عشر سنوات على مقتله.. ماذا تبقى من "الإرث الجهادي" لبن لادن؟
٢٧ أبريل ٢٠٢١بعد عشر سنوات على قتله على أيدي الأمريكيين، لم يبق الكثير من إرث أسامة بن لادن الذي كان أول من دعا الى الجهاد العالمي وأدرك أهمية الإعلام الدعائي.
وكان الرئيس الأمريكي الأسبق قد التفى في 28 نيسان/ أبريل 2011 بكبار المسؤولين في غرفة العمليات في البيت الأبيض الموجودة تحت الأرض. وفي صباح اليوم التالي، أعطى أوباما الضوء الأخضر للقوات الخاصة للقيام باغتيال بن لادن، في عملية وصفها المدير السابق لـ"سي آي أيه" جون برينان لفرانس برس بأنها "الأكثر صعوبة وسرية والأفضل تخطيطا" في مسيرته المهنية.
وقامت القوات الخاصة بتنفيذ العملية في يوم الأحد أول أيار/ مايو 2011، وقتل فيها بن لادن في باكستان. وألقى الأمريكيون جثة بن لادن في البحر، لمنع تحوّل قبره الى رمز لمعاداة الأمريكيين ومحجة للإسلاميين الجهاديين المتطرفين. ورغم أن قوة تنظيمه تراجعت الى حدّ كبير بعد مقتله ثم مقتل ابنه في وقت لاحق، إلا أنه يبقى رمزًا بالنسبة الى العديد من الجهاديين.
ويبقى بن لادن مؤسس الجهاد العالمي في العصر الحديث. وقد تمكّن من تجنيد عدد ضخم من العناصر في تنظيمه ومن تعبئة آخرين في دول أخرى غير أفغانستان حيث بدأ معركته ضد الأمريكيين، خصوصا لأنه أدرك أهمية السياسة الدعائية والترويجية لعقيدته.
يؤكد مدير مركز "صوفان" للأبحاث كولين كلارك أن الصورة التي رُوّجت له نجحت في تجنيد مقاتلين. ويقول "حتى وإن تعرّض للانتقاد أحيانا لتعلقّه بالإعلام، إلا أنه كان في الواقع مدركا لأهمية المنصات الإعلامية الرئيسية في بث رسالة القاعدة".
حوّل بن لادن مناطق الحرب التي قاتل فيها الى حقول تدريب وخصّص ثروته لتمويل مقاتلين في أفغانستان والشيشان، مرورا بالبوسنة والصومال. وخلق مجموعات عديدة غّذت الشبكات الجهادية في العالم.
عندما أرسل طائرات لتصدم برجي التجارة العالمية في نيويورك في 11 أيلول/سبتمبر 2001 وتقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، تحدّى بن لادن الولايات المتحدة وذلّها وأغرقها في حداد، وأثار الحماسة في المقابل في جيل من الجهاديين للتحرك ضد الغرب، ولو أنه عاش هو كل حياته مختبئا.
بعد عشرين عاما من الاعتداءات التي حملت توقيعه، تستعد الولايات المتحدة لمغادرة أفغانستان من دون أن تدعي النصر. ويقول كلارك إن بن لادن ضرب القوة العالمية الأولى، و"جرّها الى حرب استنزاف في أفغانستان لا يمكن أن تربح فيها".
ما بعد موته
تغيّر المشهد الجهادي بعد موت بن لادن. فلم تعد القاعدة التنظيم الجهادي العالمي الأول، بل أصبح تنظيم الدولة الإسلامية في الواجهة. ولم يتوحد التنظيمان، بل هما غالبا ما يتقاتلان عسكريا وعقائديا.
ويقول مؤسس الموقع الإلكتروني المتخصص بالشؤون الجهادية "جهادولوجي" آرون زيلين إن "كوادر تنظيم الدولة الإسلامية لا يزالون ينظرون بإعجاب" الى بن لادن، مضيفا أن التنظيم "يرى نفسه أحد الورثة الشرعيين لبن لادن".
لكن الكاتب غلين روبنسون الذي وضع مؤخرا كتابا عن الجهاد العالمي يرى أن بن لادن "بالنسبة الى كثيرين ينتمي الى الماضي".
وهناك انقسام حول الإرث العقائدي الذي تركه. ويرى بعض الجهاديين أن مهاجمة الولايات المتحدة على أرضها أعطت نتيجة عكسية. وكتب المنظر الجهادي أبو مصعب السوري في مقال نشر على حسابات جهادية على الإنترنت "إنها حماقة استراتيجية".
ويقول روبنسون "ينظر في أوساط كثيرة الى استراتيجيته باستهداف أمريكا أولا، العدو البعيد، على أنها خطأ كبير"، مضيفا "الدليل هو أن عددا قليلا جدا من الجهاديين ساروا على هذا الطريق".
واليوم، يقاتل فروع تنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصومال وبعض دول الشرق الأوسط، ولا ينفذون ضربات في الغرب. لا بل يحاولون أحيانا التجذّر في اللعبة السياسية المحلية، ويتمتعون باستقلالية كبيرة عن التنظيم المركزي بزعامة أيمن الظواهري.
ماذا جناه بن لادن على المسلمين؟
بالنسبة إلى المسلمين، وإن كانت فئة قليلة لم تتردّد في المجاهرة بتأييده بن لادن، لكن الأغلبية تؤكد أنه شوّه صورة الإسلام، ووسم المسلمين لدى بعض الأوسط عن غير حقّ ب"الإرهاب".
ويشكو كثير من المسلمين من أن هذه الحرب جعلت كل مسلم "متهما بالإرهاب حتى ثبوت العكس". وانعكس ذلك في التدابير في المطارات وإجراءات الحصول على تأشيرات دخول إلى الدول الغربية بالنسبة الى مواطني الدول ذات الغالبية المسلمة.
وجاء في دراسة لمنظمة "راند كوربوريشن" نفذت لصالح سلاح الجو الأمريكي ونشرت في العام 2020، أن بعض الحكومات رأت في "الحرب على الإرهاب" التي انضمت اليها، فرصة "لإضعاف المعارضة الإسلامية".
وأشارت الدراسة إلى أن بعض المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان أشارت الى "خطر" إقدام بعض الحكومات "على تجاوز الخط الذي يفصل بين المجموعات العنيفة وغير العنيفة، وذلك بهدف نزع الشرعية عن مجموعات معارضة سلمية وتبرير انتهاك حقوق الإنسان".
إ.ع/ص.ش ( أ ف ب)