رواية مصورة...تجمع فلسطينيين وإسرائيليين في نفق واحد!
٢٧ يناير ٢٠٢١بدأت القصة قبل ثلاثين عاماً، حينما التقت الكاتبة والرسامة الإسرائيلية روتو مودان بالصدفة، بأب يهودي وابنه يخططان لحفر التراب من أجل البحث عن "تابوت العهد"، والذي حفظت فيه ألواح العهد، وفقاً للتراث اليهودي.
آنذاك اعتقدت مودان أن الأمر ضرب من "الجنون"، كما ذكرت لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، ولكن وقبل عدة سنوات، وجدت أن هذه الحادثة القديمة تصلح لتكون أساساً لقصة مصورة جديدة.
وانطلاقاً من هذه الفكرة قررت أن تبدأ بدراسة التاريخ اليهودي، والانخراط بمحاضرات جامعية حول علم الآثار، وخلال سعيها الحثيث أدركت أن "تابوت العهد" استطاع أن يفترس خيال الناس، ما أدى إلى إثارة الأوهام بين عشاق الآثار المغامرين، كما توضح مودان. وبعد خمس سنوات من الدراسة والكتابة والرسم، قامت الكاتبة بطرح روايتها المصورة الجديدة في المكتبات الإسرائيلية بعنوان "النفق".
من في النفق؟
كما يشير العنوان، فإن الرواية المصورة لا تتناول مغامرات عالمة آثار إسرائيلية وطفلها فحسب، بل إن النفق يعج بمختلف الأشخاص الذين يحفرون للوصول لأهدافهم المختلفة، من علماء آثار، ومهربين فلسطينيين، وأصوليين يهود، ومتطرفين إسلاميين، ورجال ونساء، ومثليين، وطفل مدمن على الهواتف الذكية.
تقول مودان إن "علم الآثار يحتوي على جميع العناصر؛ التاريخ والجريمة والمجانين والمزورين، واللصوص والعلماء، والسياسة"، ما يجعله أساساً جيداً لمناقشة مختلف جوانب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي باستخدام رواية مصورة ومسلية، على حد تعبيرها.
الرواية، والتي تحتوي رسومات جميلة ومعقدة، تبدو كتقاطع ممتع ما بين مغامرات إنديانا جونز وموسيس داين، كما وصفتها الصحفية الإسرائيلية نيريت أندرمان. وتضيف أندرمان أن الرواية المصورة هي مغامرة غاصت في أعماق علم الآثار الإسرائيلي، وانغمست في مناقشة المؤامرات والمنافسات في العالم الأكاديمي، وتحدثت بشكل صريح عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتجرأت مودان على جمع المستوطنين والفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في مكان واحد، وأجبرتهم على الاختلاط داخل الأراضي الفلسطينية بالقرب من الجدار العازل، وبهذا تمكنت من ترجمة العلاقة المعقدة على أرض الواقع داخل روايتها.
ما الذي يحدث في النفق؟
بطلة الرواية المصورة هي "نيلي بروشي"، ابنة عالم الآثار المشهور "يسرائيل بروشي"، والتي تعود إلى موقع التنقيب؛ حيث أمضت بعض الوقت مع والدها قبل اندلاع الانتفاضة الأولى.
نيلي مقتنعة بأنّ هذا الموقع يخفي كنزاً حقيقياً - تابوت العهد، الذي يمكنه استعادة الكرامة المفقودة لوالدها الذي يعاني الآن من الخرف.
المشكلة هي أنه من أجل اكتشاف "تابوت العهد"، يجب على "نيلي" مواجهة العديد من التحديات والشخصيات المختلفة، والتي تثير عدداً غير قليل من الصعوبات، مثل "البروفيسور موتكي" من قسم الآثار، والذي هو على خلاف مع والدها والمسؤول عن طرده من الجامعة، والمستوطن "غداكان"؛ والفلسطينيون على الجانب الآخر من الجدار، الذين يحفرون نفقهم الخاص، وشقيق نيلي، الملقب بـ "بروشي"، الذي يريد في الغالب الحصول على منصب جامعي، وولدها الصغير الملقب بـ "دكتور"، والمدمن على استخدام الهاتف الذكي.
والعديد من الشخصيات الأخرى الثانوية، بما في ذلك الجنود وبقرة حمراء.
وتصف الكاتبة شخصية نيلي؛ على أنها ذكية وعملية وصادقة، واستطاعت جذب هذه المجموعات المتناقضة إلى صفها، من أجل الوصول لهدفها.
روتو مودان
تعتبر مودان من بين كتّاب القصص المصورة الإسرائيليين القلائل الذين استطاعوا الوصول للعالمية، وتمكنت بجدارة من التربع على عرش فن القصص المصورة محلياً، كما يذكر الصحفي الإسرائيلي توم شيفرا.
قامت مودان بكتابة عمود قصص مصور باللغة الإنجليزية لصالح صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وعدة روايات مصورة، ومجموعة من القصص القصيرة.
ولا يعد "النفق" كتابها الأطول حتى الآن، (275 صفحة)، والأكثر طموحاً فحسب، بل مرشح جاد لأفضل رواية مصورة لهذا العام، حسب صحيفة هآرتس.
م.ش/ ع.ج