أسطورة الفيتامينات الصناعية ومحاربة الشيخوخة
٣٠ يناير ٢٠١٣ما يسمى بالضغط المؤكسد في الخلايا يعتبر واحدا من أسباب أمراض كثيرة مرتبطة بالتقدم في العمر، مثل الخرف وأمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان. يحدث الضغط المؤكسد عندما تدخل مواد مؤكسدة مسببة لردات فعل إلى داخل الخلية. إنها جزيئات فيها ذرات أوكسجين زائدة وتريد التخلص منها. ثم تتفاعل ذرة الأوكسجين الحرة مع جزيء البروتين في الخلية. وبهذه الأكسدة يمكن للبروتين أن يتغير ويتلف، وهو أمر ضار للخلية.
وتتكون المواد المؤكسدة في الخلية عبر عملية تنفس الخلية، ولكن أيضا من خلال السموم البيئية مثل دخان السجائر الذي يجلب مواد مؤكسدة إلى الجسم، يوجد منها ما يربو على عشرة أنواع، أشهرها الأوزون (O3) مثلا أو الجذور الحرة المتواجدة كبقايا غازات في الهواء المحيط. وكذلك بيروكسيد الهيدروجين (H2O2)، وهو الذي يستخدم غالبا على شكل سائل في مستحضرات التجميل، كعامل مطهر أو للتبييض.
الفيتامينات تحارب الأوكسيدات
ولذلك كان العلماء يعتقدون سابقا بأن تناول ما يسمى بمضادات الأكسدة يحمي الإنسان. وهذه المضادات تتفاعل مع المؤكسدات ويفترض أن تنجح في جعلها غير ضارة. ومن المواد المضادة للأكسدة المعروفة فيتامينات Cو Eمثلا وكذلك بيتاكاروتين (بروفيتامين A).
الأطباء متفقون على أن تناول هذه المواد ضمن نظام غذائي متوازن أمر مفيد. ولكن المواد المضادة للأكسدة المتوفرة على شكل حبوب لا يمكن أن تساعد - كمكمل غذائي - ضد الشيخوخة، كما تؤكد إيزابيل كيلر من الجمعية الألمانية للتغذية: "لدينا دراسة جيدة طويلة المدى لم تثبت أي تأثير إيجابي". ثم تضيف كيلر: "وبالتالي لا يمكن عبر تلك الأدوية كبح الأمراض. بل على العكس: هناك للأسف خطر أكبر في حدوث سرطان مثلا".والسبب في ذلك عثر عليه الآن أحد علماء الكيمياء الحيوية من مدينة هايدلبرغ: هناك خلايا ربما لا تحتاج إلى أي دعم. إنها تتعامل من تلقاء ذاتها بشكل جيد مع ضغط الأكسدة.
سجن الخلية
توبياس ديك من مركز أبحاث السرطان الألماني استطاع أن يظهر كيف يتم ذلك: الخلايا تحمي نفسها بنفسها بمركب مضادة للأكسدة تنتجه ذاتيا يدعى الغلوتاثيون. وعند تفاعل الغلوتاثيون مع المؤكسدات الغازية، تقوم الخلية بعزل منتج الأكسدة الناتج عن ذلك وتغلقه كنوع من إجراءات الأمان. وفي وقت لاحق يمكن للخلية أن تتخلص ببطء من الأكسدة.
يقول ديك: "كنا حتى الآن نعتقد بأنه كلما زاد الغلوتاثيون المؤكسد في الخلية، كلما زاد ضغط الأكسدة أكثر"، ولكن ذلك كان خطأ: "لقد وجدنا الآن أن هذا الربط ليس صحيحا". فقد ثبت بحسب عالم الكيمياء الحيوية ديك بأن الخلايا كانت أكثر مقاومة وأكثر ثباتا في مقاومة الأكسدة مما كان يعتقد في السابق.
الباحث الألماني اكتشف بذلك ناقلا مسؤولا عن إبعاد الغلوتاثيون المؤكسَد، وهذا يعطي الأمل بإمكانية أن يؤثر على عملية النقل بشكل صيدلاني. وهذا يتيح بالتالي الإمكانية لجعل الخلايا أكثر مقاومةً للأكسدة أو أقل مقاومةً - إذا كان هناك حاجة - كما في حالة علاج السرطان مثلا.
الفواكه والخضروات أكثر فائدة
ولكن الجسم يبقى رغم ذلك بحاجة للمواد المضادة للأكسدة، ويمكن الحصول على ما يكفي منها عبر إتباع نظام غذائي صحي. "التأثير الإيجابي للفواكه والخضروات تم إثباته بوضوح"، كما تقول خبيرة التغذية إيزابيل كيلر. بالإضافة إلى الفيتامينات تحتوي الفاكهة من جميع الأنواع على مواد صحية أخرى كالفلافونويد مثلا. إنها مواد ملونة موجودة في التوت والبرتقال والتفاح والجزر.
كيلر تنصح بتناول الفاكهة والخضار خمس مرات في اليوم: الشخص البالغ يكفيه حوالي 400 غرام خضروات و 250 غرام من الفاكهة "يمكن تحقيق ذلك بتناول الفاكهة على الفطور مثلا، وعلى وجبتي الغداء والعشاء يتناول السلطة أو الخضروات المطبوخة"، وتؤكد كيلر بأنه إذا طبق ذلك "فلن تكون هناك حاجة للمكملات الغذائية".
ولكن هناك بعض الاستثناءات تكون فيها المكملات الغذائية مفيدة جدا، ولكن هذه المكملات ليست مواد مضادة للأكسدة: مثل ملح الطعام المزود باليود والفلور. كما أن هناك فيتامينات معينة ليست من المواد المضادة للأكسدة، ويحتاجها بعض الأشخاص في حالات محددة، كما تقول كيلر: "النساء الحوامل والنساء اللواتي يرغبن في الحمل، ننصحهن بتناول حمض الفوليك (فيتامين Bمعقد)".
هذه المادة يمكن أن تقلل من خطر الإصابات في الرأس والعمود الفقري لدى الجنين والطفل الرضيع. فيتامينا Kو Dضروريان للأطفال في سنواتهم الأولى. والفيتامين الأخير قد يكون مناسبا أيضا للبالغين الذين لا يتلقون ما يكفي من أشعة الشمس، لأن بناء هذا الفيتامين في الجسم يحتاج لتعرض الجلد للشمس.