حُلم تنظيم المونديال.. المغرب يصطدم بعوائق ويخشى "المؤامرة"
٥ أبريل ٢٠١٨في تاريخ تنظيم نهائيات كأس العالم، يعدّ المغرب البلد الوحيد الذي ترّشح أربع مرات دون أن يتمكن من الفوز بالتنظيم ولو لمرة واحدة. أما المرة الخامسة فيريدها المغاربة ثابتة، واليوم يظهر ملفهم قوياً مقارنة مع الملفات المغربية في سباق تنظيم نهائيات 1994 و1998 و2006 و2010، إذ يتضمن الملف المغربي 14 ملعباً في 12 مدينة، منها ما هو قائم بالفعل ويحتاج فقط لبعض التطوير، ويرصد المغرب عموماً 15.8 مليار دولار لتنظيم هذا الحدث.
وينتظر المتتبعون زيارة لجنة تقنية من الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا) للبلدان المعنية بالسباق، إذ يمكن لهذه اللجنة أن تقصي أيّ ملف لا يستجيب لمعايير الفيفا. وبعد ذلك، تأتي مرحلة الحسم، حيث ستدلي جميع الدول الأعضاء في الاتحاد، باستثناء المرّشحين، بأصواتها لتحديد اسم الملف الفائز يوم 13 يونيو/ حزيران 2018، أي قبل يوم من انطلاق مونديال روسيا.
جدل بين المغرب والفيفا
لكن الرسالة التي أرسلتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المحلي) إلى الفيفا قبل أيام، أقلقت المغاربة من ضياع الفرصة مجدداً، إذ أشارت إلى اعتراض الجامعة على نظام التقييم الخاص باللجنة التقنية للفيفا. الرسالة قالت إن المغرب لم يصله نظام التقييم، إلّا قبل أقل من 24 ساعة من تقديمه ملفه الرسمي، ونحو 48 ساعة من انتهاء الموعد الرسمي لتلقي طلبات الترشح، علماً بأنه طلب الحصول على شروط التنظيم منذ مدة. وتابعت الرسالة أن هناك شروطاً تقنية لم توضع منذ البداية ضمن المتطلبات، فضلاً عن تعديل شروط أخرى، منها ما يتعلّق بالطاقة الاستيعابية للمطارات وحجم المدن المستضيفة. وتحدثت الرسالة عن أن هذه الشروط غير منصفة وتتعارض مع مبدأ الشفافية.
الفيفا ردَّ من جهته على اعتراض المغرب، وقال في تصريح صحفي، حصلت عليه DW عربية، إن الغرض من نظام التقييم التقني للعروض هو معرفة هل تستجيب ملفات الدول الراغبة في الترشيح للحدود الأدنى من المتطلبات في البنى التحتية والاستثمارات والعائدات المالية، متحدثة عن أن جلّ العناصر في هذا النظام التقييمي ليست شروطاً تؤدي إلى استبعاد ملف ما.
وتابع الفيفا أنه أرسل النظام التقييمي إلى المرّشحين بعد المصادقة عليه من لدن الجهة المختصة، متحدثاً عن أن أساس تحضير الملف الخاص بالتنظيم لا يجب أن يكون النظام التقييمي، بل المتطلبات التي أرسلها الفيفا سابقاً، والتي تمسّ عدة جوانب منها البنى التحتية. وقد كان لافتاً أن الفيفا، الذي قال في رده إن متطلبات التنظيم لم تتغير عما توصل به المغرب عام 2017، استخدم عبارة "الفِيَلَة البيضاء"، وهي تعبير إنجليزي يعني عدم رغبة شخص ما بحيازة شيء ما، لكن من الصعب عليه أن يتخلص منه.
