سياسي ألماني من أصل فلسطيني يطمح لعمادة برلين
١٥ سبتمبر ٢٠١٤منذ إعلان رئيس حكومة برلين (3,4 مليون نسمة) وعمدتها، كلاوس فوفرايت، في 26 من آب/ أغسطس الماضي نيته الاستقالة في 11 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، احتدمت المنافسة على منصبه. وهو منصب شغله في الماضي شخصيات كان لها وزنها في الحياة السياسية الألمانية كرئيس الجمهورية الأسبق ريتشارد فون فايتسكر والمستشار الأسبق فيلي برانت. ومن بين السياسيين الذين أبدوا رغبتهم في الترشح لشغل منصب فوفرايت نجد رائد صالح الرئيس الحالي لكتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلمان ولاية برلين، وهو سياسي ألماني من أصل فلسطيني. DWعربية زارت صالح في مكتبه في البرلمان، وأجرت معه الحوار التالي:
DW: لماذا تطمح في أن تصبح عمدة لولاية برلين؟
رائد صالح: أريد أن أصبح عمدة لبرلين لتكون برلين أكثر عدلاً، ولنعيد سوياً مع كل البرلينيين تعريف العيش المشترك. وكذلك لتبقى برلين قوية اقتصادياً ولندفع بعجلة اقتصاد المدينة قدماً في المستقبل. أنا الرجل المناسب في الوقت المناسب. أحد أهم إنجازات العمدة الحالي، كلاوس فوفرايت، هو جعله برلين مدينة عالمية ذات جاذبية عالية. وأريد أن أسير قدما في هذا المجال في كتابة تاريخ برلين. برلين مدينة متنوعة ومتعددة الثقافات ودائمة التغير، وتحتاج قوانين وأسس واضحة للعيش المشترك. أنا مع الحريات ولكني في الوقت نفسه مع القوانين والضوابط الواضحة. أنا واثق أني أستطيع تحقيق ذلك نظرا لخبراتي السياسية والحياتية. فبرلين تحتاج لشخص يمثلها وأريد أن أكون هذا الشخص.
لماذا تعتقد أنك الرجل المناسب لشغل هذا المنصب، وما هي نقاط قوتك؟
أنا رجل فعل ومبادرة. وأفي بوعدي، ومستمع جيد للناس وهمومهم، ووفي وصبور. في السنوات الثلاث السابقة أثبتت أني قادر على المساهمة في عمل الحكومة في مدينتي الأم برلين. فقد نجحنا في إعادة تعريف عدة مسائل في الحياة السياسية في برلين: الابتعاد عن سياسات خصصة القطاع العام العائدة لتسعينات القرن العشرين، وإعادة بعض القطاعات الحيوية إلى القطاع العام كمياه الشرب والصرف الصحي، وطالبنا بالمثل فيما يخص الكهرباء والغاز. أستطيع القول أني الرجل الذي يفهم كل البرلينيين وبمختلف تنوعاتهم؛ أقف مع فقرائها وأغنيائها، مع كبار السن ومع الشباب في أحياء مثل حي نويكولن (حي تسكنه نسبة كبيرة من المهاجرين). من خلال تجربتي الشخصية أدرك شعور الناس ورغبتهم بتطوير أنفسهم وبمستقبل أفضل، ولكنهم يحتاجون للمساعدة في هذا المضمار. في السنوات الماضية أحدث فوفرايت إنجازات مهمة ولكن ما يزال هناك الكثير لفعله.
بماذا تعد البرلينيين من خلفيات مهاجرة، وخصوصا الجالية العربية في برلين؟
أنا سياسي لخدمة كل سكان برلين، ولا أود تقسيم سكان برلين إلى برلينيين من خلفيات مهاجرة أو برلينيين أصليين. هذا التقسيم ينتمي إلى الماضي. عندما أدعم المدارس فأنا أدعم الكثير من أطفال الجاليات المهاجرة. ولكنهم في النهاية كلهم أبناء برلين، فقد ولدوا في مستشفياتها. 50 إلى 60 في المائة من مواليد برلين هم من ذوي خلفيات مهاجرة. وطبعا من خلال سيرتي الذاتية وتجاربي أشكل قدوة لهؤلاء، ونجاحي يشجعهم على تحسين ظروف حياتهم وبناء مستقبلهم. سأكون سعيداً عندما أشجعهم وأعطيهم الأمل. من المهم بالنسبة لي أن يشعر جميع أبناء برلين بالراحة وبالانتماء: المسيحي، اليهودي، المسلم، الهندوسي و من أي دين أو معتقد. وبغض النظر عن لون بشرته أو ميوله الجنسي (...). برلين مدينة بألوان متعددة وأنا أريد أن أكون وجه هذه المدينة.
