علامة استفهام حول انطلاقة جديدة مع إيران تحت قيادة بايدن
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٠فور تحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني بكل حذر عن المستقبل المحتمل للعلاقات الإيرانية الأمريكية، روج الموقع الإلكتروني الإيراني المحافظ "جهان نيوز" لبعض تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قآني، الذي أعلن أن "الساسة الأمريكيين يتسمون بالجهل، كما أنهم جبناء ولم يخجلوا من إلغاء توقيعهم الشخصي أمام العالم"، مضيفا "هم غير قادرين على خوض مفاوضات".
وبهذا كشف قائد وحدة النخبة الإيرانية للتدخلات في الخارج بصفة غير مباشرة عن موقفه من مخططات رئيسه، بمعنى أنه يوافقه قليلا أو لا يوافقه تماما. فبعد أيام قليلة من الانتصار الانتخابي لجو بايدن مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني، بعث روحاني بعرض حوار حذر في اتجاه البيت الأبيض. وأعلن أنه يرحب "بأجواء العلاقات الوثيقة والأعمال المتبادلة مع جميع البلدان الصديقة"، كما قال روحاني في كلمة حكومية في الـ 11 نوفمبر/ تشرين الثاني. وفيها توجه بشكل غير مباشر إلى القائد المستقبلي في البيت الأبيض فقال: "يمكن لنا الآن الانتقال ببطء من موقع التهديدات إلى موقع الفرص"، وعلى إثرها سيكون من الممكن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على بلده، حسبما يعتقد روحاني.
حاجة ملحة للحوار
وإذا ما أراد زعماء الدولتين بعد تولي بايدن زمام الحكم التقارب من بعضهما البعض، فبإمكان الدول الأوروبية مساعدتهما في ذلك بشكل فعال، كما كتبت "إِلي غرانمايه" من مركز أبحاث "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية". لكن يجب على جهود الوساطة الأوروبية أن تبدأ فورا. فإذا أمكن إنقاذ الإشارات الإيجابية خلال الوقت الحرج لتغيير الحكومة في واشنطن، فستكون هناك فرصة جيدة لإصلاح الاتفاق النووي الذي ألغاه ترامب في 2018 من جانب واحد، كما أوضحت غرانمايه. لكن إيران ترفض حاليا تقديم معلومات كاملة حول برنامجها النووي. وهذا هو الشرط الأساسي لمثل هذه البداية الجديدة.
وأشارت غرانمايه إلى أن الأمر لا يرتبط فقط بالفترة الانتقالية في الولايات المتحدة، بل بالتنفيذ الكامل للاتفاقية النووية من عام 2015، وهو ما يجب ضمانه قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2021، لأنه من الممكن أن يأتي الرئيس الجديد من صفوف المتشددين المحافظين المراهنين على التباعد أو المواجهة مع الولايات المتحدة. وتفاهم قبل هذا الموعد سيكون إيجابيا بالنسبة إلى تطور العلاقات، كما تفيد غرانمايه. "الانضمام الجديد للولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية قبل يونيو/ حزيران 2021 قد يساهم في دعم الديناميكية السياسية في إيران لصالح دبلوماسية مستمرة مع الغرب". ويبدو أن روحاني اعتمد هو الآخر هذا المنطق. وفي كلمته الحكومية طالب روحاني "بعدم التضحية بالمصالح الوطنية في الحملة الانتخابية".
متشددون في كلا الجانبين
وهذه المقاربة المدفوعة من قبل روحاني والمدعومة من وزير الخارجية محمد جواد ظريف هي محل جدل في الوسط السياسي في طهران."المحافظون يريدون أيضا إلغاء العقوبات، لكن في آن واحد يرغبون في عرض فترة حكم روحاني لثمان سنوات بأنها وقت ضائع"، كما ورد في تحليل للموقع الالكتروني "المونيتور". وبعبارات أخرى قد يحاول المحافظون تحقيق إلغاء للعقوبات ليس من خلال اتفاقية، وإنما عبر المواجهة مع الولايات المتحدة أو مع حلفائها في المنطقة.
والخطر المحدق بسبل التفاهم يأتي أيضا من المتشدد الحاكم في البيت الأبيض.
فترامب حسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" استفسر خلال لقاء مع كبار مستشاريه، بينهم وزير الخارجية بومبيو ورئيس هيئة الأركان الموحدة الجنرال ميلي حول "إمكانيات" شن هجوم على أكبر منشأة نووية لإيران، وربما تلك الموجودة في مدينة نطنز.
ويبدو أنهم تمكنوا من إقناع ترامب بالعدول عن مخطط هجوم صاروخي على الأرض الإيرانية، بحيث تم التخلي عن هذا المخطط، حسب اعتقاد المشاركين في اللقاء. لكن يبقى من المحتمل أن يستمر ترامب في البحث عن وسائل وطرق لتوجيه ضربة لحلفاء إيران والميليشيات الإيرانية.
مسرح الوكالة.. العراق
أما كيف يمكن أن تتطور الأمور في حال حصول تصعيد أمريكي إيراني، فهذا ما ظهرت نذره في منتصف الأسبوع المنصرم، عندما هاجمت الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران المنطقة الخضراء في بغداد بعدة صواريخ. وقبلها بأيام نشرت ميليشيا كتائب حزب الله التابعة لإيران في الانترنت صورة لنادي رياضة كمال الأجسام داخل السفارة الأمريكية في بغداد: كإشارة على أن الميليشيا لها معلومات قيمة حول أهداف هجمات إضافية.
وهذا يمكن فهمه كتحذير: ففي حال تمسك ترامب بمخططات هجوم على إيران، سيتوجب على الأمريكيين في العراق وفي بلدان أخرى في الشرق الأوسط التهيئ لمواجهة حرب عصابات معقدة. وفي سبتمبر/ أيلول حذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من أن الولايات المتحدة ستغلق سفارتها في بغداد في حال تعرضها لهجوم.
كرستين كنيب/ م.أ.م