عملية "نتانيا" الانتحارية: الفعل وردود الفعل
في أول رد فعل على عملية نتانيا، قام الجيش الإسرائيلي اليوم بإعادة السيطرة على مدينة طولكرم التي كانت إسرائيل قد سلمتها إلى السلطة الفلسطينية في أواخر آذار/مارس، وذلك بموجب اتفاق شرم الشيخ، كما نفذ الجيش إغلاقا كاملا على الضفة الغربية وقطاع غزة وقتل شرطيين فلسطينيين. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون قد أعلن انه طلب من قوات الأمن استهداف قادة حركة الجهاد. وقد تعهد شارون بالانتقام للضحايا وعائلاتهم وأعلن أنه قد أمر قواته " بضرب قيادات الجهاد الإسلامي وعدم التوقف إلا عندما يتوقفون هم عن جرائمهم الإرهابية"، على حد تعبيره.
إسرائيل تتهم...
وقد اتهمت إسرائيل السلطة الفلسطينية "بعدم القيام بشيء لمكافحة الإرهاب" وقال مسؤول قريب من رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون إن "هذا الاعتداء يجسد مرة جديدة عجز السلطة الفلسطينية التي لا تقوم بأي شيء عن مكافحة الإرهاب". واستبعد المسؤول "في هذه الظروف" تسليم الفلسطينيين مهام الإشراف الأمني على مدن في الضفة الغربية كما وعد شارون خلال قمة شرم الشيخ في مصر التي جمعته مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في شباط/ فبراير الماضي. إلى ذلك ألغت إسرائيل اجتماعا أمنيا كان مقررا عقده بين وزير الدفاع شاؤول موفاز ووزير الشؤون المدنية الفلسطيني محمد دحلان.
وكان انتحاريا قد نفذ أمس هجوما في مركز تجاري في مدينة نتانيا قرب تل أبيب مما أسفر عن مقتل أربعة وجرح حوالي 30 حالة عدد كبير منهم في خطرة، حسب ما أفادت مصادر إسرائيلية. وقد تبنت حركة "الجهاد الإسلامي" العملية. وتعد هذه العملية الانتحارية الثانية في إسرائيل منذ 25 شباط/فبراير عندما استهدفت عملية ناديا ليليا وأدت إلى مقتل خمسة إسرائيليين بالإضافة إلى منفذ العملية.
وجاءت العملية بعد وقت قصير من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون العزم على مواصلة السيطرة الإسرائيلية الكاملة على إي جزء من الأراضي الفلسطينية التي لم يأت نص عليها في اتفاقات اوسلو خصوصاً في الضفة الغربية، مؤكدا أن إسرائيل لن تنفذ عمليات انسحاب أخرى من الأراضي الفلسطينية بعد تنفيذ خطة "فك الارتباط" الإسرائيلية وانه " لن يكون هناك فك ارتباط أخر"
...والسلطة الفلسطينية تدين
من ناحيتها دانت السلطة الفلسطينية على لسان رئيسها محمود عباس العملية وتوعد عباس بمعاقبة مرتكبي هذه "الحماقة"، معبرا في الوقت ذاته عن تعاطفه مع عائلات القتلى والمصابين، كما دعا جميع الفصائل الفلسطينية إلى اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات الهجوم. من جانبه قال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين "ندين هذه العملية ومن يقف وراءها يهدف إلى تدمير الجهود التي تبذل من أجل جعل فك الارتباط من غزة جزءا من خارطة الطريق سلميا ومنظما".
وأمريكا: عين على سوريا وأخري على إيران
على الصعيد الدولي دانت الولايات المتحد الأمريكية بشدة عملية نتانيا. واعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندواليزا رايس أن العملية "موجهة ضد الشعب الإسرائيلي" و "ضد تطلعات الشعب الفلسطيني"، ودعت رايس سوريا إلى وقف دعمها " للمنظمات الإرهابية"، وقالت في بيان " من المهم أن توقف الحكومة السورية دعمها للمنظمات الإرهابية، ولاسيما تلك التي تتخذ من دمشق مقرا لها". وأضافت رايس من جهة ثانية أن القيادة الفلسطينية "كانت واضحة في إدانة لهجوم وعلينا الآن أن نرى أفعالا تتضمن رسالة مفادها بأنه لن يتم التسامح مع الإرهاب". من جانيه طالب المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان السلطة الفلسطينية بالتحرك لتفكيك الجماعات المسلحة ومنع وقو مثل هذه الهجمات. وكان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قد قال في وقت سابق من يوم الثلاثاء " لا أريد أن أوحي باني اعرف شيئا عن هجوم اليوم لكن من الواضح أنه من الأهداف المستمرة والمعلنة لإيران لإلحاق الأذى بإسرائيل"
تنديد دولي بالجدار العازل
من ناحية أخرى تتكشف الأهداف الخفية من بناء الجدار الذي تبنيه إسرائيل بزعم حماية أمن إسرائيل ومنع تسلل منفذي العمليات الانتحارية إليها. ومن هذه الأهداف التي اعترف بها أيضا مسؤولون إسرائيليون هي تغيير الملامح الجغرافية والديموغرافية لمدينة القدس وعزلها عن محيطها الفلسطيني ثم تهويدها وخلق أمر واقع على الأرض، وهو الأمر الذي تسعى إليه إسرائيل منذ زمن بعيد.
ويلاقي بناء الجدار العازل انتقادات دولية ومطالبات بوقفه لما قد يشكل ذلك من عزل للفلسطينيين المقيمين في القدس، إلا أن ذلك لم يمنع إسرائيل من الاستمرار في بناء الجدار. فبعد أن طالب الاتحاد الأوروبي على لسان منسق الشؤون الخارجية للاتحاد خافير سولانا، حث الأمين العام للأمم المتحدة إسرائيل على وقف بنا الجدار العازل الذي من شأنه أن يعمل على عزل عشرات آلاف الفلسطينيين المقيمين في القدس، حسب اعتراف إسرائيل نفسها.
تقرير: عبده جميل المخلافي