"إعلان"الخلافة" سيعزل داعش عن حلفائها"
٣٠ يونيو ٢٠١٤DW: هل إن إعلان "داعش" عن إقامة "الخلافة الإسلامية" في المناطق التي تسيطر عليها بالعراق وسوريا، يعني أن هنالك دولة قابلة للحياة؟
نوح بونزي: لا أبدا. اعتقد أن الإعلان عن إقامة "الخلافة الإسلامية" هو مجرد إعلان، وهو يعكس طموح تنظيم "داعش" من ناحية ومن ناحية أخرى، نجاحها في التقدم عسكريا خلال الأسابيع الماضية. لكن "داعش" لها تاريخ طويل من التسرع وسبق الأحداث، مثلما حدث سنة 2006 عندما أعلنت عن قيام "دولة العراق الإسلامية"، وفي وقت لاحق بسوريا. إن الطريقة التي تتصرف بها "داعش" ستجعل بعض حلفائها الحاليين يعيدون النظر مع مرور الوقت في التحالف معها.
هل تقصد أن خطوة داعش ستدفع حلفاءها في المناطق السنية، العشائر وبعض الجماعات البعثية والعسكرية، إلى مراجعة تحالفهم معها؟
عندما أُعلن عن الدولة الإسلامية في العراق سنة 2006 كان ذلك بداية النهاية للتحالف مع تنظيم القاعدة في العراق، والفصائل السنية الأخرى. وقد حدث نفس الشيء في سوريا.
اعتقد ان الإعلان عن "الخلافة الإسلامية" قد يزيد من خوف الفصائل (السنية) الأخرى، من الأهداف بعيدة المدى من وراء هذه الخطوة، وطموحات "داعش" في الهيمنة الكاملة على الحراك العسكري السني.
هل إن "الدولة" التي أعلنت عنها داعش، قادرة على تحقيق اختراق في علاقاتها بالمحيط الإقليمي وخصوصا السني، سواء العربي أو التركي؟
كل الدول المحيطة هي ضد داعش منذ البداية واعتقد أنها ستستمر في نفس الموقف. إن الإعلان عن قيام "الخلافة الإسلامية" لن يغير شيئا في علاقات داعش بدول الجوار الرافضة لداعش.
وما هي التأثيرات المتوقعة الآن على تحالف داعش مع أطراف سنية أخرى محلية في العراق؟
اعتقد إن السؤال المهم، إلى أي متى سيستمر التعاون بين داعش وقوى العشائر وفصائل سنية أخرى.
والواضح أن القوات الحكومية العراقية تعتمد بدرجة كبيرة على ميليشيات شيعية. ولكن هذه الميليشيات، سواء في العراق أو سوريا، ليست قادرة على استعادة الأراضي من أي حراك عسكري له قاعدة شعبية.
فلا النظام السوري قادر على استعادة الشمال السوري، ولا النظام العراقي الحالي قادر على استعادة الشمال الغربي للعراق، اعتمادا على العمليات العسكرية فقط.
إن إلحاق الهزيمة بداعش يحتاج إلى قوات سنية لها مصداقية محلية وحاضنة شعبية حقيقية. ومثلما حدث في سوريا فان الفصائل الثورية هي التي استطاعت استعادة السيطرة على مناطق شمال سوريا مثل إدلب وريف حلب وغيرها. وكذلك الأمر بالعراق، فان الرهان على الحكومة المركزية، طالما هي على حالها، سيكون رهانا فاشلا. يجب أن يكون هناك إصلاح جذري في بغداد، كي يقوم ائتلاف حكومي تشارك فيه قوى محلية لها جذور بالمجتمع السني العراقي.
من خلال قراءتك لمواقف وردود فعل الأطراف السنية داخل العراق وخارجها، هل يلقى إعلان "الخلافة الإسلامية" من قبل داعش أي تجاوب من قبل مرجعيات دينية سنية؟
لا أعتقد ذلك. والأكيد أن المراجع السنية التقليدية مثل الأزهر والسعودية وغيرها، هي ترفض داعش بشكل مطلق.
وحتى في أوساط المراجع الجهادية الرئيسية، هنالك معارضة شديدة لداعش، وقد زادت حدتها مع مرور الوقت خلال السنة الأخيرة. ويمكننا أن نرصد من خلال مواقف ومراجع جبهة النصرة وكذلك التنظيمات المقربة من "القاعدة " بزعامة أيمن الظواهري، نوعا من الاستخفاف والسخرية من إعلان داعش عن الخلافة الإسلامية. بل إنهم يستخدمون عبارات من قبيل "كانت هنالك دولة وهمية، والآن أصبحت هنالك خلافة وهمية"!
ولذلك لا اعتقد أن إعلان "الخلافة الإسلامية" سيغير من مواقف المراجع الجهادية الرئيسية من داعش. وقد يكون هنالك عدد قليل من أفراد الجمهور الجهادي مقتنعين بهذا الإعلان. لكن ما نلاحظه وجود انقسام عميق داخل المجتمع الجهاد، وهذا الإعلان لن يغير من شدة الانقسام.
هل يُخشى أن تتزايد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل استمرار سيطرة داعش أو حتى في ظل ما تطلق عليه" الخلافة الإسلامية"؟
طبعا، فان أساليب داعش ما تزال على حالها. وقد تشكلت لدينا خبرة خلال السنة الماضية عن كيفية تصرف داعش مع أعدائها ولكن أيضا حتى مع الناس (العاديين) الذين يقيمون في الأراضي التي تسيطر عليها. ولذلك اعتقد أن الخوف من الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان ما يزال على حاله. وهذا الخوف قائم ليس فقط لدى المجتمع الدولي بل أيضا لدى السكان المحليين في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش. خصوصا أن داعش لحد الآن لم تبدأ بممارسة أسوأ الانتهاكات التي ارتكبتها في سوريا، ولكن في المستقبل الأمر وارد والخوف قائم من تكرار التجارب التي مارستها في العراق سنة 2006 وفي سوريا سنة .2013
نوح بونزي، كبير خبراء مجموعة الأزمات الدولية، حول العراق وسوريا.