سياسة التكتم الألمانية على خطط ما بعد رحيل الأسد
١ أغسطس ٢٠١٢لا يزال الرئيس السوري بشار الأسد متشبثا بشدة بالسلطة في بلاده، ومع هذا فإن عملية إزاحته عنها تزداد اقترابا لكن لا أحد من الخبراء يجرؤ على التنبؤ بطول المدة التي سيتمكن فيها النظام السوري من الصمود، لأن ذلك سيكون كعملية قراءة للفنجان، كما يقول المحلل السياسي الألماني هايكو فيمن المتخصص في شئون سوريا لدى مؤسسة العلم والسياسة في برلين. ويضيف فيمن "إن هناك مخاوف من بقاء المشكلة بدون حل بعد رحيل الأسد." ويتشابه هذا الرأي مع رأي السياسي الألماني إلما بروك، عضو البرلمان الأوروبي عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وقال بروك في حديث مع DW"المعارضة السورية منقسمة، لذلك توجد مخاطر من أن تتقاتل الجماعات المختلفة مع بعضها ومن احتمال وقوع حرب أهلية أيضا بدون الأسد".
من المهم الآن وضع خطط وتصورات لمرحلة ما بعد الأسد، خصوصا بالنظر إلى التدخلات الغربية في حالات مشابهة من الماضي القريب، والتي كانت نتائجها أحيانا غير ما كان مرغوبا فيه.
تمهيد الطريق لسياسة جديدة تجاه سوريا
ويرى وزير خارجية ألمانيا غيدو فيسترفيله أنه قد حدثت نقطة تحول في سوريا. ففي مقابلة صحفية نشرت مؤخرا قال فيسترفيله إنه يجب الآن تمهيد الطريق لسياسة تناسب التطورات الأخيرة في سوريا. هذه السياسة لا تتعلق بمسار ألماني خاص تجاه سوريا لأن إمكانيات التدخل الألماني "محدودة جدا"، حسب ما يؤكد عضو البرلمان الأوروبي إلما بروك. فالتأثير الفعلي لألمانيا يأتي فقط من خلال كونها عضوا في الاتحاد الأوروبي، وليس من خلال كونها قوة في حد ذاتها. لذلك أعدت وزارة الخارجية الألمانية ورقة اقتراحات للتعامل القادم للاتحاد الأوروبي مع أحداث سوريا. وتتضمن هذه الورقة سبلا جديدة لتحجيم العنف، وتكثيف المعونات الإنسانية وإجراءات إعادة الاعمار بعد رحيل حكومة الأسد.
وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية إن بلاده تريد دعم الشعب السوري على المدى الطويل ومن ثم وضع حجر الأساس من الآن لإعادة بناء الاقتصاد، وعلى هذه المسألة بالذات تعمل مجموعة "إعادة البناء الاقتصادي والتنمية" التي شكلتها مجموعة أصدقاء الشعب السوري".
وتشارك كل من ألمانيا والإمارات العربية المتحدة في رئاسة "إعادة البناء الاقتصادي والتنمية" والتي من بين أهدافها أنها تريد أن تقدم للمعارضة السورية منتدى استشاري في المجال الاقتصادي. ولكن الأمر بالنسبة لوزير الخارجية الألماني لا يتعلق فقط بالمستقبل الاقتصادي. فقبيل انعقاد اجتماع ممثلي المعارضة في القاهرة (في 31.7.2012)، ناشد فيسترفيله في حديث لجريدة "راينشه بوست" المشاركين إقرار الديمقراطية والتعددية في سوريا، وأضاف أن هذا الهدف يجب أن يكون القاسم المشترك. في الوقت نفسه لا يكل فيسترفيله ولا يمل من مناشدة روسيا والصين من أجل تخفيف موقفهما المتشدد والتوقف عن دعم الأسد. ويقول إنه يجب العمل الآن من أجل مستقبل سلمي وديمقراطي في سوريا.
الاستعدادات لمرحلة ما بعد الأسد في برلين
وعقدت المعارضة السورية أكثر من مرة اجتماعاتها في العاصمة الألمانية برلين منها اجتماعات لتنظيم عملية الانتقال إلى سوريا ديمقراطية. ويشترك كل من المعهد الأمريكي للسلام (USIP) ومؤسسة العلم والسياسة (SWP)الألمانية في تنظيم مشروع "Day After" (اليوم التالي لما بعد رحيل الأسد)، والذي ما يزال سريا.وتقدم وزارتا الخارجية في واشنطن وبرلين الدعم اللوجيستي للمشروع ولكن بسرية تامة. وصرح فولكر بيرتس مدير مؤسسة العلم والسياسة (SWP)في حوار لصحيفة "Die Zeit" الأسبوعية الألمانية أن المشاركين هم أنفسهم من اختاروا المشاركة لأنه "ليست مهمتنا تعيين حكومة سورية جديدة"، وواصل قائلا إن الفرصة أتيحت للمعارضة لـ"خلق مجتمع حواري دون مراقبة ودون ضغوط".
ومن المفترض أن يتم تقديم وثيقة بالنتائج خلال أغسطس/ آب الجاري. أما كيف ومتى يمكن تنفيذ الخطط من أجل سوريا جديدة؛ فهذا أمر يعتمد على عوامل كثيرة منها على سبيل المثال: كم من الوقت يمكن للأسد أن يظل متشبثا بالسلطة وما حجم الحواجز النفسية بين الجماعات المختلفة. ومن ناحية أخرى يعتمد الأمر أيضا على الخطط التي سيتم وضعها عن طريق إعادة البناء الاقتصادي في البلاد. وحتى وإن كان هذا اليوم المجهول لا يزال في المستقبل البعيد يرى خبير الشئون السورية هايكو فيمن أنه مبدئيا أمر مفيد أن يتم الآن محاولة التأثير على التطورات المستقبلية، لأنه "يجب أن يكون لدينا شريك للحوار داخل قوى المعارضة أيضا". وواصل حديثه في حواره مع DWقائلا: "إذا تم قطع شوط كبير بالفعل حتى ذلك الوقت فإن الأحداث هي التي ستحرك الجهات الفاعلة، أما إذالم يكن هناك أي تصور حتى ذلك الوقت فلن يمكن فعل ذلك بعدها".
سابينه هارتيت موجيهي/ صلاح شرارة
مراجعة: عبده جميل المخلافي