خبير ألماني: الغرب غير جاهز لتدخل عسكري في ليبيا
٢ مارس ٢٠١١يتساءل عدد من المراقبين حول جدية تدخل عسكري دولي ضد نظام العقيد الليبي معمر القذافي، بعدما تعالت أصوات في الغرب طرحت هذا الخيار على الطاولة وإن بصياغات يغلب عليها الحذر، تبدأ بحظر جوي وقد تنتهي بضربة عسكرية. فهل يتعلق الأمر بجزء من حرب نفسية على ديكتاتور تزداد عزلته يوما بعد يوم، أم بخيار جدي يطرح أكثر من سؤال حول مسوغاته السياسية والقانونية بل وحتى على مسار الثورة الليبية نفسها.
فعلى مستوى القانون الدولي يبدو الحصول على ضوء أخضر من قبل مجلس الأمن الدولي، حسب المعطيات الحالية، شيئا صعب المنال؛ ليس فقط لأن القذافي قد يصور أي تدخل خارجي على أنه استعمار جديد، لكن أيضا لأن دولا كالصين وروسيا قد تقوض أي قرار دولي في هذا الاتجاه. ثم إن هذا النوع من التدخلات العسكرية محفوف بالكثير من المقالب كما أظهرت ذلك التجربة العراقية على حد قول الخبير الألماني لشؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز في حوار له مع دويتشه فيله.
"الخيار العسكري نظري أكثر مما هو عملي"
ويرى الكثير من المراقبين أن عقوبات الأمم المتحدة قد لا تكون كافية لردع العقيد الليبي والحد من قدرته على استخدام القوة ضد معارضيه. وإذا تحول الصراع بين الجانبين إلى حرب دموية، تستعمل فيها الطائرات والدبابات، فإن الدعوات إلى القيام بعمل عسكري دولي ستتزايد بلا شك. لكن ميشائيل لودرز يعتبر الخيار العسكري "نظريا" أكثر مما يستجيب للمعطيات الموضوعية الحالية. وأضاف بهذا الصدد "لا أظن أن أمريكا وأوروبا جاهزتان اليوم لتدخل عسكري في ليبيا، خصوصا بعد التجربة العراقية وبعد تعثر التدخل العسكري في أفغانستان".
ورغم أن صناع القرار في الغرب يتحدثون بمزيد من الجرأة ضد القذافي فإن شن غارات جوية قد ينطوي على مجازفة كبيرة غير مضمونة النتائج. وحتى فرض منطقة حظر جوي، كثر الحديث عنها، لن تكون سهلة التحقيق كما يرى ذلك لودرز. ويضيف الخبير الألماني قائلا "هناك كلام كثير حول هذا الموضوع، لكنه نوع من الضغط على النظام الليبي، ولا أظن أن واشنطن وعواصم غربية أخرى مستعدة لقصف معسكرات القذافي".
ومن السيناريوهات التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية هناك بديل ثالث يكمن في دعم قوات المعارضة في "المناطق المحررة" بقوات مصرية وربما تونسية، وقد يفضل الثوار الليبيون أنفسهم هذا السيناريو. ويذكر في نفس السياق أن وزراء الخارجية العرب رفضوا رفضا قاطعا، في جلستهم المغلقة اليوم الأربعاء (الثاني من آذار/ مارس 2011) في القاهرة أي تدخل أجنبي في ليبيا، لكن الوزراء العرب لم يقولوا إن كانوا يستبعدون أيضا تدخلا عربيا.
الضربة العسكرية ومحك مجلس الأمن
وتركت تجربة التدخل العسكري الأمريكي في العراق بدون موافقة الأمم المتحدة ذكريات غير سعيدة لدى صناع القرار والرأي العام في الغرب. ويرى ميشائيل لودرز بهذا الصدد أن تلويح الأخير، في المرحلة الراهنة، بخيار التدخل العسكري ضد القذافي هو آلية من آليات الضغط النفسي ليس إلا، خصوصا وأن "موافقة روسيا والصين في مجلس الأمن على تدخل عسكري غير واردة الآن". واستطرد لودرز قائلا "الخوف في الغرب هو التالي: لنفترض فشل الضربات الجوية، في هذه الحالة سيتحتم التفكير ربما في تدخل بري مباشر، ولا أعتقد أن أي بلد في الغرب مستعد لإرسال جنود إلى هناك".
ويعتبر عدد من المراقبين أن ما يجعل الخيار العسكري صعب التصور، هو وضعية الإدارة الأمريكية الحالية تحت قيادة باراك أوباما التي تبنت سياسة شكلت قطيعة مع رؤية سلفه جورج بوش الابن والتي كانت قائمة على اعتماد استعمال القوة لحل المشاكل الدولية، حسبما يراه لودرز. إلا أن ذلك لا يمنع التخوف من تحول ليبيا إلى صومال جديدة، وبالتالي إلى مصدر تهديد جديد للمصالح الغربية. ولعل هذا ما يفسر انتشار مزيد من السفن الأمريكية قبالة السواحل الليبية، لكن دون إستراتجية واضحة لاستعمالها لحد الآن. فهل يتنحى معمر القذافي ويريح نفسه وشعبه ومعهما المجتمع من سيناريو مواجهة غير محمودة العواقب، أم سيستمر في عناده والبقاء إلى آخر قطرة من دمه كما يقول؟
حسن زنيند
مراجعة: أحمد حسو