شباب يطالب بوتفليقة بالرحيل وسط أزمة حادة بين أركان النظام
٢٥ فبراير ٢٠١٤دعت ثلاثة أحزاب معارضة في الجزائر إلى مقاطعة انتخابات ستجرى في أبريل نيسان بعدما أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الترشح لتولى فترة رئاسة رابعة ليمدد سلطته المستمرة منذ 15 عاما. وينظر الموالون لبوتفليقة له على انه الرجل الذي أعاد للبلاد السلام والاستقرار الاقتصادي بعد صراع دموي مع الإسلاميين في التسعينات أسفر عن مقتل نحو 200 ألف شخص.
وأثارت التغييرات التي قام بها الرئيس الجزائري منذ أيلول/ سبتمبر في قيادة المخابرات حملة من التعليقات لسياسيين وعسكريين سابقين، تحدثت عن صراع بين بوتفليقة والجنرال محمد مدين المكنى بالجنرال توفيق حول ولاية رابعة للرئيس. وجرد بوتفليقة المخابرات من ثلاث مصالح أساسية، وهي امن الجيش والصحافة والشرطة القضائية العسكرية، ووضعها تحت سلطة رئيس الأركان، كما غير مديري الأمن الداخلي والخارجي.
ووسط هذه الأجواء اعتقلت الشرطة الجزائرية منذ بداية الأسبوع الجاري عشرات الشباب الذين اختاروا الشارع للتعبير عن موقفهم الصريح من قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التجديد لولاية رابعة على رأس البلاد، وندد المتظاهرون في جامعة بوزريعة وساحة البريد المركزي وولاية سطيف وعنابة بممارسات "حاشية الرئيس" في حق مستقبل الجزائر رافعين شعارات منددة بالسلطة وبالرئيس والموالين له مثل "لا للعهدة الرابعة"، "بركات"و"ارحلوا".
احترموا عقولنا..
وأثارت الطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن الجزائرية مع الشباب المتظاهر استياء وسخط نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، واعتبروا ما يحدث انتهاكا للحقوق والحريات التي طالما تغنى بها النظام القائم، وطالب أحدهم بالنزول يوم 28 فبراير المقبل للشارع للتظاهر ضد ما أطلق عليها "الهردة الرابعة"، وقال على صفحته "تدخلنا كثيرا في ما لا يعنينا في البلاد الأخرى، وحان الوقت لنتدخل في ما يعنينا، وعوض العويل في فيسبوك لنجتمع ونخرج للشارع... شخصيا قررت الاحتجاج في الشارع ولو لوحدي!"، وكتب جمال سيدني على صفحته قائلا "لا للعهدة الرابعة، احترموا عقولنا، الجزائر أكبر من أن يحكمها شيخ مقعد يتحكم به شلة من اللصوص".
تبرئة ذمة؟
وتبادل الفيسبوكيون ما وُصف بالتوضيح وتبرئة الذمة مباشرة بعد تصريح الوزير الأول عبد الملك سلال بأن ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بطلب وإلحاح المواطنين في 46 ولاية التي زارها، وجاء في هذا التوضيح " أنا مواطن جزائري أعلن رسميا أنني لم ألتقي بالسيد عبد المالك سلال ولم أطلب ولم ألح على ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة لا من قريب ولا من بعيد بأي طريقة كانت مباشرة أو غير مباشرة... كتبت هذا التوضيح إبراء للذمة ولاستعماله في حدود ما يسمح به القانون ". وقالت الصحفية فضيلة مختاري تعليقا على كلام سلال " قال إن الشعب طالبهم في 46 وﻻية بعهدة رابعة، عن أي شعب يتحدثون؟. أنا أطالب بتغيير هذا الشعب، أو ترحيلي إلى المريخ هناك لن تكون لكم الجرأة على قراءة بيان مطالبة سكان المريخ بعهدة رابعة".
"إعفاء من المواطنة"
كما تناقل الناشطون الرسالة الجريئة التي بعث بها حفيظ دراجي، معلق قناة "الجزيرة الرياضية" الشهير، يطالب فيها بوتفليقة بإعفائه من الأشخاص الذين سيحكمهم خلال العهدة الرابعة لأنه لا يرضى للجزائر أن تستمر تحت السلطة المطلقة والفساد المستفحل.
