"سينتوريو" - مجلة إلكترونية من النساء للرجال
٣٠ أكتوبر ٢٠١٣
فقط بنقرة واحدة على الإنترنت يمكن للرجل العصري أن يطّلع على ما يتعين عليه فعله في الحياة قبل فوات الأوان: مثلا نقش وشم على الجسد أو تعلم العزف على الغيتار الكهربائي أو كسب معرفة نظرية في الحياة الجنسية، هذا ما ينصح به كاتب يطلق على نفسه "السيد زيفيرلينغ" قراء مجلة "تسينتوريو". في الواقع، لا توحي هذه النصائح بشيء من الحداثة وإنما تبدو كأنها بنات أفكار رجل أعمته فحولته. كما أنها اقتراحات مملة، إلاّ إذا لم تكن هذه الاقتراحات نابعة من ريشة امرأة.
في الواقع، فإن وراء اسم "السيد زيفيرلينغ" المستعار تختفي الكاتبة نادين ميتاغ، فكل نصوص الصفحة الإلكترونية وعمود الرجل الذي أعمته فحولته إنما هي من إنتاجها. وتقول نادين في هذا الصدد: "نلعب بالكليشيهات"، فشخصية "السيد زيفيرلينغ" إنما تشكل أنموذج الرجل الذي لا يعكس فلسفة مجلة "سينتوريو". "في مجلتنا يمكن للرجال أن يكونوا لينين أيضا"، كما تقول الكاتبة. ولذلك فإن اختيار المواضيع في مجلة "سينتوريو" يختلف تماما عن مواضيع المجلات المعروفة.
الأسرة والأطفال – من اهتمامات الرجل أيضا
لا يولي الفريق الشاب لمجلة "سينتوريو" اهتمامه بالسيارات والإثارة والرياضة فقط، بل أيضا مواضيع مختلفة أخرى. وذلك لسبب وجيه، ذلك أن سبب نجاح المجلات القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية لم يعد يكفي لتسويقها في ألمانيا، فمجلات تستهدف الرجال مثل "بلاي بوي" و"ماتادور" و "إف إتش إم" تتخبط في أزمة مالية. وعلى ما يبدو فإن القارئ الألماني لم يعد يهتم بالمواضيع "الرجالية" البحتة فقط، وإنما أصبح يولي اهتمامه أكثر فأكثر بالمقالات التي تتناول مثلا العلاقات بين الجنسين والأسرة والأطفال. "مجلتنا تعنى بقضايا ومشاكل الرجال"، هكذا تصف الكاتبة نادين ميتاغ الخط التحريري للمجلة التي ستبدأ بداية من شهر نوفمبر/ تشرين الأول بنشر نسخة رقمية للمجلة تحت عنوان: "centuiro-mag.de".
ويخطئ من يعتقد أن المجلة من إبداع رجالي بحت، بل العكس صحيح، فقد قامت طالبات وطلاب جامعة برلين الحرة للإعلام في شعبة الاتصالات والاقتصاد بتطوير مجلة "سينتوريو". وتولدت لديهم الفكرة أثناء درس عن الصحافة الرقمية، وجاء الاقتراح من إحدى الطالبات ولقي إقبالا كبيرا من قبل زملائها. وفي مرحلة الإعداد للمجلة تقدمت طالبات فقط للمشاركة ككاتبات، وكان هذا عبارة عن صدفة استغلتها الطالبات كفكرة لتسويق المجلة فيما بعد. وتصف نادين ميتاغ هذه الفكرة بابتسام: "فقط نحن النساء نعرف بطبيعة الحال ما يريده الرجال". وخلافا لذلك فإن نسبة الجنسين متوازنة في هيئة تحرير المجلة.
وكما هو الحال في دور النشر التقليدية، فإن العمل في المجلة مقسم إلى عدة مجالات ابتداء من التصميم والتطوير وصولا إلى التسويق. وعلى عكس دور الإعلام التقليدية، فإن الطلاب يعملون انطلاقا من بيوتهم، كما تسهل الإنترنت العمل الجماعي كمناقشة المواضيع والتخطيط ونشر المقالات. "العمل بهذه الطريقة أفضل بكثير من العمل على النمط التقليدي المتعارف عليه، لأنه يمكن تتبع كل خطوة بشفافية والتوصل بالمعلومات اللازمة والمتاحة بخصوص كل مشروع"، على ما تقول البروفسورة فيرينا رينيبيرغ من جامعة برلين الحرة.
لكل مقام مقال!
وقد قام طلاب جامعة برلين بابتكار بنية تحتية خاصة لهذه المجلة، فلا وجود لعناوين لأعمدة معينة، وإنما تُعرض المقالات للقارئ حسب تناسبها مع ساعات النهار: هذا يعني أن القارئ يطلع في الصباح على مواضيع تساعده على النهوض من السرير. وفي المكتب يطلع على مواضيع أخرى كتلك المتعلقة بالوظائف مثلا. وفي المساء، بعد العمل، يطّلع على مواضيع تتطرق إلى علاقته مع صديقته وكيف يمكن أن تكون غير راضية على الملابس الداخلية التي اشتراها لها أثناء استراحة الغداء.
فكل المواضيع، التي تكون ربما مملة وتتطرق لها وسائل الإعلام المعروفة، يتم إدراجها في هذه المجلة الإلكترونية بطريقة تتناسب مع ميولات القارئ ومتطلباته. وتَعِدُ هيئة قسم التحرير قرائها بتسليط الضوء على مواضيع مهمة في الحياة اليومية ومواضيع روحانية في ساعات متأخرة من اليوم بين الساعة العاشرة ليلا والسادسة صباحا. فهل ستنجح المجلة الإلكترونية في جلب اهتمام عدد متزايد من القراء؟
"مجلتنا يمكن قراءتها على أي جهاز"، هكذا يقول الطالب رومان تيغلار، الذي ساعد في تصميم الموقع الالكتروني للمجلة، التي تظهر دون أي عناء يذكر على الهاتف الذكي أو الكمبيوتر اللوحي. ولا يتوجب على القارئ تنزيل أي تطبيقات خاصة بالهواتف الذكية لتصفح الصفحة المجلة الالكترونية، فمتصفح بسيط كاف تماما. والطلاب فخورون بمشروعهم لأنهم تمكنوا من إنشاء مجلة وتطوير بنيتها التحتية اللازمة.
ويقول ليونارد بلومكه "نرى هذا المشروع على شكل معرض". بلومكه يقدم جنبا إلى جنب مع فيرينا درسا في الصحافة الرقمية. ويضيف: "هنا يمكن للجميع تطوير المهارات التي يمكن استخدامها في وسائل الإعلام الحديثة". كما يستفيد القراء من مقالات هذه المجلة، التي لا تعنى فقط بمشاغل الرجال فحسب، بل تتطرق أيضا إلى مواضيع أخرى مثيرة للاهتمام.