على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا.. شولتس يزور إسرائيل
٢ مارس ٢٠٢٢تحتل الحرب بين أوكرانيا وروسيا مركز الصدارة في الاهتمامات داخل إسرائيل. يراقب الكثيرون وخاصة الجاليتين اليهودية الأوكرانية والروسية، الأزمة بردود فعل متباينة.
ترتبط إسرائيل بعلاقات ثقافية مع كل من روسيا وأوكرانيا التي يرأسها رئيس يهودي، وبالنسبة للكثيرين، فإن الحرب تضرب الوطن.
تقول فيكتوريا لوري لـ DW: "أنا لست بخير على الإطلاق. الوضع معقد وصعب للغاية". قبل اثني عشر عامًا، في سن الحادية والعشرين، هاجرت فيكتوريا إلى إسرائيل بعد أن نشأت في ميليتوبول، وهي بلدة في جنوب شرق أوكرانيا. لا يزال والداها وأقاربها وأصدقاؤها هناك.
تقول: "جئت إلى عملي أمس، ولا يمكنني فعل أي شيء، أجلس هناك وأبكي. عندما يتعرض الجميع للنيران، يتوقف قلبي. إنه أمر يؤلمني كثيرًا". الآن، تحاول فيكتوريا إخراج عائلتها من أتون الحرب، لكن كل الطرق المتاحة محفوفة بالمخاطر.
على المستوى السياسي، تسير الحكومة الإسرائيلية على خط رفيع من خلال الحفاظ على العلاقات مع كل من روسيا وأوكرانيا - والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، حتى إنه تم اقتراح إسرائيل كوسيط في الصراع بسبب هذا الموقف.
وتحدث رئيس الوزراء نفتالي بينيت عبر الهاتف يوم الأحد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. في وقت سابق يوم الجمعة، كان على الخط مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ومع ذلك، فإن وسائل الإعلام المحلية تناقش ما إذا كان بإمكان بينيت الحفاظ على هذا التوازن الدقيق لموقف بلاده السياسي من طرفي النزاع.
الزيارة الأولى كمستشار
وسط هذه الأجواء المتوترة، من المتوقع أن يصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى إسرائيل يوم الأربعاء (الثاني من مارس/ آذار 2022) في زيارة سريعة ليوم واحد، وهي الأولى له منذ توليه منصبه كمستشار لألمانيا. ومن المقرر أن يلتقي شولتس بالقادة الإسرائيليين، كما سيقوم بزيارة الكنيست الإسرائيلي، والنصب التذكاري للهولوكوست في القدس، برفقة بينيت.
وبحسب المعلومات المتوافرة كان من المتوقع أن يسافر شولتس إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية وإلى الأردن أيضًا، لكن برنامج الزيارة تغير بسبب الحرب في أوكرانيا. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يواصل شولتس السياسة الخارجية للمستشارة السابقة أنغيلا ميركل.
لطالما تم تحديد العلاقات الألمانية-الإسرائيلية من خلال الهولوكوست، حيث قتل الألمان ستة ملايين يهودي بشكل منهجي. ولكن منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1965، توطدت العلاقات بين البلدين - سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وأيضًا من حيث التعاون العسكري.
إيران على جدول الأعمال
وبخلاف الحرب الجارية في أوكرانيا، سيحتل البرنامج النووي الإيراني أيضًا أولوية كبرى في جدول الأعمال. يقول داني أورباخ، المؤرخ في الجامعة العبرية في القدس: "أعتقد أنه (المستشار شولتس) سيرغب في التحدث عن أوكرانيا، وستحاول إسرائيل التحدث عن إيران".
ويضيف: "هذه هي القضية الأكثر إلحاحًا. أعتقد أن ما تريده إسرائيل حقًا من ألمانيا هو اتخاذ موقف أكثر صرامة من إيران، خاصة عندما يتعلق الأمر بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني)، والشؤون الإيرانية بشكل عام."
وفي الوقت الحالي تجري محادثات مع إيران في فيينا لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015. تقوم المملكة المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بإجراء محادثات مباشرة مع نظيرتها الإيرانية، أما الولايات المتحدة - التي انسحبت من الاتفاقية في 2018 - فتعد شريكا غير مباشر في المحادثات. في إسرائيل، هناك قلق من أن الأزمة الحالية في أوكرانيا قد تلقي بظلالها على المفاوضات.
وقال رئيس الوزراء بينيت مراراً إن إسرائيل - التي ليست طرفاً في المحادثات - لن تكون ملزمة بأي اتفاق. ويعد التجديد المحتمل للاتفاق النووي هو أحد القضايا القليلة التي تختلف فيها الحكومتان الألمانية والإسرائيلية.
تنسيق المساعدات الإنسانية
من الواضح - مع ذلك - أن المسألة الأوكرانية هي الأولوية الأكثر إلحاحًا. في الأسبوع الماضي، التقى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، لمناقشة النزاع. وقال رئيس الوزراء بينيت يوم الأحد إن حوالي 100 طن من المساعدات مثل المعدات الطبية والخيام والبطانيات وأدوات تنقية المياه وأكياس النوم ستغادر إسرائيل إلى أوكرانيا في الأيام المقبلة.
وفي الوقت الذي أعربت فيه إسرائيل عن قلقها بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد تجنبت حتى الآن اتخاذ موقف من شأنه أن يكون وثيق الصلة بأي من الجانبين. فيما امتنع رئيس الوزراء نفتالي بينيت عن انتقاد روسيا في تصريحاته.
من ناحية أخرى، وجه وزير الخارجية يائير لابيد كلمات أشد قسوة، واصفاً الهجوم الروسي بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي". علاوة على ذلك، من المتوقع أن تدعم إسرائيل قراراً يدين الغزو الروسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويبدو أن ذلك يرجع جزئياً إلى حاجتها للتنسيق مع روسيا في سوريا المجاورة، حيث يُزعم أن إسرائيل تنفذ ضربات عسكرية لمنع ترسيخ القوات الإيرانية أو الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها بالقرب من حدودها الشمالية.
يقول المؤرخ داني أورباخ: "الحكومة الإسرائيلية ممزقة بين هاتين المصلحتين المتعارضتين، من ناحية كونها جزءا من التحالف الغربي، وكونها متحالفة مع الولايات المتحدة".. "من ناحية أخرى، فهي حريصة للغاية على عدم تقويض التنسيق [العسكري] مع روسيا في سوريا".
تحاول إسرائيل الآن - مثل البلدان الأخرى - مساعدة مواطنيها على مغادرة أوكرانيا إلى البلدان المجاورة، وقد عينت موظفين دبلوماسيين للمساعدة في إتمام تلك المهمة في كل من بولندا ومولدوفيا والمجر ورومانيا. كما تتوقع أن يهاجر عدد كبير من الأوكرانيين إلى إسرائيل بموجب القانون الإسرائيلي لعودة الأشخاص المنحدرين من أصل يهودي.
تانيا كرايمر/ع.ح.