خبير ألماني: حرب مفتوحة بين أجنحة الحكم في الجزائر
٥ فبراير ٢٠١٤مازالت تداعيات الانتقادات اللاذعة التي وجهها عمار سعداني، أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لرئيس جهاز المخابرات الجنرال توفيق (محمد مدين) متواصلة. الخرجة الإعلامية غير المتوقعة لسعداني اعتبرها البعض خطوة جريئة ستحمل لأول مرة الصراع بين الأجنحة السياسية في الجزائر من الكواليس إلى العلن، على بعد أشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية.
وكان سعداني اتهم لأول مرة الجنرال توفيق، رجل المخابرات القوي، بشكل مباشر بأنه فشل في حماية البلد و بأنه يتدخل في كل مفاصل الدولة، وذلك في حوار لأحد المواقع الإلكترونية الجزائرية. يأتي ذلك بعد أن قلص الرئيس بوتفليقة في سبتمبر/ أيلول الماضي من صلاحيات الجنرال توفيق، ما اعتبره البعض إضعافا لرجل لطالما لعب دورا مصيريا في صنع القرار الجزائري منذ توليه منصب رئاسة جهاز المخابرات قبل 23 سنة.
فيرنر روف أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاسل سابقا و الخبير في الشؤون الجزائرية يرى في توجيه هذه الانتقادات مباشرة بالاسم للجنرال توفيق تحولا في كواليس صنع القرار في الجزائر، ويفسر الخبير الألماني هذه الخطوة، خلال مقابلة لDWعربية، باحتدام الصراع بين الأجنحة السياسية في الجزائر قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفيما يلي نص الحوار:
DWعربية: تابعت مؤخرا التصريحات التي أدلى بها عمار سعداني بخصوص رئيس المخابرات الجنرال توفيق، ما هو تفسيرك لذلك؟
روف: ما حدث يمكن وصفه بإيجاز بإعلان لحرب مفتوحة بين التيارات السياسية الجزائرية حول السلطة في الجزائر. صحيح أنه صراع ليس بالجديد، و لكن تصريحات عمار سعداني باعتقادي صبت الزيت على النار الآن. فكما نعلم، أن الرئيس بوتفليقة حاول في أيلول/ سبتمبر الماضي تفكيك جهاز المخابرات قطعة بقطعة، هذا الجهاز الذي هو ببساطة العمود الفقري لنظام الجزائر.
المثير في الموضوع هو أنه لأول مرة يتم التطرق بالاسم مباشرة للجنرال توفيق، هل تعتقد أن هذه الخطوة هي تغيير كبير في كواليس السلطة؟
نعم أعتبر ذلك تحولا كبيرا لأنه حتى الآن لم يسبق أن تم ذكر أشخاص بأسمائهم و بالخصوص أسم شخص نافذ مثل الجنرال توفيق.
أين يكمن هذا التحول إذن؟
هو كما قلت يأتي في إطار الحرب المفتوحة التي أصبحت علنية الآن بين جناح بوتفليقة و من معه و بين جناح الجنرال توفيق مدين، و يأتي ذلك في سياق النقاش حول تمديد فترة حكم الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة و بالنظر للحالة الصحية الحرجة لبوتفليقة، حيث مازال من غير الواضح إن كان سيصمد ليكون قادرا على حكم البلاد لولاية رابعة والإصرار عليه في الوقت نفسه كمرشح للرئاسة رغم ذلك، بسبب عدم توفر البديل حتى الآن. و إذا حللنا مضامين الجرائد الجزائرية فسنلاحظ أنه ربما يتم التحضير للجنرال المتقاعد امحند الطاهر يعلى للترشح لمنصب رئيس الجزائر. إذن فهو صراع مفتوح بين جناح بوتفليقة و أنصاره و جناح المخابرات و كلنا نعلم من هو جهاز المخابرات الجزائري في الواقع.
بصرف النظر عن الضجة التي أثارتها هذه التصريحات في الجزائر، هل تعتقد أنها ستغير شيئا في المشهد السياسي؟
من الصعب التنبؤ بذلك، لأنه من جهة، جهاز المخابرات هو الجهاز الذي لا قاهر له و الذي يتحكم في كل شيء في البلد، لذلك فإن كسره يعني، كما يخشى البعض، بداية تهديد الاستقرار في الجزائر. لكن من جهة أخرى فإن هذا الجهاز هو سبب كل مشاكل الجزائر. و أعطي كمثال على ذلك المؤامرات و كل آليات الفساد التي تستخدم و غير ذلك.
بالعودة إلى موضوع الانتخابات الرئاسية، كيف تتوقع أن يؤثر هذا الصراع بين التيارين حول نتائج الانتخابات؟
هذا الأمر يتوقف على من سيتحكم ويراقب الانتخابات و من سيحضر نتائجها، لهذا فكل شيء يبقى حتى الآن مجرد تكهنات.
هناك من يعتقد أن بوتفليقة نجح إلى حد ما في تقليص دور الجيش في صنع القرار الجزائري، ما تعليقك على الأمر؟
جوابي هو نعم ولا، فبوتفليقة في النهاية هو مرشح الجيش ومازال، و بدون الجيش ما كان ليصل أي شخص إلى منصب رئاسة الجزائر. في الواقع الوضع أكثر تعقيدا من ذلك، و جوهر الموضوع يكمن في الانقسامات داخل النظام و داخل الجيش نفسه، وخصوصا الانقسامات داخل هذه الأجنحة المتصارعة نفسها، والتي هي مرتبطة أيضا بالعلاقات العائلية و الانتماءات الجهوية.
لكن ماذا تقصد بأنه نجح و لم ينجح في الوقت نفسه؟
أعني أن الفترة المقبلة ستحدد المنتصر في الحرب الجارية بين هذه الأجنحة المتصارعة.