خبيرأوروبي: داعش أقوى التنظيمات المتطرفة تسلحا وتمويلا
١ يوليو ٢٠١٤DW: ما مدى مصداقية الأخبار التي يتم تناقلها حول أعمال العنف التي تقوم بها داعش والتي يكون مصدرها داعش نفسها؟
غونتر ماير: يمكن تصديق الأخبار في حالة داعش بشكل كبير فهي تهدف لنشر الفزع والخوف في نفوس أعدائها عبر التواجد الإعلامي من خلال أعمال شديدة الدموية. القتل الجماعي والشنق والصلب كلها من الأعمال اليومية لداعش، لدينا أمثلة واضحة منها الموصل على سبيل المثال حيث قامت داعش بقطع رؤوس مناهضيها علانية. الخوف الناتج عن مثل هذا العنف لعب دورا مهما في النجاحات العسكرية التي حققتها داعش في العراق.
نشهد الآن حالة صراع بين الإسلاميين أنفسهم فمن يقاتل من بالضبط؟
تتبع داعش استراتيجية قائمة على التخلص من كل من يعارض توجهها المتطرف وهذا ينطبق على المسلمين الذين يرفضون التفسير المتطرف للإسلام الذي تتبناه داعش، حتى السنة منهم. لكن داعش لديها درجة عداء أكبر ضد الشيعة وقبل هذا كله ضد نظام بشار الأسد العلوي في سوريا. يُنظر للشيعة على أنهم كفرة ويجري تعقبهم وقتلهم.
هل يشتعل الصراع تحديدا بين داعش والقاعدة؟
داعش انبثقت في الأصل من تنظيم القاعدة وحاولت الاتحاد مع جبهة النصرة التي تعتبر ذراع تنظيم القاعدة الرسمي في سوريا، لكن زعيم تنظيم القاعدة رفض هذا الاتحاد لتبدأ من هنا الأعمال القتالية بين داعش وجبهة النصرة.
هل هذا هو السبب الوحيد؟
يتعلق الأمر هنا بسيطرة داعش التي ترغب في أن تكون لها اليد العليا على ما سمته دولة الخلافة والتي تشمل بالنسبة لهم بلاد الشام بالكامل بما في ذلك لبنان وإسرائيل بالإضافة إلى المناطق العراقية التي كانت خاضعة للحكم العثماني.
هل من المتوقع أن يتسبب إعلان داعش عن قيام دولة الخلافة، في تأجيج الوضع؟
أعلنت داعش بالفعل عن قيام إمارات في سوريا لكن الإعلان الجديد عن دولة الخلافة يهدف لتثبيت خطط داعش في السيطرة على الأراضي ويضع المناطق التي تمت السيطرة عليها تحت اسم واحد لكن الأمر لا يحمل أهمية استراتيجية تذكر بغض النظر عن كونه بروباغندا جديدة لنجاح داعش.
هل داعش أقوى من القاعدة؟
داعش صارت الآن أقوى وأهم التنظيمات المتطرفة وأفضلها من حيث التمويل المالي والتسلح. في الوقت نفسه تفقد القاعدة، التي يختبئ زعيمها في باكستان بعيدا عن الأنشطة الفعلية، نفوذها بشكل مستمر. النجاحات العسكرية الأخيرة لداعش واستخدامها للإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي جعل منها جماعة جاذبة للجهاديين من معظم الدول الإسلامية علاوة على إقبال مسلمين في الغرب أيضا عليها.
ألا تتبع داعش والقاعدة نفس الهدف؟
داعش قلبت المبادئ الأساسية التي وضعها بن لادن رأسا على عقب فبن لادن سبق وطالب بعدم استخدام العنف ضد المدنيين في المناطق التي تتم السيطرة عليها علاوة على مراعاة احتياجات الناس لكسب دعمهم وهذا بالضبط عكس ما تفعله داعش التي تعتبر أكثر تطرفا وعنفا من القاعدة وأقل قدرة منها على التوصل لحلول وسط. ثمة فرق آخر بينهما يتمثل في التوسع المكاني المنشود فأهداف جبهة النصرة تقتصر على سوريا في حين تتجاوز أهداف داعش هذا الإطار وتتطلع على المدى الطويل لإقامة دولة خلافة بشكل يشبه التوسع الذي حدث في القرون الأولى بعد ظهور الإسلام.
من أين تحصل داعش على التمويل اللازم لتحقيق هذه الأهداف؟
هناك مصادر مختلفة منها النفط في منطقة الفرات والذي كانت داعش تبيعه لعدة أطراف من بينها تركيا وأحيانا الحكومة السورية نفسها. في الوقت نفسه تحصل داعش على رسوم من المارة عبر نقاط التفتيش وجمارك على استيراد بضائع من تركيا عبر المناطق الحدودية التي تسيطر عليها . وبعد دخولها لمدينة الموصل استولت داعش على أكثر من نصف مليار دولار من البنك المركزي ومؤسسات مالية هناك علاوة على هذا هناك تخمينات بحصولهم على دعم خاص من السعودية ودول أخرى في شبه الجزيرة العربية. هناك مصدر آخر للحصول على المال يتمثل في بيع قطع أثرية استولت عليها داعش من بعض المتاحف.
هل يمكن القول إن الأزمة ستحل تلقائيا عندما تبدأ الجماعات المتطرفة في قتال بعضها البعض؟
هذا الأمر ليس متوقعا في الموقف الراهن فالميلشيات المتصارعة مع داعش في سوريا أضعف بكثير منها. وفي العراق تحظى داعش بدعم من قطاعات واسعة من السنة من بينهم عناصر من القوات المسلحة السابقة لصدام حسين وأيضا عناصر من حزب البعث تعمل تحت الأرض وتشترك مع داعش في هدف واحد وهو إسقاط النظام الشيعي في بغداد والذي يتبع أسلوب التمييز الممنهج ضد السنة وإقصائهم عن السلطة. هذا الارتباط مع المقاومة السنية في العراق أعطى داعش ثقلا عسكريا لذا فإن التصدي لها يتطلب جهدا كبيرا.
**البروفيسور غونتر ماير هو مدير مركز أبحاث العالم العربي في جامعة ماينز الألمانية.
أجرى الحوار: كريستيان إيغناتسي