الكتاب العربي ومشكلات ترجمته إلى الألمانية
يواجه الكتاب العربي مشكلة في ترجمته إلى اللغات العالمية. وهذا ما يتسبب في الحد من انتشاره على الصعيد العالمي. ففي ألمانيا مثلاً لا يتجاوز المعدل السنوي لعدد الكتب المترجمة من العربية إلى الألمانية عشرة كتب. وفي فرنسا لا يختلف الأمر بشكل جوهري. أما في دول جنوب أوروبا كإيطاليا وأسبانيا فينخفض هذا العدد إلى أكثر من النصف. ويأتي هذا الضعف في وقت تشهد فيه إصدارات الكتاب العربي تنوعاً وغزارة. من جهة أخرى تتركز الترجمة على الكتب الأدبية. ومن الملاحظ أن معظم الكتب المترجمة تتولى نشرها دور نشر صغيرة أو متوسطة الحجم. وتكمن المشكلة في ضعف إمكانياتها على صعيد التوزيع والتسويق داخل الأسواق الأوربية.
في الأسباب
تعود مشكلة ترجمة الكتاب العربي إلى الألمانية لعوامل عديدة أهمها ضعف التواصل بين دور النشر العربية ونظيراتها الأوروبية. ويقتصر التواصل على مبادرات فردية تتعلق بتقديم اقتراحات لترجمة بعض الكتب الأدبية. وهذا ما يؤدي حسب سالم قواطين سفير جامعة الدول العربية في ألمانيا وأحد منسقي المشاركة العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب 2004 إلى ضعف إطلاع الناشر الألماني على حركة التأليف والنشر في العالم العربي. من جهة أخرى ترتبط مشكلة الترجمة بضعف خبرات الناشر العربي في مجالات إتقان فنون التسويق والمعاملات الدولية. ويبرز هذا الضعف مثلاً على أصعدة ضمان حقوق التأليف والنشر والبيع والشراء. ومن شأن ذلك أن يضعف ثقة الناشر الأجنبي بالتعامل مع دور النشر العربية. ومن العوامل التي تساهم أيضا في ضمور حركة الترجمة من اللغة العربية إلى الألمانية قلة عدد المترجمين. فرغم تزايد عدد خريجي الجامعات الأوربية من دارسي اللغة العربية فإن الكثيرين منهم يتخذون مسارا بعيداً عن حقل الترجمة لغياب قنوات الاتصال الواضحة التي تمكنهم من العمل في هذا المجال. يضاف إلى ذلك غياب المؤسسات الوسيطة كالوكالات الأدبية وجمعيات دعم الترجمة التي تقوم بإعداد المعلومات الكافية عن العاملين في مجال الترجمة وتخصصاتهم.
تجربة ألمانيا
من المعروف أن كثيرا من دول العالم تعمل على إقامة مشروعات تعني بترجمة ودعم الكتب المترجمة من لغاتها. ففي ألمانيا مثلاً يتولى معهد جوته بدعم مصروفات الترجمة للكتب الألمانية إلى اللغات الأجنبية. كما تقدم العديد من المراكز الثقافية والمكاتب الإعلامية فيها وفي الدول الأوروبية الأخرى برامج منظمة لدعم وتنسيق الترجمة. وهناك أيضا وكلاء يعملون في الوساطة الأدبية بين اللغات المختلفة ويشرفون على التنسيق بين دور النشر والمؤلفين بين لغتين أو مجموعة من اللغات. وإذا نظرنا إلى الوضع القائم في العالم العربي نلاحظ غياب مشروع منظم ودائم لدعم الترجمة من اللغة العربية. وهذا ما يساهم بدوره إلى جانب العوامل الأخرى في ضعف حضور الكتاب العربي على الساحة العالمية مقارنة بالكتب الصادرة باللغات الأوروبية وغيرها.
مطلوب مبادرات عربية مستديمة
كان حضور الكتاب العربي في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب 2004 قوياً ومتنوعاً. وهذا ما أثار مفاجأة زوار المعرض الذين لم يتوقعوا صدور هذا العدد من الكتب باللغة العربية سنوياً. ومن أجل التخفيف من حدة غياب الكتاب العربي المترجم بادرت جامعة الدول العربية إلى ترجمة 50 كتاباً جديداً إلى الألمانية بغية التعريف بالأدب والثقافة العربية في ألمانيا والبلدان الناطقة بالألمانية خلال إقامة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي اعتمد العالم العربي كضيف شرف للعام 2004، غير أن مبادرة كهذه غير كافية، لاسيما وأنها غير دائمة. وعليه يطالب السفير قواطين بمبادرات مستديمة تقوم على أساس تعاون الدولة والقطاع الخاص في عمليات تمويلها. وهنا تبرز الحاجة الماسة لتقديم الدعم المادي للمطبوعات الهادفة لنشر الثقافة العربية دون وضع غاية الربح على رأس الأولويات. كما تبرز الحاجة للدعم السياسي ليس فقط على صعيد إصدار التشريعات التي تحمي حقوق المؤلف والناشر وإنما في مجال تطبيقها كذلك. وفي إطار المبادرات المطروحة حالياً يذكر السفير أن هناك مشروعاً يناقش حالياً لإقامة صندوق لدعم الترجمة وآخر لإقامة مركز ثقافي عربي في العاصمة الألمانية برلين، غير أن المشكلة لن تحل ما لم يثبت القطاع الخاص العربي جدارته في مجال تسويق الكتاب العربي على المستوى العالمي.
د. ابراهيم محمد