خبراء: المنشطات الذهنية غير مجدية وخطيرة وباهظة الثمن
٢١ يونيو ٢٠١١بدأ الناس بتعاطي المنشطات في عقد الستينات، واقتصر تعاطيها آنذاك تقريبا على أبناء الميسورين للتحرر من القيود الاجتماعية للطبقة البرجوازية. أما اليوم فإن الكثير من الشباب يتعاطون مثل هذه العقاقير لتساعدهم على التكيف مع المجتمع في ظل تزايد الضغوط على الشباب لتحقيق النجاح في الدراسة أو التعليم الحرفي أو الوظيفة. لذلك فإن الكثير من الناس مستعدون حسب رفائيل جاسما، المدير التنفيذي للجمعية الألمانية لمساعدة المدمنين، للجوء للأدوية المحفزة للجهد.
ويقول جيرد جليسكه، من مركز السياسة الاجتماعية التابع لجامعة بريمن، إنه يسأل تلاميذه من حين لآخر عما إذا كان لأحدهم تجربة مع مثل هذه العقاقير: "فأجد أن واحدا من كل عشرة تقريبا يرفع إصبعه بنعم". وأكد جليسكه أن الكثير من هذه العقاقير معروضة على المواقع الإلكترونية وأن بعضها يخلو أحيانا من مادة فعالة أو تحتوي على جرعة زائدة مما يجعلها خطيرة.
المنشطات في المدارس الأمريكية
وفي أمريكا التي يوصف فيها عقار ريتالين المضاد لمتلازمة قصور التركيز "ايه دي اتش اس" لنحو 10% من التلاميذ، يتاجر الأطفال بهذا العقار في فناء المدرسة، وذلك لأنه يقال إن هذا العقار الذي يحتوي على المادة الفعالة "ميثيلفينيدات" يزيد من القدرة على التركيز، بل إن البعض يزعم أن هذا العقار يجعل متعاطيه يستذكر دروسه مثل الآلة وهو ما يؤجج فضول التلاميذ والطلاب. وعن ذلك كتب أحد متعاطي هذه العقاقير على أحد منتديات الإنترنت: "أنا شخصيا أشعر بالانجذاب لتعاطي هذا العقار.. إنك تلاحظ وبشكل متزايد بعد دقائق من تعاطيه كيف تتضاعف قدرة المخ على التركيز إلى أن تصبح نهما في تحصيل العلم وقادرا على فهم أي مادة علمية".
كما يتعاطى هؤلاء الشباب العقاقير المستخدمة ضد الاكتئاب والعته وأعراض الاختناق النومي وذلك رغم أن الخبراء المتخصصين يؤكدون عدم وجود دراسات يعتمد عليها تؤكد أن لهذه العقاقير تأثيرات إيجابية على أداء المخ. بل إن جليسكه يرى أن العكس هو الصحيح جزئيا فيما يتعلق بعقار ريتالين، مضيفا:"ثبت علميا أن تعاطي الأصحاء لهذا العقار لا يؤدي إلى حالة النشوة المرجوة ولا إلى زيادة القدرة على الأداء". وأشار جليسكه إلى أن متعاطي هذا العقار يجازفون بالوقوع في إدمانه وبالتعرض لمضاعفات جانبية وربما عواقب بعيدة المدى. وحذر جليسكه من أن منشطات المخ "غير مجدية وخطيرة وباهظة الثمن".
خطر الإدمان على العقاقير
ورغم أن أحد استطلاعات الرأي الذي أجرته شركة "دي إيه كيه" الألمانية للتأمين الصحي أظهر أن ما يقرب من 1% من الموظفين في ألمانيا يتعاطون عقاقير منشطة أو مثيرة للانتشاء يوميا أو عدة مرات أسبوعيا، إلا أن استطلاعا آخر أكد أن 4 إلى 5% فقط من التلاميذ والطلاب على استعداد لتعاطي أحد هذه العقاقير إذا لم تكن له آثار جانبية. ويرى جليسكه أن لشركات الأدوية مصالح كبيرة في انتشار هذه العقاقير وأنه إذا ثبت علميا أن هناك عقارا يزيد من قوة الجهد وليس له آثار جانبية فإنه سيحقق مبيعات هائلة.
ولكن أوليفر بوجاريل، رئيس قسم معالجة الإدمان في مستشفى ميونيخ للعلاج النفسي، يحذر من حدوث عواقب اجتماعية هائلة إذا وجد مثل هذا العقار لأنه "إذا تعاطاه شخص فسيريد الآخرون تعاطيه.. وليس هناك عقار بدون آثار جانبية، وسيؤدي هذا الطريق إلى مزيد من الضغوط لبذل جهود أكبر.. عندها لن يعد الإنسان حرا". كما حذر رافائيل جاسمن،المدير التنفيذي للجمعية الألمانية لمساعدة المدمنين، من عواقب مثل هذا التطور، قائلا: "نحن لا نعيش للعمل فقط، إذا أدى التعليم أو التدريب المهني أو الوظيفة للمرض أو الإدمان فإن ذلك يعني أن الوقت قد حان لنزع فتيل التعليم أو التدريب والعمل من ناحية المبدأ".
(ع.ع. / د ب أ)
مراجعة: عارف جابو