عمليّات التجميل في لبنان - بين ضرورة الواقع وتأثير الإعلام؟
١٢ مارس ٢٠١٣بدأت عمليات التجميل في لبنان تتخذ منحىً تصاعدياً في ظل إقبال النساء والشابات اللبنانيات عليها بشكل غير مسبوق. فقد اكتسب قطاع الطب التجميلي في هذا البلد شهرة كبيرة حتّى في البلدان العربية والمنطقة، وذلك يعود إلى سمعة الأطباء اللبنانيين والنظرة العالمية المأخوذة عن المرأة اللبنانية في الاهتمام الكبير بمظهرها. وباتت لبنان اليوم البلد الثاني بعد البرازيل عالمياً من حيث عدد العمليات التجميلية التي تجرى فيه. فماذا يحرك إقبال اللبنانيات ويحفزهن على القيام بعمليات التجميل المتعددة. DW عربية استطلعت آراء بعض الفتيات والمتخصصين في المجال.
للضرورة أحكام
دانة تقول إنها قامت بالعديد من العمليات الجراحية وترفض مقولة أنها تحاول من خلال العمليات التشبه أو تقليد إحدى الفنانات أو المشاهير. لكن الشابة ذات الـ26 ربيعاً تعترف أن مقتضيات الحياة -كما تسميها- جعلتها تدخل من الباب الواسع نحو عالم الجراحة التجميلية. وتوضح دانة قائلة: "لطالما أحببت الانضمام لعالم عرض الأزياء والتصوير، فكنت أدق أبواب الوكالات والشركات المتخصصة. لكن ألقى إجابات غير متحمسة، إذ يطالبونني هناك بمقاييس معينة لأتمكن من ممارسة عرض الأزياء".
وتضيف أن الحل كان من خلال عمليات تجميل قامت "وساهمت في تغيير رأي وكالات العرض ومكنتني من الفوز بعروض للتصوير كعارضة محترفة". وترى دانة أن العمليات في بعض الأحيان ضرورية للنجاح في العمل وأنها لا تسعى وراء مقاييس جمالية بحد ذاتها "بمقدار ما أسعى للاستمرار في مسار مهني يرتكز على جمال المرأة".
عدم تقبل للنفس وتأثير الإعلام
من جهتها لا تؤيد رنا عربي (27 عاماً) عمليات التجميل إذا "لم تكن في محلّها". وتوضح أنها ضد هذه الممارسات التي تحول النساء إلى مستنسخات بنظرها، مضيفة بالقول: "كل إنسانة ولدت بميزة شكلية خاصة يجب المحافظة عليها لكن إذا وجد تشوه خلقي كبير فيستحسن التحسين لا التغيير الكامل. فمهما عملت المرأة على تغيير شكلها فذلك لن يؤثر في شكل أولادها الذين سيشبهونها حتماً قبل أن تقدم على عمليات التجميل". وترى عربي أن المشكلة عائدة لعدم تقبل النساء والشابات شكلهن، فيسعين لتغيير مظهرهن بالطرق المختلفة وتشرح أنهن غالباً ما يفعلن ذلك "إرضاء للحبيب أو البيئة التي تحيط بهن وليس انطلاقاً من قناعة ذاتية".
من جانب آخر، تقرّ عربي بأهمية المظهر الذي "يترك الانطباع الأول لدى الغير، وللأسف فالشكل يعطى التركيز الأكبر في لبنان في ظل العمل المركّز للإعلام على إعطاء صورة معينة عن المرأة"، لذا فالمشاكل الخلقية تؤثر بشكل كبير على الحالة الاجتماعية للشخص وخاصة المرأة في هذا البلد.
