دريسدن تحيي ذكرى ضحايا قصف الحلفاء في 1945
دريسدن - بعد ستين عاما من قصف الحلفاء لمدينة دريسدن الالمانية في 13 شباط/فبراير 1945، انطلقت اليوم الاحد الاحتفالات لاحياء ذكرى حوالى 35 الف شخص قتلوا في تلك الغارات التي شنتها طائرات أمريكية وبريطانية. وبدأ حوالى ستون رياضيا "سباقا للسلام" على امتداد 13 كيلومترا يمرون خلاله امام الموقع الذي احرق فيه النازيون ملايين الكتب عام 1933 وامام كنيسة السيدة العذراء (فراون كيرشه) التي دمرت في القصف واصبحت عملية اعادة بنائها في المراحل الاخيرة. وبدأت الاحتفالات الرسمية اليوم باقامة الصلوات على أرواح الضحايا في "كرويتس كيرشه". وشارك فيها اضافة الى رئيس وزراء ولاية سكسونيا وعمدة مدينة دريسدن سفراء دول كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
مظاهرات للنازيين الجدد
من المتوقع أن تلقي "مسيرات الحزن" التي أعلن اكثر من 7000 آلاف مؤيد للنازيين الجدد تسييرها في شوراع دريسدن بظلالها على الاحتفالات الرسمية هذا اليوم. وستجري هذه المسيرات وسط اجراءات امنية مشددة لتجنب اي مواجهات مع متظاهرين معارضين لهم. وكان حوالى 500 ناشط يساري متطرف قد تظاهروا بعد ظهر أمس السبت "ضد اسطورة الضحايا" وضد "تزوير التاريخ". ويحاول النازيون الجدد كل عام استغلال هذه المناسبة لاشهار "جرائم الحلفاء ضد الشعب الالماني" دون الاشارة الى السبب والمسبب لهذه الاحداث. وفي هذا السياق دعا رئيس وزراء ولاية سكسونيا جيورج ميلبرات الالمان الى احياء ذكرى ضحايا دريسدن "من خلال اضاءة الشموع واثارة روح التسامح مع أعداء الامس."
شرودر: عدم الخلط بين الاسباب والنتائج
من جهته حث المستشار الالماني غيرهارد شرودر (من الحزب الاشتراكي الالماني) شعبه بكل حزم على ضرورة عدم الخلط بين ضحايا النازيين وضحايا الحرب عند الحديث عن أعداد ضحايا الحرب اجمالا. ففي حديث له لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الصادرة صباح اليوم قال شرودر: "لا يجوز تزوير التاريخ. لن نسمح بان يتم الخلط بين الاسباب والنتائج." وكانت الحكومة الالمانية قد أعلنت قبل أيام عن عزمها على تشديد القوانين المتعلقة بحق التظاهر والتجمع في ألمانيا وذلك من أجل حظر التظاهرات التي تمجد النازية او تقرها او تلك المقرر اقامتها في هذه المناسبة وفي الذكرى الستين لاستسلام المانيا النازية في الثامن من ايار/مايو.
35000 قتيل في غضون ساعات معدودة
في ليلتي 13 و 14 فبراير/شباط 1945 شنت حوالي 800 طائرة من سلاحي الجو الامريكي والبريطاني غارات مكثفة بواسطة قنابل شديدة الاحتراق على مدينة دريسدن التي كانت حتى ذلك الوقت بعيدة عن القصف وآثار الحرب. ويتذكر العجوز الفرنسي جاك فيديل (83 عاما) ما جرى في تلك الليلتين عندما القت الطائرات حممها على دريسدن حيث التهمت السنة النار السكان وحولت المدينة في غمضة عين الى انقاض وخراب. وقال العجوز اثر زيارة للمدينة الواقعة شرق المانيا حيث ارغمه النازيون على العمل هناك ابان الاربعينيات: "لقد دوت صفارت الانذار. وفجاة سمعنا دويا هائلا". واضاف متسائلا: "ما اسم القنابل التي القوها لاضاءة الاهداف؟ قنابل خضراء وحمراء ومن جميع الالوان. لقد كان الامر رائعا ومذهلا". وقد حكم على المحاسب الذي كان يبلغ من العمر 23 عاما حينها بالاشغال الشاقة في مصنع لتصليح عربات القطار في الجزء الغربي من المدينة التي يطلق عليها "فلورنسا الالبه" نسبة الى النهر الذي يخترقها. والقت طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني الدفعة الاولى من القنابل في 13 شباط/فبراير نحو الساعة 00.22 بالتوقيت المحلي على المدينة التي تعتبر احدى روائع الفن المعماري وتضم ابرز الصروح الثقافية في المانيا. وقال العجوز الفرنسي الذي كان يعمل خلال الدوام المسائي ان "الغارة استمرت ساعة ونصف الساعة تقريبا. كانت هناك دفعة ثانية عند الساعة الواحدة صباحا، وحينها لم تعد هناك صفارت انذار كما خلت الشوارع من المارة". وقتل 35 الف شخص على الاقل في الغارات. والتهمت النيران المباني وارتفع هواء ساخن فوق المدينة المدمرة. وقد التهمت النار السكان في حين طالت السنة اللهب اخرين كانوا يحاولون الهرب من هذا الجحيم، وفقا للعجوز الفرنسي.