صعوبات تواجه المشروع الألماني لإقامة جامعات نخبة
يعتبر التفوق العلمي والتقني عماد الاقتصاد الألماني. لذا فقد جاءت نتائج المقارنة العالمية لجامعات العالم "Academic Ranking of World Universities" صدمة للحكومة الألمانية حيث تراجعت فيها أفضل الجامعات الألمانية لتحتل المركز الخامس والأربعين. كان هذا هو الدافع الأساسي لسعي ألمانيا لتحسين مستوى جامعاتها والوصول بها لمستوى متقدم في المنافسة العالمية، وهو أمر جدير بدولة كانت تتربع على قمة التقنية.
ويرجع البعض التدهور في مستوى الجامعات لتبعيتها للحكومة وتعرضها للكثير من التحكم و القرارات البيروقراطية والتي تؤثر على مستوى البحث العلمي وتحد من إمكانية التعاون بين الأقسام المختلفة. وقد كان الوضع مختلفاً حتى منتصف الخمسينات حيث تمتعت الجامعات باستقلالية إلى حد كبير، وتفتحت لها مجالات البحث والتجربة بحرية أكبر.
جامعات نخبة حكومية
جاء اقتراح المستشار الألماني جرهارد شرودر الخاص بإقامة جامعات نخبة ألمانية خاصة على غرار الجامعات الأمريكية رداً على ما جاء به التقرير، غير أن الاقتراح قوبل بالرفض التام من قبل حكومات الولايات المختلفة. فأجريت تعديلات على الفكرة وتطورت من اقتراح جامعات نخبة خاصة إلى اقتراح جامعات نخبة تابعة للحكومة، وانطلق مشروع يمتد من عام 2006 إلى 2010 بتكلفة 1.9 بليون يورو (2.45 بليون دولار) لتطوير الهيئات الأكاديمية التابعة للحكومة كحل وسط. تتكفل الحكومة الفيدرالية ب75% من المبلغ بينما تكمل حكومات الولايات المختلفة بقية المبلغ. ومن المفترض أن يخدم المبلغ 10 جامعات مختلفة تختارها لجنة خاصة. وإلى جانب تمويل الجامعات، يطمح وزراء الثقافة والتعليم إلى تمويل أبحاث على مستوى عال في المواضيع ذات الأهمية العالمية من خلال دعم مجموعة من الباحثين الناشئين في الجامعات.
جدير بالذكر أن كثير من المعارضين لفكرة إقامة جامعات قمة حكومية يعتقدون أن هذه الجامعات ستضعف من فرص حصول الفقراء على التعليم، حيث أن الدراسة فيها لن تصبح مجانية. كما يعتقد بعض المراقبون أن خطوة كهذه ستتسبب في إحداث موجة من هجرة الطلبة من المدن التي تحتضن جامعات النخبة إلى تلك التي تضم الجامعات التقليدية، وهو الأمر الذي سيؤثر سلبياً على مدن جامعات النخبة ويفرغها من عدد هام من الكفاءات والكوادر المدربة.
ولاية هيسن تقف عائقاً أمام المشروع
لكن ولاية هيسين، ويحكمها الحزب الديمقراطي المسيحي، والذي يعارض هذا المشروع على مستوى الدولة، تقف عائقاً أمام تمرير المشروع الذي يشترط لقبوله إجماع حكومات كل الولايات. ويأتي رفض حكومة هذه الولاية خوفاً من تحجيم دورها وفقدان سيطرتها على القضايا التعليمية. ولكن رئيس وزراء هيسين رولاند كوخ تعرض للنقد الشديد حتى من بعض أعضاء حزبه أنفسهم والذين يجدون في هذا المشروع حلاً مناسباً. ودعا بيتر جيتجنز، رئيس جمعية رؤساء الجامعات الألمانية في تصريحه لمجلة "شبيجل" الألمانية ولاية هيسن إلى عدم إعاقة ألمانيا من اللحاق بمثيلاتها من البلدان الأخرى والعودة لمستوى المنافسة العالمية.