاريجاني. ويعتبر بعض الخبراء ان هذه التصريحات لا تخرج عن مهادنة إيران للجانب الروسي الذي يطابق موقفه الموقف الغربي من حيث ضرورة تعليق تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية. يشار ان هذه المفوضات تتم بموازاة مفاوضات أخرى تخوضها ايران مع موسكو حول صفقة صواريخ جو-ارض من طراز "اس-300" يمكن استخدامها في حماية المواقع النووية الإيرانية.
إيران ليست بحاجة للطاقة النووية
نشرت اللجنة الاقتصادية في الكونغرس الأمريكي يوم أمس الخميس تقريرا أكدت فيه ان إيران لا تحتاج الى الطاقة النووية نظراً لحجم مواردها الهائل من الغاز والنفط. وصرح رئيس اللجنة جيم ساكستون عند تقديم التقرير ان مخزونات النفط والغاز الهائلة لدى إيران يمكنها تغطية حاجاتها من الطاقة لسنوات عدة بطريقة "مشروعة وقليلة التكاليف"، الامر الذي دعاه لتساؤل عن "سبب وجيه للبرنامج النووي الإيراني". الجدير بالذكر ان إيران تمتلك ثالث احتياطي معروف من النفط في العالم وثاني احتياط من الغاز الطبيعي، ولا تسبقها في ذلك سوى السعودية وكندا. كما ان إيران تعتمد على ما نسبته 80 الى 90 بالمئة من صادراتها النفطية في تغطية إنفاقها الحكومي. ورغم الدعوات لتخلي إيران عن برنامجها تقوم إيران باختبار ضخ غاز اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم لتنقية اليورانيوم لاستخدامه كوقود للمفاعلات النووية أو في صنع أسلحة، كما أنها تخطط لتركيب 3000 جهاز طرد مركزي في وقت لاحق هذا العام في خطوة نحو تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي.