سكوفكورفت: أوباما لم يبلور إستراتيجية في السياسة الخارجية
٢ يناير ٢٠١٤DW: في هذا العام الذي يوشك على الانتهاء، كانت السياسة الخارجية والأمنية في قلب اهتمامات إدارة الرئيس باراك أوباما، فيما افتقد العديد من المراقبين إستراتجية شاملة يمكن من خلالها قراءة هذه السياسة. من وجهة نظرك، كيف يجب أن تكون عليه معالم هذه الإستراتجية؟
برينت سكوفكورفت: أعتقد أن الأمر يبدو أكثر صعوبة اليوم، فخلال الحرب الباردة كانت الإستراتجية واضحة، وهدفها كان التصدي للكتلة السوفييتية. كانت لدينا في الغالب خلافات في القضايا التكتيكية، أما الإستراتجية فكانت محددة. بعد انتهاء الحرب الباردة لم تعد هناك إستراتجية ملزمة في عالم يتغير بسرعة فائقة. اليوم، صار كل شيء يقوم على التكتيك، فما ينطبق على بلد ما لا يصلح بالضرورة لبلد آخر. نحن لا نزال نبحث عن إستراتجية شاملة، ربما تكون موجودة لكننا لم نجدها بعد.
حينما تنظرون إلى ألمانيا وأوروبا، أو إسرائيل ودول الخليج، هناك أجواء من عدم الثقة تسود لدى أقرب حلفاء واشنطن. كيف تقيم أداء الرئيس أوباما في مجال السياسة الخارجية؟
أعتقد أن أوروبا هي في حالة استنفاذ استراتجي، فالقرن العشرون لم يكن رحيما بأوروبا، وهي مشغولة للغاية بتشكيل اتحاد أوروبي، ما لم يعد يجعل منها، حليفا أوثق للأمريكيين، على استعداد للمساهمة في معالجة القضايا الخارجية.
عدم الثقة الحالية تجاه الولايات المتحدة نشأ من خلال فضائح التجسس التي تقف وراءها وكالة الأمن القومي الأمريكي. هل تعتقد أن إدارة الرئيس أوباما نجحت في إدارة وتدبير هذا الملف؟
أعتقد أن إدارة هذا الملف كانت كارثية، الأمر يعود في أصله لاعتداءات سبتمبر/ أيلول الإرهابية. إحساسي هو أن إدارة الرئيس بوش كانت تعتقد أن الأمر كان يتعلق بالضربة الأولى فقط، وأن ضربات أخرى كانت ستأتي. كنا فعلا في حالة حرب، وكان علينا فعل كل ما بوسعنا لحماية وجودنا. والنتيجة هي ما نسميه اليوم قضية سنودن.
ألمانيا والولايات المتحدة بصدد التفاوض حول اتفاقية لحظر التجسس بين البلدين. كيف يجب أن تكون عليه هذه الاتفاقية؟ وهل ترى في ذلك حلا للمشكل؟
لن يكون ذلك حلا إذا تحدثنا في الأمر أمام العموم. وهذا بالضبط واحد من الأسباب التي جعلتني أناضل من أجل مجلس لحلف شمال الأطلسي. مجلس كان يضم مجموعة من الشخصيات المهتمة بالسياسة الخارجية لدعم الدول الأطلسية. لكن، وبعد انتهاء الحرب الباردة ظن الكثيرون أننا لم نعد في حاجة له. لقد بذلت جهودا كبيرة لإعادة إحياء عمل المجلس، لأنني أعتقد أن الكتلة الأطلسية تملك تأثيرا مهما في عالم فقد قيمه الأخلاقية.
دعنا نعود لإستراتجية الولايات المتحدة في السياسة الخارجية. الرئيس أوباما قال إنه يسعى لتحويل ثقل السياسة الخارجية من العمل العسكري إلى العمل الدبلوماسي، هل ترى أن الدبلوماسية صارت هي القلب المحرك للسياسة الخارجية الأمريكية؟
لقد اجتزنا مرحلة بدت فيه الدبلوماسية عملية معقدة مقابل العمل العسكري الذي بدا جاذبا وفعالا لحل المشاكل. كنا نعتقد، على سبيل المثال، أنه من البساطة إزالة الديكتاتور صدام حسين لبناء الديمقراطية. بالطبع كان ذلك اعتقادا مبالغا فيه، بالنظر للوضعية القائمة ولإمكانياتنا لضبطها. لقد تجنب الرئيس أوباما ذه السياسة وابتعد عنها، ولكن من الصعب إيجاد بديل ملائم ومنسجم، وهذا بالضبط ما نسعى إليه حاليا.
حينما ننظر إلى الاتفاق النووي مع إيران أو إلى الأزمة السورية: هل تعتقد أن أوباما نجح في بعض مبادراته الدبلوماسية، وأن الخيار الدبلوماسي يمكن أن يكون إستراتجية ناجحة؟
لن أصف ذلك تحولا نحو الدبلوماسية. علينا أن نكون أكثر دقة. لكني متفائل بحذر فيما يخص إيران، فقد شكل هذا البلد منذ 1979 مشكلة حقيقية للولايات المتحدة وأوروبا، بل والعالم أجمع، واليوم أمامنا فرصة للتقدم نحو الأمام. أما سوريا فمشكلتها مختلفة، فهي تقدم نموذجا لدولة لا تنطبق حدودها الجغرافية مع مكونتها الإثنية. سياستنا في سوريا لا بأس بها، وإذا ما تدخلنا في هذا البلد، كما فعلنا في العراق وأفغانستان فسنكون أمام مشكلة أكبر. ليس بوسعنا حل الأزمة لوحدنا. الحل المثالي في سوريا هو أن تعمل الولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع روسيا للدفع من أجل وقف إطلاق النار، وتحويل المعركة من ساحة القتال إلى طاولة المفاوضات.
هذا ربما يؤشر إلى تحول شامل، هل تؤسس هذه التحركات الدبلوماسية لمرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول؟
لست أدري إذا كانت تشير إلى نهاية مرحلة، يجب أن نعالج المشاكل المطروحة من خلال خصوصياتها وليس اعتبار سياسة وُضعت بشكل قبلي. إنه أمر عادة ما يتطلب تعاون الأطراف المعنية. والأهم من كل ذلك هو التواصل، إن مجتمع المفكرين والمثقفين واسع وله تأثير على السياسة أكبر مما نتصوره.
ما هو الدور الذي يمكن أن تضطلع به ألمانيا وأوروبا في هذا التصور الذي تبلورونه؟
العملية العسكرية في ليبيا تقدم نموذجا لذلك، كان هناك قرار لمجلس الأمن الدولي سمح باستعمال القوة لحماية المدنيين. وفوضنا حلف شمال الأطلسي لتحقيق ذلك الهدف. كما طالبنا من الجامعة العربية دعمنا. هذا مثال للعالم كما نعيشه اليوم. بالنسبة لي، هذا مجال يمكن أن يكون فيه حلف شمال الأطلسي مفيدا، كما لم يسبق لذاك أن حدث من قبل.
برينت سكوفكورفت جنرال أمريكي سابق ويتمتع بصيت واسع كخبير أمني في الولايات المتحدة. وكان مستشارا للأمن القومي للرئيسين الأمريكيين جيرالد فورد وجورج بوش (الأب) على التوالي بين 1975 و1977، ثم بين 1989 و1992.