اتفاق على إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن
يبدو أن النزاع بخصوص النووي الإيراني قد دخل مرحلة الحسم مع التصعيد الأخير. فقد تمخض اجتماع عقد الليلة في مقر إقامة وزير الخارجية البريطاني جاك سترو واستمر أربع ساعات عن رفع الملف المثير للجدل إلى مجلس الأمن. وشاركت في الاجتماع الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة الى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، بحسب بيان مشترك نشر ليلة اليوم الثلاثاء في العاصمة البريطانية لندن. على الصعيد نفسه، استطاعت الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية إقناع روسيا والصين لتغيير موقفيهما بعد وقوف موسكو وبكين لوقت طويل حائلاً أمام إحالة الملف الإيراني إلى الهيئة الدولية. وأوضحت الدول الخمس التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) أنه "يتوجب على مجلس الأمن أن ينتظر تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الموجه إلى مجلس حكام الوكالة (...) قبل اتخاذ أي قرار لتعزيز سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
يشار إلى أن القرار جاء بعد التوصل الى تسوية مع روسيا، حليفة إيران وشريكتها التجارية. وقال البيان إن الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا "اتفقت على ضرورة أن يرفع الاجتماع الاستثنائي للوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع إلى مجلس الأمن قراره حول الاجراءات المطلوبة من إيران". وقال البيان المشترك إن الاقتراح التوفيقي الذي تم التوصل إليه مع الصين وروسيا يقضي بتأجيل اتخاذ أي عمل إلى بعد اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في آذار/ مارس المقبل.
وجاء البيان الصادر بعد اجتماع وزراء الخارجية عقب قرار إيران الشهر الماضي عزمها استئناف الأبحاث الذرية بعد توقف لفترة تجاوزت عامين. ودعا بيان اجتماع لندن إيران مجددا لوقف الأبحاث الذرية التي أدت الى قيام طهران بفض أختام الأمم المتحدة في منشأة لتخصيب اليورانيوم يمكن استخدامها في أنتاج مواد لصنع قنبلة ذرية.
"حق لا رجعة عنه"
وكرد فعل على الاتفاق، رفضت إيران التي يبدو أنها قد خسرت رهانها الروسي-الصيني، اليوم الثلاثاء القرار الذي توصلت إليه الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن. وقال غلام رضا اغازاده رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، إن القرار لا يستند على أي "أساس قانوني". وأوضح اغازاده في تصريحات صحفية أن الأوروبيين "لن يتمكنوا من إيجاد أساس قانوني في إطار نظام الوكالة الدولية للطاقة الذرية" لكي يتمكنوا من إحالة الملف الإيراني الى مجلس الأمن،" معتبراً أن هذا "يشكل أكبر صعوبة" يواجهها الأوروبيون. ولكن اغازاده قال إنه "يرى من الممكن إيجاد حل دبلوماسي للخروج من هذه ألازمة،" الأمر الذي يصطدم بموقف الترويكا الأوروبية التي ترى أن المحادثات مع الإيرانيين قد وصلت الى طريق مسدود، كما جاء على لسان وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي.
من جانب آخر، صرح نائب رئيس مجلس الأمن الوطني الإيراني جواد فاييدي للتلفزيون الرسمي الإيراني أن قرار استئناف نشاطات البحث النووي في مجال تخصيب اليوارنيوم "لا رجعة عنه،" معتبراً أن نشاطات البحث "حق أيراني غير قابل للتصرف". وأضاف أن إيران "لن تذعن للمطالب الغربية بوقف أبحاثها النووية".
والجدير بالذكر أن مسؤولين إيرانيين كانوا قد أوضحوا من قبل أي تحرك من شأنه إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن سوف لا يدفعها إلى الحد من تعاونها مع مفتشي الأمم المتحدة فحسب، بل إلى استئناف تخصيب اليورانيوم. ولكن عيدي قال هو الأخر إن بلاده ما تزال مستعدة لإجراء "محادثات منطقية وبناءه" مع الاتحاد الأوروبي.
أما روسيا، التي يخامرها شعور بالذنب لتخليها عن شريكتها التجارية، فقد سعت اليوم الثلاثاء إلى التقليل من أهمية الاتفاق بين الدول الخمس الدائمة العضوية في تصريح أوردته وكالة الأنباء الروسية ايتار تاس عن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل ترويانسكي. إذ قال ترويانسكي إن الدول الخمس اتفقت على "مجرد إطلاع" مجلس الأمن على نتائج الاجتماع الطارئ الذي سيعقده مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثاني والثالث من شباط/فبراير. كما أضاف أن الاتفاق يقضي بـ"تأجيل أي تحرك محتمل (للمجلس) إلى آذار/مارس على اقرب تقدير عند انعقاد اجتماع جديد لمجلس حكام الوكالة".
كما أوردت وسائل إعلامية اليوم الثلاثاء أنباء عن تحركات دبلوماسية بين روسيا والصين من جهة وإيران من جهة أخرى، إذ قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن دبلوماسيين من روسيا والصين سيزوران إيران قريبا من أجل شرح الاتفاقيات التي أُقرت في لندن إضافة الى العمل على دفعها للتعاون مع الوكالة الدولية.
النفط الإيراني
وفي موضوع ذا صله، أشار وزير الطاقة الليبي فتحي عمر بن شتوان الذي يشارك في اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في العاصمة النمساوية فيينا الى أن إحالة الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن "سيترتب عليه تأثير خطير على سعر النفط." ولكن وزير النفط الإيراني كاظم وزيري قال اليوم الثلاثاء إن إيران ليست لديها خطط لوقف صادرات النفط وإنه لا يرى مبرراً لوقف صادرات بلاده النفطية، معتبراً أنه ليست هنالك من صلة بين تلك القضية وصادرات النفط الإيرانية. ومن الممكن أن يفرض مجلس الأمن عقوبات اقتصادية على طهران، ولكن يبقى من المبكر التنبؤ بموافقة روسيا والصين على قرار أممي بفرض عقوبات اقتصادية على طهران.