خمسة عقود على بداية عصر الفضاء: من حرب النجوم إلى السياحة الفضائية
٦ أكتوبر ٢٠٠٧تحتل أبحاث الفضاء في عصرنا الحالي حيزاً كبيرا من مجمل الأبحاث العلمية في الدول المتقدمة، وذلك لأهمية الدور الحيوي الذي صار يلعبه هذا القطاع في عالم اليوم. لذلك تنفق هذه الدول المليارات سنوياً لدعم وتطوير قطاع أبحاث الفضاء. فعلى سبيل المثال تنفق ألمانيا وحدها ما حوالي 700 مليون يورو سنوياً على قطاع الفضاء، كما توظف لهذه المهمة نحو عشرة آلاف باحث ومهندس يرفدون القطاع الخاص ومراكز الأبحاث المختلفة. وبعملية حسابية بسيطة فإن معدل ما يتحمله كل مواطن ألماني من النفقات التي تصرف على أبحاث الفضاء يبلغ حوالي 8,60 يورو. وهذا مبلغ بسيط إذا ما قُورن بما يتحمله نظراءُه في الدول الأخرى: فرنسا: 25 يورو/ الولايات المتحدة الأمريكية 104 يورو.
والجدير بالذكر في هذا الإطار هو أن الحكومة الألمانية تمول 80 في المائة من هذه الأبحاث من الخزانة العامة للدولة، أما النسبة المتبقية فتتحملها شركات خاصة.
"سلام النجوم" بدلاً من "حرب النجوم"
مهام الأبحاث الفضائية لم تعد تقتصر على مهمات تخص دراسة كوكب الأرض، سلمية كانت أم حربية، بل تجاوزتها إلى مهام أكثر شمولية في الفضاء الخارجي وصلت إلى حد دراسة القمر والمريخ والكواكب الأخرى.
وبالتزامن مع ذكرى مرور50 سنة على إطلاق أول قمر صناعي إلى الفضاء من قِبل الاتحاد السوفيتي في 4 أكتوبر/ تشرين أول عام 1957 والمعروف باسم سبوتنيك1، وقع الروس والأمريكان اتفاقا يقضي بالقيام بمهام بحثية فضائية مشتركة من ضمنها البحث عن الماء على سطحي القمر والمريخ. وتأتي ذلك كخطوة أولى نحو إقامة محطة دائمة مأهولة على سطح القمر خلال العقد القادم. طرفا الاتفاق بدا شديدي الرضا عن هذا التعاون السلمي. وفي هذا السياق عبر أناتولي برمينوف، رئيس وكالة الفضاء الروسية الاتحادية، عن أمله في استمرار وتطور هذا التعاون المشترك أيضا في مشاريع أخرى.
سياحة فضائية ولكن للأغنياء فقط
ويبدو أن سباق التسلح في الفضاء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والذي بلغ أوجه بإطلاق ما عرف بمشروع "حرب النجوم" من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، يبدو انه قد تحول ولو على الأقل في الوقت الحاضر إلى تعاون سلمي وبناء بين روسيا، وريثة الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية.
من ناحية أخرى لم يعد الفضاء مجرد عالم مجهول يصول ويجول فيه العلماء وحدهم ويحكون قصصا كانت حتى وقت قريب تبدو ضربا من الخيال الذي يصعب على العقل تصديقه. فبعد إطلاق مشروع "السياحة الفضائية" صار بإمكان أي شخص يمتلك قيمة "تذكرة فضائية" أن يسافر إلى الفضاء ويكتشف هذا العالم المجهول بنفسه. لكن المشكلة تكمن في أنه ليس بإمكان أي شخص دفع قيمة تذكرة الرحلة الباهظ، والذي يتم احتسابه بناء على وزن المسافر. بمعنى أن كيلو الجرام الواحد من وزن المسافر يبلغ 10.000 يورو.
ووصل عدد السائحين الذين تمتعوا بأفضلية وصول الفضاء حتى الآن إلى خمسة أشخاص. ويعتقد ايريك أندرسون، رئيس مجلس إدارة شركة سبيس ادفنتشرز، وهي الشركة الوحيدة لغاية الآن التي أرسلت سائحين إلى الفضاء الخارجي، أن إطلاق شركته لمشروع السياحة الفضائية قد شكل بداية عصر جديد في تاريخ الأبحاث الفضائية من جهة ومن جهة أخرى غير رؤية الناس للفضاء. ووصف أندرسون تغير مكانة أبحاث الفضاء قائلا: "لقد غيرنا المفهوم الذي كان سائدا بأن الفضاء يخضع للحكومات فقط، كما غيرنا الرؤية إلى الفضاء بحيث أصبحت فكرة الذهاب إلى الفضاء ولو من الناحية النظرية ممكنة للشركات وللناس العاديين على حد سواء".