ما هي إستراتيجيتك في مجالات عملك السياسية الرئيسية؟
فيما يخص مجال التعليم، أنا مع مجانية التعليم، وخصوصا رياض الأطفال وأن تكون رياض الأطفال إلزامية. هناك مسألة المدارس ذات المشاكل المستعصية. من أصل 800 مدرسة في برلين هناك 200 مدرسة ترزح تحت مشاكل كبيرة. ولذلك أقترحت أن تتلقى كل مدرسة من هذه المدارس سنويا مبلغ 100 ألف يورو كمساعدة إضافية في المجال التربوي: أخصائيون تربويون وأخصائيون ضد العنف ومترجمين ووسائل تعليم اللغات.
المجال الثاني العيش المشترك؛ برلين مدينة تصبح يوماً بعد يوم أكثر تعقيدا وأكثر تنوعا وأقل تجانساً. لذلك لابد من قواعد واضحة وحدود يمكننا التحرك ضمنها. وهذه القوانين والقواعد لابد من الجهر بها وبصوت عالٍ. فعلى سبيل المثال، لا تساهل مع عدم ذهاب الأطفال إلى المدارس وبقائهم على نواصي الشوارع.
في المجال الاقتصادي والمالي، كنت لسنوات عامل عادي ثم أصبحت رب عمل؛ لذلك أنا ملم بالموضوع. نحن بحاجة لاقتصاد قوي يوفر فرص العمل والرفاهية، وفي الوقت نفسه نحن بحاجة لعدالة اجتماعية حقيقية. الاقتصاد القوي والعدالة الاجتماعية شريكان قريبان من بعضهم البعض وليسا خصمين لبعضهم البعض. بدون اقتصاد قوي لا عدالة اجتماعية، وبدون العدالة الاجتماعية لا اقتصاد قوي (...).
هل تعتقد أن شعارك الانتخابي، "الاستقرار، الاستمرارية، الأمانة"، سيقنع الناخب؟
أعتقد أن برلين تستحق حكومة لا تغير رأيها بين الحين والآخر، بل أن يكون لدى الحكومة تصور وخطة عمل على المدى المتوسط، لا على مدى 4 أو 5 سنوات فقط. وبهذا المعنى فإن الاستقرار والاستمرارية ليسا مناقضين للتجديد والتغيير. أنا مع كلاهما حيث يكون ذلك ضروريا. فيما يخص الموثوقية، أتمنى أن تصبح هذه الفضيلة ملازمة للعمل السياسي. فأنا أحب أن أعمل مع من يمكن الوثوق به والاعتماد عليه.
حسب تقرير إعلامية: "يرتكب صالح بعض الأخطاء اللغوية في اللغة الألمانية، وعندما يفقد أعصابه تظهر لهجته العربية. وهو كذلك ليس خطيب جيد وجامد المظهر في المناسبات الرسمية". ما رأيك بهذا الكلام؟
أعتقد أننا علينا ربط الرسالة التي يود أحدنا إيصالها مع عمله وإنتاجه. لقد عملت في السنوات الثلاث الماضية بجد من أجل برلين. برلين أصبحت "إناء صهر" وفيها الكثير من اللهجات الألمانية والأوربية والعالمية، وتتقبل لهجات أخرى. بلهجتي يمكنني مخاطبة أكثر من 80 بالمائة من البرلينيين ومن كافة المشارب والمنابت. ربما يستطيع غيري الخطابة بشكل أفضل مني، أقول ربما، ولكني رجل أفعال، وأريد أن أدفع برلين قدماً إلى الأمام وأعطي أمل للبرلينيين.
حسب صحيفة التاغس شبيغل: "لا يعاني صالح من مشاكل في اللغة، ولكن منتقديه يعانون من مشاكل في السمع، سببها أحكام مسبقة عنصرية". هل تعاني من مشكلة العنصرية؟
لا وجود للعنصرية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فحزبنا يكرس نفسه منذ تأسيسه قبل أكثر من 150 عاما من أجل السلام العالمي والتضامن والعيش المشترك ويناضل ضد العنصرية. وهذا ما فعله ضد النازية وعنصريتها. وآمل يستمر الحزب على هذا النهج ضد العنصرية ومعاداة الأجانب ومعادة السامية. من الطبيعي أن تكون هناك أحكام مسبقة ضدي وضد غيري من المعاقين وذوي الميول الجنسية المختلفة أو المعتقد المختلف. وستكون هذه الأحكام موجودة دائما، ولكننا كديمقراطيين اشتراكيين علينا التقليل منها ما أمكن (...).
هل قد يؤثر أصلك الفلسطيني على فرصتك بالفوز بمنصب العمدة؟
أعتقد أن هذه المسألة لا تلعب دوراً كبيراً. إنها مسألة فضول بالسؤال عن أصلي. لم أواجه بهذا السؤال منذ فترة بعيدة، وأجد أنه من الطبيعي أن يسأل الناس عمن قد يصبح عمدتهم وأتفهم فضولهم.
ما هي رسالتك للجالية العربية في برلين؟
رسالتي للآباء، شجعوا أطفالكم على بناء مستقبلهم عن طريق التعليم. أحبوا مدينتكم كوطن لكم، ودعكم من حزم حقائب السفر للعودة إلى بلدانكم الأصلية.