حلقة مفرغة وإدمان
بالحديث مع نساء عربيات يقمن بعمليات تجميل في لبنان تكشف فاطمة من الإمارات العربية المتحدة أنها تقصد لبنان للخضوع لعمليات تجميلية، لأنها سمعت من صديقاتها "أن الأطباء اللبنانيين هم من أفضل الأطباء في المنطقة بهذا المجال". وتعترف فاطمة أنها خضعت لأكثر من خمس عمليات على أيدي أطباء تجميل لبنانيين وهي لا ترى عيباً في العدد، لكنها تلاحظ أن ذلك أصبح نوعاً من الإدمان لديها وأنها كلما أجرت عملية تريد تغيير المزيد في شكلها.
استشراء المنافسة...
من جانبه يشير الدكتور اسكندر، المتخصص بالطب التجميلي، أن التقنية الحديثة دخلت في عمليات التجميل بشكل بارز. ويؤكد أن النساء يقبلن بشكل غير مسبوق إلى العيادات التجميلية ويطلبن تنفيذ عمليات تمنحهن الشكل العصري وإن كانت الطلبات في غالب الأحيان غير واقعية. ويوضح الطبيب اللبناني قائلاً: "هناك فتيات يردن أن تكون أنفهن كأنف فنانة ما أو جسد ممثلة معروفة وذلك بغض النظر عن تكاليف العملية، التي على الأرجح لا تكون في متناولها".
لكن الطبيب اسكندر يلاحظ كثرة العيادات التجميلية في لبنان في الفترة الأخيرة، مما يترك الباب مفتوحاً أمام الاستغلال التجاري للنساء اللواتي يقبلن بشكل ملفت على مختلف المراكز سعياً لاكتساب مظهر أفضل. وفي هذا المجال يشدد على توجيه وتنبيه النساء والفتيات إلى ما يمكن فعله لتحسين شكلهن وعدم تشجيعهن على إجراء عمليات غير ضرورية.
تدابير أبسط من دون جراحة
وفي هذا السياق توضح مستشارة المظهر المعروفة رنا صعب، والتي عملت مع العديد من المشاهير العالميين والمحليين بما في ذلك الممثلة إيفا لونجوريا والفنّان رامي عياش، أنه يجب على النساء اللبنانيات عموماً والشابات خصوصاً عدم إجراء عمليات التجميل لتحسين صورتهن، إلا إذا لزم تحقيق تناغم الشكل الخارجي. وتصف "التدابير المتطرفة" التي تقصدها بعض النساء هذه الأيام لتحسين مظهرهن، بـ"الأمر المخيف"، حيث تلاحظ وجود عدد كبير من النساء اللواتي يشبهن بعضهن، مما ينفي الغرض الأساسي من عملية التجميل وهو "الحصول على مظهر استثنائي وملفت".
وتقول صعب: "أود أن أشدد أن هناك أساليب أبسط من ذلك بكثير يمكن استخدامها للعمل على تعزيز صورة ومظهر المرأة وإحدى الخيارات هي الاستعانة بخدمات مستشار المظهر والتدريب". وتكشف السيدة صعب في هذا السياق إلى تنامي طلب النساء اللبنانيات على خدمات واستشارات المظهر ولم يعد الأمر محصوراً فقط بالأجانب والأوروبيين الذين اعتادوا توظيف المستشارين والمدربين.
وتوضح مستشارة المظهر أن "الهدف الأساس من العمل مع خبير استشاري للصورة هو تحقيق التقدّم في حياة المرأة الشخصية والمهنية". وقد تلجأ النساء في البداية للمستشار لعدد من الأسباب التي لها علاقة بالمقاييس الجمالية المحضة، لكن في النهاية سوف تكتشف أن ما تبحث عنه هي وسائل لزيادة مستوى الثقة بالنفس والسيطرة على نمط حياتها.
وتؤكد أن الفرق بين خدمات مستشار المظهر وجراحة التجميل هي أن المستشارين يعملون مع النساء أو الرجال لتحسين مظهرهم "من خلال التعليم وتزويدهم بالوسائل التي تجعلهم يبدون بأفضل شكل خارجي وإظهار أسلوبهم الفريد في حين تعتبر الجراحة أداة لتغيير أو إصلاح جزء من الجسم، قد تنجح أو تفشل في تحسين صورة المرأة".