سعدي: نسعى لتغيير على غرار تونس وأخشى من العنف
٣٠ يناير ٢٠١١تشهد الجزائر منذ أسابيع احتجاجات اجتماعية وسياسية بدأت بخروج آلاف الشبان إلى الشوارع في بداية شهر يناير/كانون الثاني الحالي احتجاجا على غلاء أسعار المواد الأساسية ودخلت على خط الاحتجاجات هيئات من المجتمع المدني وأحزاب وفي مقدمتها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية العلماني ذو التوجهات القبائلية(بربر).
وقال الدكتور سعيد سعدي رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، في حوار لدويشته فيله أن قطار الاحتجاجات في الجزائر قد انطلق من أجل "تغيير النظام السياسي بشكل جذري" على غرار ما حدث في تونس، معتبرا أن تغيير الرئاسة عنصر أساسي في عملية التغيير. لكن عملية التغيير في الجزائر تكتسي خصوصيات ولها محاذيرها كما يقول في الحوار التالي.
دويتشه فيله: لماذا اخترتم الاحتجاج الآن هل تودون تكرار ما حدث في تونس؟
الدكتورسعيد سعدي: النظام الجزائري قد أفلس، ونحن نود تغييره بالكامل، واحتجاجنا كان سلميا وسيظل كذلك، لكن إفلاس الرئاسة الجزائرية وعدم قدرتها على حل مشاكل الجزائريين، و نحن نعتقد أنه يجب تغيير كامل المنظومة السياسية التي حكمت البلاد منذ العام 1962 أي تاريخ استقلال الجزائر عن فرنسا.
وعندما أتذكر ما حدث لنا في نهاية الأسبوع الماضي، حيث حوصرنا في مقر حزبنا، و منعتنا قوات الأمن من التظاهر السلمي، عندما أتذكر منعنا، أشبه ذلك بما حدث للجزائريين خلال فترة الاستعمار الفرنسي، هل يعقل أن تسخر الدولة من أجلنا 15 ألف شرطي، أغلقوا العاصمة و منعوا حركة القطارات من أجل إيقاف مسيرة صغيرة، هذا السلوك هو نفس سلوك الجنرال ماسو الذي قمع الجزائريين إبان حرب التحرير الوطنية.
ولكن توقيت احتجاجكم تزامن مع سقوط النظام في تونس؟
ألا ترى أن الجزائريين يحرقون أنفسهم احتجاجا على النظام؟ وألا ترى أن شبابا بالآلاف يخاطر بحياته و يقطع البحر هروبا من حياة الجحيم التي يعيشها في الجزائر؟ أعتقد أن نفس الأسس التي قام عليها نظام بن علي في تونس متوفرة أيضا في الجزائر، كما أن نفس السياسات الدكتاتورية التي سار عليها بن علي هي موجودة في الجزائر، لذا فإن أسباب الانفجار هناك موجودة هنا، كما أن النظام في الجزائر، قد قسم البلاد إلى جهات وعشائر، حيث لدينا ثلاثة عشر وزيرا ينحدرون من قرية واحدة هي ندرومة تقع في ولاية تلمسان غرب البلاد، و قد ولد هذا الأمر رد فعل معاكس في كامل الجزائر، فالشمالي أصبح يقول أنا شمالي والجنوبي يقول أنا جنوبي وهلم جرا، نحن لن نتوقف عن احتجاجنا السلمي ضد هذا الوضع الفاسد.
ماذا تقصدون بالتغيير الشامل، وهل إن تغيير الرئاسة بنظركم هي المدخل لتغيير النظام برمته؟
نعم نحن نقصد بالتغيير الجذري كل شيء، الرئاسة وعمل المؤسسات الأمنية أي تغيير كل شيء، وسنبدأ عملنا عبرحكومة انتقالية تتولى الإعداد للعهد الجديد، كي نحافظ على وحدة البلاد ونحن على اتصال بجميع القوى التي تشاطرنا الرأي. و أكرر أن احتجاجنا سلمي مائة بالمائة و لن نستعمل العنف ضد أي كان و هدفنا هو تغيير النظام كما تغير في تونس.
هل يجري بهذا الصدد تنسيق بين حزبكم والأحزاب السياسية الأخرى وهيئات المجتمع المدني، وكيف تتفاعلون مع فئات الشباب غير المسيس؟
لقد خرج الشباب الذي تصفونه بغير المسيس قبلنا، كما شهد العالم ما حدث في الجزائر قبل أسابيع قليلة وما فعله هو بداية التغيير الشامل. ونحن على اتصال مع جميع القوى التي تشاركنا الرأي، كما أن التنسيقية التي تضم الأحزاب الديمقراطية تضم ايضا تيارات وجمعيات شبابية هدفها تأطيرعمليات الاحتجاج السلمي، وسنعمل على تسيير احتجاجنا مرحلة تلو أخرى، وأرجو عدم الانتقاص من دور الشباب الجزائري، لأنه لا يقل وعيا عن الشباب التونسي الذي أحدث تغييرا تاريخيا.
لقد خرج مواطنون غاضبون في مصر أيضا، ألا ترون أن ما حدث في تونس له مفعول الدومينو في المنطقة العربية؟
يجب أن لا ننكر أن ما حدث في تونس يمكن أن يحدث في دول أخرى بالمنطقة، ولكن يجب أن نذكر هنا أن الواقع الجزائري يختلف بشكل جذري عن الواقع في تونس، فنقابة المحامين عندنا غير نقابة المحامين في تونس ونقابات العمال في تونس غير نقابات العمال في الجزائر، لذا فإن التغيير في الجزائر سيكون غير التغيير في تونس، كما أود أن أذكر أن العنف في الجزائر مختلف عن العنف في تونس، وأنا خائف من خروج الأمر على السيطرة، لأن العنف سيكون شديدا و في كل مكان.
كيف ذلك واحتجاجاتكم ستكون سلمية؟
لا أتوقع أن احتجاجنا السلمي سيقابل برد سلمي من طرف النظام، بل سنواجه بالعنف والجزائر بلد العنف، وكل شيء فيها بني على العنف وعدم تجاوب الحكومة مع مطالب الشعب العادلة ثم الرد عليه بالعنف، سيكون له عواقب وخيمة.
هل تتوقعون مثلا ظهور جماعات مسلحة؟
لا أظن أن الأمر سيتحول إلى تشكيل جماعات مسلحة، بل إن العنف سيشمل كامل الجزائر، بطريقة لا يمكن التحكم فيها وسيسقط ضحايا كثيرون، لذا فإنني هنا أذكر أن الوضع في الجزائر مختلف عن الوضع في تونس و كذلك ميكانيزمات التحرك ونتائجه.
إذا أنتم مصممون على المضي قدما في التغيير رغم توقعكم لهذا السيناريو الخطير؟
نعم، ونحن لا نتمنى حدوث ما قلته من قبل، و لكنه تصور نابع من خبرتنا مع النظام ومع مجتمعنا الجزائري.
سعيد سعدي رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، علماني ذو توجهات قبائلية (بربرية).
أجرى الحوار في الجزائر: هيثم رباني
مراجعة: منصف السليمي