صحف أوروبية: تونس في مهب عاصفة سياسية
١١ فبراير ٢٠١٣حتى مع إعلان حزب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الاثنين (11 فبراير/ شباط) أنه سيبقى في الحكومة إلى حين استكمال محادثات من أجل تشكيل حكومة جديدة، تتفاقم الأزمة السياسية في البلاد التي تواجه انعكاسات اغتيال المعارض شكري بلعيد. وازداد الغموض بسبب الصراع المفتوح بين رئيس الوزراء حمادي الجبالي وحركة النهضة الإسلامية الحاكمة التي ينتمي إليها وتهديد وزراء بالاستقالة. وأمام هذا الوضع السياسي الغامض كتبت صحيفة تاغسشبيغل تعليقا حثت فيه الغرب على اتخاذ مواقف متحفظة، وكتبت تقول:
"بما أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بصفة دقيقة بما سيحصل، ُيستحسن بالنسبة إلى الغرب أن يتخذ موقفا انتقاديا متحفظا. والدعم المادي يجب ربطه بشروط، علما أن حرية الرأي والاعتقاد غير قابلة للمساومة. لكن يجب الاعتراف بشرعية الحكام الجدد المكتسبة بصفة ديمقراطية. فهم يمثلون، شئنا أم أبينا إرادة غالبية الناس. فالانتقاص من قيمة هذه الحقيقة سيعني عدم النظر لأولئك الناس بجدية أو احتقارهم. والديمقراطية مكتسب ثمين للخوض في هذا الاتجاه."
صحيفة دي بريسه الصادرة بفيينا سلطت الضوء هي الأخرى على الأزمة السياسية في تونس حيث وعد رئيس الوزراء حمادي الجبالي بالاستقالة في حال لم يتمكن من تشكيل فريقه الحكومي بحلول نهاية هذا الأسبوع، وكتبت تقول:
"يوفر قطاع السياحة لتونس مصدر عائدات مربح، ومستوى تعليم سكانها أفضل مما هو عليه في بلدان عربية أخرى. وحزب النهضة الإسلامي في تونس ظهر في حلة أكثر حداثة مقارنة مع حركة الإخوان المسلمين في مصر التي وصلت هي الأخرى عبر انتخابات حرة إلى مقاليد السلطة. لكن الصدامات عمت شوارع تونس والتعايش بين الإسلاميين والعلمانيين في الحكومة أصبح في طي التاريخ. فبعد الربيع تجتاح تونس عواصف صيفية عاتية، لتبقى المسؤولية في يد الطبقة السياسية حتى تشرق الشمس من جديد وإما أن تغرق البلاد في شتاء عربي."
صحيفة دي تاغستسايتونغ الصادرة ببرلين لاحظت أن اغتيال الأمين العام لحركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد يكشف أن الصراع على السلطة يتسم بعنف كبير، واعتبرت أن عملية الاغتيال ليست إلا حلقة أولى في التجاوزات المحتدمة داخل المجتمع التونسي، وكتبت تقول:
"الناس يقاومون ضد نظام الاستبداد القديم الذي يستفيد من فراغ السلطة السياسي والمؤسساتي القائم حاليا. وُتلقى المسؤولية في ممارسة القمع على عاتق حزب النهضة الإسلامي الحاكم، لأنه لا المحاكم ولا الشرطة يتعقبون بالشكل المطلوب التجاوزات السياسية التي ترتكبها ميليشيات سلفية. ويجب هنا إبراز يقظة السكان ومقاومتهم عوض التنقيص من الربيع العربي في كل مناسبة ودفنه في التراب كخريف عربي. وهذا يعكس نوعا من الجهل تجاه الناس الذين ُيظهرون التزاما كبيرا ويخرجون إلى الشوارع من أجل الديمقراطية. ففي تونس بمجتمعها المدني القوي، وكذلك في مصر نشأت حركة من أجل الديمقراطية لازالت تحتاج إلى شيء من الوقت ولا تسمح رغم ذلك بالقضاء عليها."
صحيفة زود دويتشه تسايتونغ بدأت تعليقها حول الوضع في تونس بتسليط الضوء على الوضع السياسي الحرج الذي يوجد فيه رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي الذي يواجه مقاومة قوية حتى داخل حزبه النهضة. وكشفت الصحيفة أن الجبالي يعاني أيضا من وضع صحي سيء جعل البعض يوصيه بالتخفيف من نشاطه السياسي، وكتبت الصحيفة تقول:
"شوكة جبالي كانت حتى في السابق من الناحية السياسية منكسرة. وُيذكر أنه يحمل منذ أسابيع في جيبه وثيقة طلب استقالته. وبعد جلسة ساخنة لمجلس الشورى، أعلى جهاز تقريري في حزبه الذي انتقد نهجه السياسي أغلق جبالي في حالة غضب الباب في وجه الصحفيين الذين كانوا ينتظرونه. فرئيس الحكومة قضى الأشهر الأربعة الماضية وهو يحاول تشكيل حكومة جديدة لم ترى النور حتى الآن. والنتيجة كانت حصول جمود سياسي واقتصادي. فالحزبان العلمانيان في الائتلاف الحاكم يطالبان بمشاركة أقوى في الحكومة رغم أن المؤتمر من أجل الجمهورية الذي ينحدر منه رئيس البلاد منصف المرزوقي وحزب التكتل الديمقراطي بزعامة رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر أحرزا في انتخابات أكتوبر 2011 فقط ما بين 3 و 5 في المائة من مجموع أصوات الناخبين. وحصل حزب النهضة إثرها على 37 في المائة."