زيت النخيل في تايلاند
٢٢ فبراير ٢٠١٠تعتبر شجرة زيت النخيل شجرة عجيبة فزيتها صحي للغاية وهو يدخل في صناعة زيوت التجميل، بل ويصلح كوقود للسيارات، كما أن محصول هكتار واحد من شجرة زيت النخيل في العام الواحد ينتج ستة أطنان من الزيت، وهذه كمية كبيرة مقارنة بمحاصيل أخرى. فللحصول على كمية الزيت ذاتها من فول الصويا أو زهور عباد الشمس أو السلجم، يتوجب زراعة أرض تصل مساحتها إلى عشرة هكتارات. وكما تقول كورينا هولزل، الخبيرة في مجال الغابات والبيئة بمنظمة "غرين بيس Greenpeace " لحماية البيئة، فإن شجرة زيت النخيل في حد ذاتها شجرة جيدة تزدهر زراعتها، وتبرهن على ذلك بقيام الدول الآسيوية التي تحتل الصدارة عالميا في زراعة هذه الشجرة مثل إندونيسيا وماليزيا، بزيادة مساحة الأراضي المزروعة بشكل كبير خلال العام الماضي. وتؤكد الخبيرة الألمانية على أن هناك دولا أخرى كتايلاند تسير على نفس الخطى حيث أقامت عدد من المشروعات الكبيرة.
إلا أن هذه "الشجرة العجيبة" كما يطلق عليها البعض، لم تسلم من النقد من قبل المهتمين بحماية البيئة، وهو الأمر الذي أثبتته الدراسة التي أجرتها عام 2008 مؤسسة البيئة والمناخ والطاقة في مدينة فوبرتال بطلب من الحكومة الألمانية. وبحسب النتيجة التي تم التوصل إليها فإن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة خلال عملية إنتاج زيت النخيل، تفوق مثيلتها من المواد العضوية المتاحة عبر عملية الإنتاج. ويرجع السبب في ذلك إلى الأسلوب المتبع والقائم على زراعة نوع واحد من المحاصيل في مساحات شاسعة. وكما هو في حالة إندونيسيا بشكل خاص، نجد أنه تم لذلك الغرض قطع مساحات واسعة من الغابات المطيرة، وهي تقدر سنويا بـ 1.3 مليون هكتار.
وتتفق آراء الخبراء على أن إنتاج زيت النخيل بشكل رفيق بالبيئة ممكن في حالة واحدة فقط، تتمثل في الاعتماد على دورة زراعية تستمر لأكثر من المدة المألوفة حاليا وهي خمسة وعشرون عاما، وبشكل مواز التوقف عن القطع الجائر للغابات المطيرة. ولتفعيل هذه الفكرة لا بد هنا من إقامة مشروعات جديدة. ويجتمع التجار مع المسؤولين في المنظمات غير الحكومية منذ عام 2004 لصياغة حد أدنى من القواعد المقبولة، وعرف هذه الاجتماع اختصارا بـ ار.اس.بي.أو (RSPO) "المائدة المستديرة لإنتاج زيت النخيل المستدام".
#
نقد للناشطين في حماية البيئة
وبالرغم من هذا فإن هذه الجهود مهددة بالفشل، إذ يحجم منتجو زيت النخيل على سبيل المثال عن الإسهام في الحد من انبعاث الغازات الضارة بالمناخ، وهم ينظرون إلى موقف حماة البيئة المنتقد على أنه أقرب إلى النفاق. وحجتهم في ذلك هي أن زيت النخيل عامل اقتصادي مهم لمكافحة الفقر، ولما كان الفقر هو السبب الأساسي وراء القطع الجائر للغابات وتراجع مساحتها، فلا يمكن لزراعة أشجار زيت النخيل - من وجهة نظرهم - أن يكون مصدر ضرر لتلك الغابات. وفي هذا السياق يقول وزير الزراعة الإندونيسي السابق أنطون أبرياتونو "توجه لنا الانتقادات تحت ذريعة حماية البيئة، بينما السبب الحقيقي لهذه الانتقادات يقوم على خلفية المنافسة وأعني هنا زيت السلجم."
ختم الجودة وأثره
وفي أواخر عام 2008 أصدر (RSPO) أو اجتماع "المائدة المستديرة لإنتاج زيت النخيل المستدام" للمرة الأولى ختما للجودة، وهو يضمن مصدر زيت النخيل انطلاقا بعدم ارتباط إنتاجه بالقطع الجائر للغابات، وهذا الأمر يعني بشكل ما أن قطع الغابات المطيرة لم يمنع بشكل مباشر. من جانبها أعلنت شركة "هنكل Henkel " الألمانية التي تستورد مئات الآلاف من الأطنان سنويا، أنها ستركز في السنوات القادمة بشكل حصري على الزيوت التي تحمل ختم الجودة دون غيرها. وقبل حوالي عام أي في أواخر 2007، قامت ألمانيا بوضع قوانين لتنظيم إنتاج الكهرباء من الكتل الحيوية بشكل مستدام.
ومنذ ذلك الحين لم يعد من المسموح سوى باستيراد مواد لإنتاج الطاقة (ومنها زيت النخيل) ما لم تكن منتجة بشكل يراعي الشرطين البيئي والاجتماعي. وفي هذا الصدد يرى وزير البيئة الألماني السابق زيغمار غابرييل أن الهدف هو استبعاد زيت النخيل الذي يقوم إنتاجه على تدمير الغابات المطرية من قائمة الواردات الألمانية. وفي واقع الحال فإن تحقيق هذا الهدف يستغرق وقتا طويلا، إذ بالرغم من توفر زيت النخيل النظيف بالمعنى البيئي، إلا أنه ذلك يكلف مالا بالطبع. ومنذ عام 2008 نجح (RSPO) في إدخال كميات معقولة من الزيت الذي يحمل ختم الجودة إلى الأسواق، غير أن دراسة حديثة أجراها صندوق حماية الحياة البرية (WWF)، أثبتت أن النسبة في مجملها لا تتجاوز عشرة في المائة 10 بالمائة فقط من الشركات الستين الكبرى العاملة في مجال التصنيع في أوروبا، وهذا بالرغم من أن فرق السعر لا يتجاوز 5 بالمائة خمسة في المائة.
الكاتب: أوليفر سامسون/ نهلة طاهر
مراجعة: سمر كرم