"راديو المساواة"- محطة إذاعية لتحقيق المساواة في العراق
٣ أكتوبر ٢٠١٣بحماس تنشغل ابتسام مانع عبد بالحديث مع زملائها في غرفة الأخبار عن تفاصيل ومحاور إحدى حلقات برنامجها الأسبوعي التي تعتزم بثه بعد دقائق عبر أثير إذاعة "راديو المساواة"، فزحمة المرور في بغداد وتأخرها في الوصول إلى موقع العمل دفعها لتأجيل مقابلتنا حتى انتهاء برنامجها.
أخيرا، وبعد انتهاء البرنامج أطلت علينا الإعلامية العراقية بابتسامة عريضة، مرددة عبارات الشكر والثناء للطاقم المشرف على البرنامج الذي "أبدع الأداء في إنجاز الحلقة"، على حد قولها.
يذكر أن عدد العاملين في "راديو المساواة"، التي تأسست عام 2009، يصل إلى عشرين موظفاً من الجنسين.
"كفاح من أجل الحصول على أبسط الحقوق"
وتقول ابتسام في حديث مع DW عربية: "عملي الصحفي هو منبري الوحيد الذي يتيح لي فضاء التعبير والنقاش بحرية تامة عمّا يجول في خاطري. أنا أعشقه". وتضيف الإعلامية العراقية قائلة: "مجتمعي يعاملني وغيري من النساء كمواطنة من الدرجة الثانية ويسلبني أبسط الحقوق".
ومنذ نحو عامين تعمل ابتسام مانع عبد (33 عاماً) في إعداد وتقديم برنامج "بصمات امرأة" في "راديو المساواة". وتقول إنها تعرفت خلال تلك الفترة على قصص كثيرة تتعلق بواقع النساء و"ما تعانيه من عنف وتهميش من قبل مجتمعنا الذكوري"، لافتة إلى أن ذلك "زادها إصراراً على بذل المزيد من الجهد من أجل إيصال كلمة المرأة وحثها على التحرر والمطالبة بحقوقها".
وعن العراقيل التي تواجهها أثناء أداء عملها الصحفي توضح ابتسام بالقول: "صعوبة حصولي على المعلومة تشكل أهم تلك العراقيل، بالإضافة إلى مخاوف الكثير من النساء المعنفات من سرد قصصهن عبر المايكروفون والكشف عن حجم معاناتهن ونوع العنف الذي يتعرضن له".
وتساعد ابتسام زملائها في "راديو المساواة" أيضا في إعداد البرامج اليومية والأسبوعية وتقديمها. كما تقوم بتحرير الأخبار والتقارير الإذاعية المرسلة من قبل الصحفيات المتعاونات مع إذاعتها، لكن "قلة عدد الصحفيين في الراديو يدفعني أحياناً إلى لعب دور المراسلة الصحفية والعمل الميداني من أجل التحري عن بعض القضايا المرأة في المجتمع"، على حد قولها.
مناصرون من نساء ورجال أيضا
لكن نضال المرأة من أجل حقوقها في المجتمع العراقي من خلال هذه الإذاعة لا يقتصر على بنات حواء فقط، وإنما يناصرها في ذلك الرجل أيضاً. "إيماني المطلق بالحقوق المسلوبة من المرأة ووجوب مساواتها بالرجل أسوة بباقي دول العالم، دفعني إلى الالتحاق بهذه الإذاعة والمناداة بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل"، على ما يقول محمد إسماعيل أحمد، مخرج البث في الإذاعة. ويؤكد قائلا: "العمل المشترك مع الكادر النسائي يجعلنا نبدع في أعمالنا".
لكن كيف ينظر الجنس اللطيف في العراق إلى مساهمة هذه الإذاعة في مناصرة قضاياهن. عن ذلك تقول ريهام كرم مجيد، وهي موظفة حكومية: "منذ أكثر من عام وأنا أحرص على متابعة "راديو المساواة" والاستماع إلى برامجه بشكل مستمر، فهي تعتبر المنبر الحر لآمالنا وتطلعاتنا نحو مستقبل أفضل خال من التمييز وسط هذا المجتمع الذكوري الذي يضطهد المرأة على مختلف الأصعدة".
وتوضح ريهام (29 عاماً) في حوار مع DW عربية أن "راديو المساواة" يتناول مختلف المواضيع التي تخص المرأة ومشاكلها في مجتمعنا بجرأة ومصداقية، مضيفة: "أن الإذاعة باتت تعتبر منبراً للمطالبة بإلغاء وتشريع بعض القوانين التي من شأنها تحسين واقع المرأة في المجتمع". ومن هذه القوانين "المادة 409" من قانون العقوبات العراقي والمتعلقة بما يسمى بـ"غسل العار" أو تلك الموجودة في قانون الأحول الشخصية والمتعلقة بالزواج بالإكراه، كما تقول ريهام.
"الجرأة في طرح المواضيع"، لم تجتذب النساء فقط، وإنما رجالاً أيضاً على غرار الناشط المدني محمد شنان (37 عاماً)، الذي يرى أن "المصداقية والجرأة في طرح المواضيع ومناقشتها بأسلوب مهني هي أبرز الصفات التي يتميز بها راديو المساواة" عن باقي المحطات الإذاعية، فضلاً عن كفاءة الكادر وتقاسم الأدوار ما بين الذكور والإناث، الذي يرى أنه "سبب النجاح".
رغم الرقابة - طموحات كبيرة
من جهتها، تقول جنات باسم، المديرة التنفيذية ل"راديو المساواة"، إن "ما يميز محطتنا عن باقي المحطات، أنها أول مؤسسة إعلامية في العراق تراعي موضوع التوازن بين الجنسين في اختيار كادرها من محررين ومراسلين وفنيين". وتبين أن مواضيعها تركز على قضايا المساواة بين الرجل والمرأة، لافتة بالقول: "وهذا ما عجزت عن تحقيقه المحطات التي تبث في العراق".
وعن الصعوبات التي تواجه عمل محطتها الإذاعية تقول جنات إن "المراقبة التي تفرضها هيئة الإعلام والاتصالات على البرامج التي نبثها والتي تمتاز بالجرأة أدى إلى تحجيم عملنا. كما نتعرض للمسائلة بين الحين والآخر بحجة أنها تناقض الرأي العام". يُذكر أن بث "راديو المساواة" يقتصر حتى الآن على بغداد وبعض المحافظات المجاورة.
وتوضح جنات باسم أن عدد المستمعين لمحطتها الإذاعية في "تزايد مستمر من خلال عدد المشتركين على صفحة الانترنت والاتصالات التي نستقبلها طيلة ساعات بث البرامج"، مشيرة إلى أننا "نطمح إلى توسيع كادرنا وتوسيع البث على كل المدن العراقية، بالإضافة إلى فتح المجال لطلبة كلية الإعلام للعمل هنا، فضلاً عن افتتاح محطة فضائية تحمل اسم المساواة خلال المستقبل القريب".