خبراء يحذرون من فشل قمة باريس للمناخ
٣٠ نوفمبر ٢٠١٥منذ نحو عقدين فشل المجتمع الدولي في مسعاه للتوصل لاتفاقية حول حماية البيئة. فحتى في بروتوكول كيوتيو المتفق عليه عام 1997 لم تتعهد سوى 37 دولة صناعية باهداف بيئية ملزمة. منذ سنوات عقدت عدة مؤتمرات وصدرت نداءات قوية من أجل التحرك لحماية الكرة الأرضية، لكن بدون نتيجة. وتنطلق المنظومة الحالية المرتبطة بقمة المناخ في باريس من أن يتقدم كل بلد على حدة ببرامج لحماية البيئة، تخضع بصفة منتظمة للمراقبة.
ويعتقد ديفيد مكاي من جامعة كامبريدج البريطانية بأن مثل هذا السيناريو مآله الفشل. وفيما كانت هناك دعوات للتحرك بعيدا عن المصلحة الخاصة والتركيز على هدف مشترك، أظهرت أربعون سنة من البحث العلمي حول أشكال التعاون في حماية البيئة بأن العكس هو ما حدث وكأنها دعوات إلى التقاعس، حيث إن كل بلد ينجذب إلى بذل جهود أضعف.
بين المنفعة الخاصة وروح التضامن
وتوحي مذكرات التفاهم التي عرضتها الدول ال 146 قبل انعقاد القمة في باريس بأن الخبير مكاي محق في تصريحاته عندما أعتبر أن "العديد من الدول تعهدت فقط بما ستقوم به لخدمة مصالحها"، معتبرا "أن الصين مثلا مجبرة في كل الأحوال على خفض مستوى استغلال الفحم للتقليص من الأضرار الصحية على السكان". ونوهت موظفة الأمم المتحدة كريستيانا فغيريس بالمخططات الصينية على أنها "جهود واضحة"، معترفة في الوقت نفسه بأنها غير كافية لخفض مستوى الاحتباس الحراري. وعبرت فغيريس عن أملها في أن لا تكون مذكرات التفاهم الصادرة عن الدول المشاركة تشكل "كلمتها الأخيرة".
مكاي وعدد من خبراء الاقتصاد يعتبرون أنه يمكن تجاوز الفجوة بسهولة بين المصالح القومية وحماية البيئة العالمية. ويوصي الخبراء بضرورة اهتمام المجتمع الدولي بتحديد سعر موحد لانبعاثات أوكسيد الكربون عوض اجراء مفاوضات طويلة حول الآفاق المستقبلية للانبعاثات مع مراعاة مبدأ التبادلية، حتى يبقى تحديد السعر من اختصاصات كل دولة على حدة، وذلك عبر التجارة بحقوق الانبعاثات أو الضرائب المفروضة على ثاني أوكسيد الكاربون.
بحث عن التوازن
ورغم ذلك فان دولا مثل الصين والهند ستدعو للابقاء على سعر منخفض لثاني أوكسيد الكاربون بحجة أن اقتصادها قد يتأثر بشكل غير عادل، علما أن التلوث الناجم عن كل فرد يظل منخفضا مقارنة بالتلوث المسجل في الدول الصناعية. وعليه فان مكاي وزملاءه يقترحون في هذا الاطار وضع "صندوق تعويض" للمناخ تساهم فيه الدول الغنية وتحصل منه الدول الفقيرة على أموال، "لأنه في حال الربط بين هذه الآليات، فستكون هناك محفزات مثلا للهند للموافقة على سعر مرتفع لثاني أوكسيد الكاربون لأنها ستحصل في مقابل ذلك على تعويضات من صندوق المناخ". وبما أن الدول الصناعية تريد تقديم تعويضات ضعيفة، فانها ستوافق على سعر منخفض لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. وفي المفاوضات سيبقى التركيز فقط على البحث عن سعر مناسب للجميع، كما يقول مكاي.
عشر دولارات لطن واحد من أوكسيد الكاربون
"في حال التوصل الى سعر مناسب بقيمة عشر دولارات على الأقل لطن واحد من ثاني أوكسيد الكاربون، فان المفعول قد يكون أكبر من المتوقع التوصل اليه في باريس"، كما يعتقد مكاي الذي ظل حتى عام 2014 أكبر مستشار للشؤون العلمية بوزارة الطاقة وتحول المناخ البريطانية. اقتراحات مكاي صدرت بالمجلة المتخصصة Natureلكنه يستعبد ان تجد ترجمة على أرض الواقع من خلال مفاوضات قمة باريس. ويقول مكاي انه في حال إن لم تتوصل قمة باريس الى نجاح كبير، فان الجهات المعنية ستتذكر لاحقا رسالته الايجابية. وأوصى مكاي بضرورة تغيير قواعد العمل حتى تنسجم المصالح الخاصة للمشاركين مع الهدف الكبير المنشود، فتصبح تلك المفاوضات أقل تعقيدا.