ريتشارد فاغنر ـ الموسيقي الفيلسوف
في الـ 22 من مايو/أيار 1813 شهدت مدينة لايبزغ الواقعة في ألمانيا الشرقية سابقا ميلاد أحد عمالقة فن الموسيقى الكلاسيكية: انه ريتشارد فاغنر، ذلك الموسيقي الذي نشأ في أسرة فقيرة وكبيرة حيث كان هو الطفل التاسع لأسرته. توفي أبوه وهو لم يتعد بعد الستة شهور من عمره مما دفع الأم نظرا لضيق الحال إلى الزواج ثانية من الشاعر والممثل لودفيش غاية سنة 1814 وفي السنة نفسها هاجرت العائلة إلى مدينة دريسدن.
لايبزغ مدينة الولادة والإلهام الموسيقي
عاد فاغنر في سنة 1828 إلى مسقط رأسه لايبزغ وبدأ الدراسة في مدارسها، وفي السادسة عشر من عمره وصلت الى مسامعه مقطوعة موسيقية كانت هي الدافع الذي جعله يتعلق بالموسيقى ويقرر بالتالي أن يصبح موسيقيا. لم يستغرق الأمر كثيرا من الوقت حتى خرج فاغنر علينا بمقطوعة موسيقية غير مكتملة حملت اسم "الزفاف". وفي مطلع سنة 1831 بدأ دراسة الموسيقى في جامعة لايبزغ تحت إشراف تيودور فاينليك حيث أهداه ألبومه الأول. وفي سنة 1833 تأثر بالكاتب هاينريش لاوب وبالحركة الأدبية الثورية التي مهدت لثورة مارس 1848 حيث أصبح في هذه الفترة مسؤولا عن مهرجان الموسيقى الصيفي لمدينة باد لاوخشتات. وفي سنة 1836 تزوج الممثلة مينة بلانة وبعد ذلك بعام أصبح مديرا لمسرح كونيكسبيرغ، غير أن المشروع سرعان ما فشل وغرق فاغنر في الديون ليغادر البلد سرا نحو روسيا ومن هناك إلى لندن وباريس.
فاغنر صانع فرحة بايرويت
كان فاغنر وراء تأسيس مهرجان بايرويت الصيفي الذي يشهد هذا الصيف دورته 94، و لا يزال يحمل اسمه إلى اليوم، كما أن رائعته الخالدة "فليغندن هولينده" لا تزال تعزف في هذا المهرجان الذي يحيي ذكراه و يحج اليه سنويا حوالي 60 ألف زائر، غالبيتهم من الأجانب، وذلك اعترافا بعبقريته في موسيقى الأوبرا وكذا لكونه ساهم في إشعاع المدينة عن طريق هذا المهرجان على الصعيد العالمي.
أعمال فاغنر الخالدة
كانت سنتا 1840 و1841 فترة تألق فاغنر بلا شك وذلك على الرغم من الظروف المادية الصعبة التي مر بها في هاتين السنتين. ففيها أكمل عددا من المعزوفات الخالدة مثل " فليغندن هولينده" و"رينزي"، كما ألف العديد من القطع التي لا زالت محط إعجاب العديد من محبي موسيقى الأوبرا، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "فيين" التي عزفت في البهو الملكي وفي المسرح الوطني لمدينة ميونخ سنة 1888 وقطعة الحب الممنوع أو "نوفيز فون باليرمو" التي عزفت على خشبة مسرح مدينة ماغدبورغ. هذا بالإضافة إلى عدد من القطع التي عزفت تحت إشرافه سواء في بايرويت أو النمسا أو سويسرا. لم يكن فاغنر موسيقيا فذا فحسب، بل مؤلفا للعديد من كتب النقد والتنظير الموسيقي والفلسفة والسياسة.
محمد مسعاد