وأطلقت عدد من صفحات الفيسبوك المعارضة حملة رفض و"تهكم" ضد العهدة الرابعة، حيث اعتبرت صفحة "المنظمة الجزائرية لمناهضة الشيتة والشياتين" العهدة الرابعة بمثابة تحول في طبيعة النظام الجمهوري، وتحت عنوان خبر عاجل قالت الصفحة "الجزائر تصبح مملكة آل عبد العزيز الرابع" وعلق المشاركون على الخبر بـأن هذا ما يريده بوتفليقة والجنرال توفيق من الشعب فعله، يريدوننا أن نترك لهم الوطن، أن نغرب عن وجههم كي لا ننغص عيشة ترفهم، يريدون من الفقراء أن يرحلوا، ومن الشباب أن يرحلوا، ومن أولاد الوطن الأحرار أن يرحلوا..." وعلق سفيان جرار متهكما على الخبر قائلا " أبشر أيها الشعب العظيم، الجزائر ستصبح أول بلد يحكمه رئيس من ذوي الاحتياجات الخاصة".
الرئيس السجين!
وترى السيدة حدة حزام، مديرة جريدة الفجر بأن شباب الفيسبوك فهم اللعبة الدنيئة التي تحاك ضد البلاد وترهن مستقبلها، وأضافت حدة حزام في عمودها بالجريدة نشر الاثنين بأن الشباب الرافض للعهدة الرابعة لا يعني أنه لا يحب بوتفليقة، الرئيس المرشح، وإنما لأنه "فهم رغم التضليل على قضايا الفساد التي تورط فيها محيطه، أن الرئيس سجين وصار رهينة من تحدثوا باسمه وأعلنوا باسمه أيضا الترشح، وسيقودون باسمه حملة انتخابية خاسرة، لأنه من العار أن يقدم الوزير الأول رئيسا مشلولا على أنه ضمان للاستقرار، إن لم يكن ضمانا لاستقرار مصالح الزمرة المنتفعة التي حوله.
ورغم أن قراءات المحللين والمتابعين للشأن السياسي الجزائري منذ ثلاث سنوات كانت تؤكد بأن الجزائر بمنأى عن الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة، وأنه لن يواجه أي معارضة من قبل المجتمع، حتى وهو على كرسي متحرك، لأن الشباب في قضاياه اليومية المتعلقة بتحسين مستواه المعيشي، بالحصول على منصب عمل وسكن لائق يحفظ كرامته، وأن الشباب طلقوا السياسة وهجروا السياسيين، إلا أن الجدل القائم في الساحة منذ شهور حول تجديد ولاية الرئيس الحالي أعاد الاهتمام بالسياسة لشرائح واسعة في المجتمع وعلى رأسهم الشباب، حيث عبر العديد منهم عن سخطه الشديد للمستوى الذي وصلت إليه الممارسة السياسية في البلاد.
ارحل أو نرحل!
ويجزم مسعود (22 سنة )، طالب بجامعة الجزائر2 بأن زمن التغيير قد حان، "وعلى الرئيس بوتفليقة أن يرتاح ويعطي الفرصة للشباب كما وعد في خطابه بولاية سطيف"، وأضاف مسعود لـdw "إن قراره بالترشح لن يزيد الجزائر إلا فسادا والشباب يأسا". وطالب مسعود الرئيس بالاحتكام إلى ضميره وتجربة رجل مثل الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا" الذي سيظل رمزا لكل العالم في احترام الشعب والدستور.
أما عبد الباقي (36 سنة)، موظف، الذي وجدناه يقرأ جريدته بساحة البريد المركزي، ويراقب قوات الشرطة التي توزعت في المكان بشكل مكثف، فيرى بأن الرئيس المريض الذي غاب عن شعبه سنتين، والعاجز حتى على مخاطبة زواره، لن يقدم أي شيء للجزائر، وأضاف مخاطبا الرئيس" سيدي الرئيس ارحل أو نرحل".
ويبرر الشباب المؤيد للعهدة الرابعة خيارهم بعدم وجود بديل له، وكل المرشحين ليسوا بكفاءته، ويقول عثمان (24 سنة)، تاجر، بأن يفضل بوتفليقة عن غيره لأنه الضامن لاستقرار وأمن الجزائر" لأن المتربصين بنا يتحينون الفرصة من أجل تدميرها كما دمروا سوريا وليبيا".