"ساشا" تضع نظرة "النهضة" التونسي للمرأة تحت المجهر
١٨ أبريل ٢٠١٨وسط ترقب كبير للنتائج وأمل في نجاح امتحان الديمقراطية في البلد، فُتح ملف الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية في تونس قبل أيام. ويبدو أن أولى الانتخابات البلدية بعد الثورة، حملت معها تغييرات لم يعهدها التونسيون في الحملات السابقة.
حديث التونسيون عن الحملة المزمع انتهاؤها في الرابع من ماي/ أيار2018، أوقف كثيرين للحديث عن سليمة بن سلطان أو "ساشا" كما يلقبها الجميع المرشحة عن حزب "النهضة". ترشيحها هذا كان الفتيل الذي أشعل النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي حول التجديد الذي شمل الحزب المعروف بمرجعية "إسلامية"، علما أن الأخير جدد لوائحه الانتخابية بنساء كثيرات، منهن "ساشا" التي بدت بمظهر مختلف، فبعضهن لسن فقط غير محجبات، وإنما يلبسن أيضا "سراويل الجينز المقطعة"، كما الشأن بالنسبة لـ"ساشا".
ما المثير في "ساشا"؟
أثار ترشح "ساشا"، للانتخابات البلدية بسيدي بوسعيد، سيلا من النقاش، خاصة وأن طبيبة الأسنان قد ترشحت بصفتها المستقلة على رأس قائمة حركة النهضة. والكثير من المغردين يتساءلون عما إذا كانت هذه الخطوة تغييرا لنهج "النهضة" أم دعاية للاستهلاك الانتخابي؟
سليمة بن سلطان، قسمت رأي التونسيين بين معجب بمظهر رئيسة القائمة المعاصر، التي لا تلبس الحجاب وتختار الظهور بطلة شبابية و"لوك" امرأة عصرية، تبعث في "النهضة" حس التطور والانفتاح. ومنتقدين كثر يرون في الأمر دعاية للحركة وكسبا لود الجمهور لا غير.
<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FIsmailElMaqhor%2Fposts%2F1807476752637335&width=500" width="500" height="595" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>
"ساشا" صاحبة 42 سنة، والأم لطفلة عبرت في حوارات لها مع جهات إعلامية، عن إعجابها بحركة النهضة حتى قبل انضمامها لقائمة المرشحين وأنها صوتت مرة وحيدة في حياتها وكانت لصالح الحركة نفسها. علاوة على هذا، قالت سليمة إنها مثل السيدات الأخريات؛ تلبس "الجينز" وأنها "ضد التطرف في اللباس من كل الجهات".
دعاية أم انفتاح؟
إلى جانب سليمة بن سلطان أو "ساشا"، اختارت حركة "النهضة" أربع تونسيات أخريات لتضعهن على قائمة اللوائح الانتخابية البلدية. فتوجد النائبة السابقة عن النهضة سعاد عبد الرحيم عن دائرة تونس، وراقية الغربي عن دائرة المرسى، فضلا عن حبيبة العياري عن دائرة قرطاج وزينب بن حسين عن دائرة باردو.
DWعربية، سألت أستاذ علم الاجتماع وأنثروبولوجيا الثقافة، بجامعة تونس المنار؛ الدكتور منير السعيداني، حول خلفيات الموضوع، حيث اعتبر هذا "التجنيد النسائي الانتخابي يميل أكثر لأن يكون عرَضيا بعض الشيء، حيث تحاول المترشحات غير المحجبات الظهور في صور استعراضية، لا تقوم بها النساء في حياتهن العادية، وهو ما يوضح وجود نية استعراضية وسياسة مظهرية، وبالتالي تجاوز لما كانت عليه الحركة سالفا".
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن المرأة التونسية قد ظهرت أكثر قوة في الساحة السياسية بعد الثورة، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، وخصوصا بسبب تنامي نفوذ التيارات الإسلامية. واستنادا إلى الدستور التونسي الذي سن تشريعات مكنتها من الحصول على حقوقها السياسية والانتخابية بشكل أكبر، اقتحمت التونسيات مناصب سياسية كانت حكرا على الرجال. ففي 2014، فازت 67 امرأة بمقاعد خلال الانتخابات البرلمانية، كما بلغت حصة النساء داخل الحكومة التونسية سبعة مقاعد، ووقفت خمس وزيرات وكاتبتي دولة إلى جانب زملائهن في المنصب، حسب دراسة للمركز الديمقراطي العربي.
استغلال للمرأة!
من بين الانتقادات التي وُجهت للمرشحة "ساشا" على "سروال الجينز المقطَّع"، جاءت من "كرونيكور"(محلل سياسي) قناة الحوار التونسية، لطفي العماري. فقد اعتبر لباسها "تشويها للحداثة"، كما انتقد محاولات وأساليب "النهضة" للظهور في حلة منفتحة.
فهل يمكن أن تكون الحركة فعلا تهتم بصورتها على حساب "استغلال نساء"، كما ذكر المنتقد ومجموعة من المغردين؟
السعيداني، وفي تصريحه بخصوص الموضوع، قال إن "الأمر معقد ولا يمكن ربطه بمسألة استغلال لصورة المرأة أو انفتاح حزبي". كما أكد على إمكانية اعتماد الحركة لاستراتيجيات مختلفة في التواصل مع الناخبين والجمهور وكذلك وسائل الاعلام، بهدف تسويق صورة معينة عنه. كما أشار في معرض حديثه إلى الصورة المسبقة للحزب والموجودة لدى أوساط فكرية، سياسية، شعبية وإعلامية تضعه في خانة الحزب المحافظ، الذي لا يشجع المسألة النسائية المنفتحة.
وفي نفس السياق، أشار أستاذ علم الاجتماع إلى أنه من غير الممكن الحكم على النوايا، في حين يوجد تفاعل من طرف الحركة مع ضرورة تجديد الخطاب وتجديد صورته. علاوة على ذلك، عزى المتحدث الأمر، إلى ضرورة الانفتاح على كفاءات مجتمعية، ورأى أن الانتخابات البلدية تحتاج إلى كفاءات، وبالتالي مهما توفرت الأحزاب على كفاءات، فيجب عليها البحث على وجوه جديدة في دوائرها الانتخابية ومحيطها.
مريم مرغيش