دار كتب إلكترونية لتعزيز التواصل مع قراء العربية
يعاني سوق الكتاب العربي من ركود مزمن، تعود أسبابه إلى قلة المبيعات وسوء التوزيع، إضافةً إلى صعوبات النقل والتصدير. فيصعب على قراء الأدب في مصر مثلاً الإطلاع على اتجاهات الكتابة الجديدة في لبنان أو المغرب، وحتى في المناسبات الخاصة مثل معارض الكتب، يقف ارتفاع الأسعار عائقاً أمام قراءة تشكيلة واسعة من الكتب. الأمر الذي يجعل من مراكز إنتاج الكتب العربية جزراً منعزلة لا رابط بينها.
لذلك بدأت مجموعة من الشباب العرب مشروعاً طموحاً لإنشاء دار نشر تسعى إلى تجاوز الحدود الجغرافية والاقتصادية الضيقة، تقوم فكرتها على استثمار التطور التقني المتمثل في الشبكة الإلكترونية من أجل دفع عجلة إنتاج وقراءة الكتب، والحفاظ على التراث الحضاري للثقافة العربية. اسم دار النشر هو دار "كتب عربية" وعنوانها هو www.kotobarabia.com، أما فكرتها تقوم على نشر وتسويق الكتب الإلكترونية، وهي نسخ الكترونية من النصوص على شكل ملفات رقمية يمكن بسهولة تداولها وإرسالها عبر شبكة الإنترنت نظير مقابل مادي صغير لا يقارن بتكاليف إصدار الكتب الورقية وإرسالها عبر البريد.
حرية أكبر في تداول الكتب
افتُتح المشروع قبل أيام وأقيم مؤتمر في القاهرة بهذه المناسبة حضره عدد من الباحثين وأساتذة الجامعات والأدباء، وأعلن فيه عن إطلاق صفحة المشروع على شبكة الإنترنت وفيها 1000 عنوان في مختلف أنواع المعرفة لأكثر من 500 كاتب عربي، ويأمل القائمون على المشروع أن يصل عدد الكتب على الموقع إلى خمسة آلاف نهاية هذا العام إضافة إلى 200 مجلة ودورية. وتتراوح أسعار الكتب في الموقع بين 3 إلى 4 دولارات للكتاب الواحد، بعد إتمام عملية الشراء يصل إلى المشتري نسخة من الكتاب على هيئة ملف PDF يستطيع بعدها قراءته على جهاز الحاسب الآلي.
بدأ المشروع بنسخ إليكترونية من كتب مطبوعة منذ فترة بعضها قد نفد، وتقول السيدة لينا محمود نائبة مدير دار النشر إن تركيز الدار الآن يدور حول الكتب المنشورة ورقياً أو كتب جديدة لكتاب معروفين، وتضيف: "بالطبع نحن مهتمون أيضاً بالكتاب الشباب لكن إصدار كتب حديثة لكتاب جدد يتطلب وجود لجنة لقراءة تلك الأعمال وترشيح ما يصلح منها للنشر، وهو الأمر الذي لا نستطيع القيام به الآن لصغر حجم المشروع، لكنه مطروح في الفترة القادمة".
وتهتم دار النشر بشكل خاص بالكتب التي نفدت وبالكتب التي صودرت ومنعت من التداول لأسباب رقابية، لإتاحة فرصة نادرة للإطلاع عليها. كما تهدف لتقديم خدمة ثقافية عابرة للحدود الجغرافية، تقول لينا محمود "الحصول على كتب عبر شبكة الإنترنت هو وسيلة فعالة ومفيدة في المناطق التي لا تصلها الكتب لأسباب سياسية كالمناطق المحتلة الفلسطينية، حيث تفرض سلطات الاحتلال شروطاً قاسية على مرور الكتب، أو المناطق التي لا تصلها الكتب لأسباب رقابية كالسعودية. كذلك تسعى الدار إلى التواصل مع العرب المقيمين في المهجر، والذين لا تصلهم الكتب لصعوبة التوزيع وارتفاع أسعار النقل والشحن. إضافة إلى أن الحصول على الكتب العربية هو أمر مفيد للمعاهد وأكاديميات البحث في الخارج".
كيف يتم النشر والشراء؟
تقوم دار "كتب عربية" عند نشر كتاب اليكترونيا بإتمام عقد مع الكاتب يبيح لها حقوق النشر لمدة معينة من الزمن ونظير ذلك يحصل الكاتب على نسبة محددة من المبيعات، على أن يكون للكاتب مطلق الحرية في نشر عمله على شكل كتاب مطبوع عند أي دار نشر إذا أراد. واستطاعت دار النشر تحويل الكتب المطبوعة من قبل إلى كتب اليكترونية لأن عقود النشر المبرمة بين دور النشر والكتاب لا تتناول حق النشر الإليكتروني وبالتالي يحق لأي طرف استخدامها وإعادة نشرها إليكترونياً.
وتتم علمية الشراء بواسطة كارت الفيزا أو غيرها من بطاقات الائتمان يحصل بعدها المستخدم على ملف اليكتروني من نوع PDF يمكن فتحه بسهولة وقراءته، غير أن عيبه الوحيد هو عدم إمكانية طبعه لقراءته بشكل مريح أو الاقتباس منه بطريقة النسخ واللصق، وتبرر لينا محمود ذلك بسبب حقوق النشر الموقعة مع الكتاب والتي تحظر إعادة إنتاج النصوص بأي شكل آخر. ورداً على سؤال حول مدى استفادة القارئ العربي من هذا المشروع حيث تقل نسبة المتعاملين منه مع البنوك وبالتالي لن يتمكن من الدفع عن طريق بطاقات الائتمان، تقول لينا محمود "هذا صحيح، ولهذا السبب فلقد بدأنا محادثات مع شركتي التليفون المحمول في مصر لتطوير طريقة للدفع عبر رصيد التليفون المحمول، بمعنى أن المستخدم يرسل رسالة قصيرة SMS إلى رقم معين يتم بعدها خصم سعر الكتاب من رصيده ثم يُرسل إليه الملف".
دار نشر "كتب عربية" هي محاولة عصرية للتحقيق مشروع اقتصادي لا يهدف إلى الربح فقط ولكن إلى تحقيق رسالة ثقافية. فالدار كما نص بيان الافتتاح لا تهدف إلى أن تكون مكتبة للكتب فقط وإنما نقطة التقاء المفكرين والمبدعين العرب المتحدثين بالعربية أو بغيرها حيث تتاح الكتب للقراءة فقط مقابل مبلغ معلن عنه لكل كتاب ويحصل المؤلف على نسبة من سعر البيع، كما ستنظم في الفترة القادمة مسابقات أدبية وبحثية لإظهار المواهب الناشئة ستكون لها جوائز مالية فضلا عن تولي الدار مسؤولية نشر الأعمال الفائزة.
هيثم الورداني