صحف ألمانية: "هل من المقبول أن يتفرج العالم عندما ُيذبح أطفال في سوريا؟"
١٤ يونيو ٢٠١٢صحيفة دير تاغسشبيغل تناولت تطورات الشأن السوري، وكتبت تقول:
"هل من القبول أن يتفرج العالم عندما يتم ذبح أطفال ونساء ورجال بكل معنى الكلمة؟ هل يقبل حدوث مثل ذلك بعد كل ما حصل في رواندا وكوسوفو؟ الصور الوافدة من الحولة السورية التي تظهر فيها أجسام صغيرة ملفوفة في قماش أبيض، وجوه أصحابها شاحبة لا حول ولا قوة لهم، كانت بمثابة اتهام صامت، فالشعور بضرورة التحرك للقيام بشيء ضد هذا الظلم أضحى كبيرا عند الكثير من الناس.
الحولة لم تكن المذبحة الوحيدة في سوريا، وُيخشى أن تتبعها مذابح أخرى. ليبقى مخطط السلام المطروح من قبل كوفي عنان- بعبارة حذرة - بدون نجاح إلى حد الآن. والآن تجدد النقاش حول امكانية تدخل عسكري للغرب بعد مرور أكثر من عام على تفجر الحرب الأهلية. وُسجل ذلك في فرنسا، حتى ولو أن ذلك قد يعود للحملة الانتخابية، وفي بريطانيا حيث لا يريد وزير الخارجية هيغ "استبعاد أي شيء".
وتابعت الصحيفة في تعليقها بشأن كيفية التعامل مع المعطيات القائمة على أرض الواقع السوري ولاحظت أنه من الصعب القيام بتدخل عسكري، وكتبت تقول:
"في البلد الذي يشهد كثافة سكانية كبيرة لا توجد جبهة موحدة يمكن الدفاع عنها، فالمواجهات بين النظام والمتمردين تتم داخل أحياء حضرية.
كما إنه لا وجود لمعارضة موحدة يمكن للغرب أن يدعمها. الكثير من سوريي المنفى الذين يعرضون خدماتهم في الخارج لا يلعبون أي دور في عين المكان بالنسبة إلى الناس... والسكان الذين يعانون في المناطق الساخنة وجدوا أنفسهم من خلال هذا التطور بين المطرقة والسندان. فهم يخشون انتقام الشبيحة في حال اتهامهم بالتعاطف مع المتمردين، ويواجهون نفس الخطر في حال انكشاف دعمهم للنظام. وقد يستحيل بالكاد على مراقبي الأمم المتحدة أو الصحفيين القلائل التعرف على الجناة. إنهم يصطدمون لدى الناجين من المذابح بجدران الهلع والصمت ..."
صحيفة زود دويتشه تسايتونغ سلطت الضوء على الموقف الروسي تجاه الأحداث المأساوية في سوريا حيث أكدت الأمم المتحدة شهادات حول تعذيب أطفال وقتلهم، بل واستخدامهم كذروع بشرية، وكتبت تقول:
"على خلفية استمرار المواجهات والتقارير حول الإساءة لأطفال يزداد الضغط من أجل إيجاد حل سياسي للحرب الأهلية السورية. وأعلن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف عن تنظيم مؤتمر دولي حول سوريا في موسكو دون تحديد موعد لذلك أو ذكر الجهات التي ُيحتمل أن تشارك فيه. من جانبه صعد مبعوث الأمم المتحدة الخاص كوفي عنان، الذي قدم في أبريل مخطط سلام، من وثيرة الضغوط على السياسة الدولية. وتحدثت الحكومة الأمريكية عن مخططات الحكومة السورية لتنفيذ مذبحة جديدة... الآمال معلقة على روسيا التي يعتزم وزير خارجيتها استدعاء مجموعة اتصال إلى موسكو. وستضم المجموعة، حسب التصورات الروسية ممثلين عن القوى الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى تركيا الجارة وإيران والعربية السعودية، وربما دولا خليجية والاتحاد الأوروبي. وتعارض الولايات المتحدة الأمريكية بقوة إشراك ايران التي تصفها كجزء من المشكلة... الفكرة الروسية لعقد المؤتمر يتم تفسيرها في أروقة الأمم المتحدة كمؤشر على أن الدعم غير المشروط الذي تقدمه موسكو لرئيس سوريا الأسد قد ينتهي. وفي واشنطن يتم الحديث عن فترة نقل سلطة طويلة الأمد إلى شخصية من محيط الأسد. وفي حال سحب روسيا لدعمها من الأسد، فإن سلطة الرئيس قد تتلاشى داخليا بسرعة".
صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ كتبت تحت عنوان "الفاجعة السورية":
"سوريا تغرق كل يوم في نزاع لا يوحي بأي حل في الأفق. البلد يتلاشى، وانعدام القانون يسود أجزاء واسعة منه، كما يسيطر متمردون مسلحون على محافظتي حمص وادلب، إضافة إلى العديد من "جيوب المقاومة". النظام والمتمردون يراهنون فقط على العنف، ليرتفع عدد الضحايا باستمرار. وفي هذه الأثناء يتم أيضا قتل الكثير من الجنود وعناصر جهاز الأمن، إضافة إلى المتمردين والنشطاء. لا تكاد توجد عائلة واحدة في سوريا لم تتأثر بذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة... ليس الأسد شخصية إصلاحية رغم ترديده لذلك. واليوم يدفع نظامه الثمن لأنه عمل طويلا على قمع نشأة معارضة نشطة، وبالتالي لا يجد شركاء لتحقيق انفتاح ديمقراطي. فعوض البحث عن الدخول في حوار مع المعارضة، فإنه يأمر بإطلاق النار في كل مكان ُيتوقع فيه وجود متمردين، وعوض تغيير النظام بشجاعة من أعلى الهرم، فإنه يعول على الأسلحة التي تزوده بها روسيا. لكن روسيا ليست مهتمة بالأسد، بل تركز رؤيتها على آخر قاعدة بحرية لها على البحر الأبيض المتوسط".
صحيفة فينانشيل تايمز دويتشلاند تناولت هي الأخرى الموقف الروسي المتعنت تجاه الوضع في سوريا، وكتبت تقول:
"العالم يترقب، لكن روسيا تبقى متعنتة. في الوقت الذي تنزلق فيه سوريا في وحل حرب أهلية، تقدم الحكومة الروسية باستمرار نفس الجواب على طلب التخلي عن المستبد بشار الأسد، وهو الرد بلا... وزير الخارجية لافروف مجبر على الدفاع عن سياسة الفيتو التي تمنع أي تحرك حقيقي ضد دمشق داخل مجلس الأمن. موسكو تدافع عن مخطط عنان الذي يشمل وقفا لإطلاق النار وتسوية سلمية كحل وحيد ممكن للنزاع. غير أن المشكلة تكمن في أن ذلك المخطط القائم منذ شهرين فشل منذ مدة".
إعداد: م أ م
مراجعة: عبدالحي العلمي