وقد اتصلت DW عربية بمسؤولين داخل الجامعة المغربية لأجل التعليق، غير أنهم أشاروا إلى أن ذلك غير ممكن إلّا بعد إرسالهم رداً رسمياً على جواب الفيفا. من جهته، قال مولاي حفيظ العلمي، رئيس لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 2026، في تصريح لـقناة "ARD" الألمانية، إن ترشح المغرب لاستضافة المونديال ليس ترشحاً صورياً، وأضاف "نحن لسنا مجرّد رقم في سباق التنافس" موضحاً أن المغرب "سوف يقدم" (ملفاً محترماً)، ومشيراً إلى الموقع الجغرافي للمغرب وأنه يملك تجربة في تنظيم المنافسات الكروية مثل كأس العالم للأندية وكأس أمم إفريقيا. وأضاف العلمي، وهو وزير في الحكومة المغربية، أن مباريات كأس العالم ستنطلق في مواعيد تناسب السوق الأوروبي، أهم سوق لكرة القدم، دون أن يكون هناك فارق زمني.
ويقول الكاتب الرياضي في مجلة فوربس، ستيف برايس، في تصريحات لـDW عربية، إن الكشف بشكل متأخر عن التعديلات، التي مست النظام التقييمي الخاص بلجنة الفيفا أمر مثير للجدل، خاصةً وأن بعض الشروط الجديدة غريبة، ومن ذلك أن تستطيع المطارات استعياب 60 مليون مسافر سنوياً، وهو رقم لا يتوافر حاليا إلّا في مطارات قليلة عبر العالم وفق قوله. ويتابع برايس أن الفيفا سيحرص على تجنب فضائح جديدة، لذلك سيكون مفاجئاً إذا ما قام بإقصاء المغرب، خاصةً وأن جياني إنفانتينو، رئيس الفيفا، عبّر سابقا عن أن المغرب قادر على تنظيم نهائيات كأس العالم.
مؤامرة أم شروط تقنية عادية؟
جزء من الصحافة المغربية أشار إلى إمكانية وقوع "مؤامرة" لإقصاء المغرب من لدن الفيفا قبل المرور لمرحلة التصويت. بدر الدين الإدريسي، رئيس تحرير جريدة المنتخب، تساءل في افتتاحية جديدة عن جدوى تمتع الأعضاء الـ211 داخل الفيفا بصلاحية التصويت، إذا كانت لجنة مشكلة من 5 أعضاء قادرة على إقصاء ملف معين. وتابع الإدريسي أن هناك مؤامرات تحاك في الكواليس، وأن مروجي الملف الأمريكي سبقوا أن طالبوا الفيفا قبل أشهر بالتصويت على ملفهم ربحاً للوقت، متحدثاً عن أن هناك من يريد منع الملف المغربي من الوصول إلى مرحلة التصويت.
(رئيس الجامعة المغربية في حملة البحث عن دعم ملف بلاده لتنظيم المونديال)
ويبقى الحديث عن المؤامرة في تنظيم كأس العالم أمراً منتشراً في الإعلام، ويعود السبب خاصة إلى فضائح الفساد والرشاوى، التي كُشفت في تنظيم عدد من النسخ السابقة، وهو ما أدى إلى محاكمة عدة مسؤولين في الفيفا والإطاحة بجوزيف بلاتر، الرئيس السابق للاتحاد. وقد كان المغرب معنياً بهذا الجدل، خاصة وأن هناك اتهامات بأن الفساد ساهم بشكل كبير في فوز جنوب إفريقيا بتنظيم نسخة 2010، بفارق 4 أصوات عن المغرب. بيدَ أن الفيفا من جانبه يقول إنه حريص على نزاهة العملية هذه المرة، لذلك عمد إلى خيار تصويت الدول الأعضاء وليس اللجنة التنفيذية كما كان سابقاً.
يقول ستيف برايس إنه في حالة رفض الفيفا مرور المغرب إلى مرحلة التصويت، فسيمثل الأمر حرماناً من التصويت، لما يقارب نصف اتحادات العالم، ويتحدث الكاتب عن أنه إن كان صحيحاً من الناحية النظرية وجود حظوظ كبيرة للملف الأمريكي الشمالي، فإن ذلك لا يعني أن المغرب خرج من السباق، خاصةً وأن الملف الذي قدمه يؤكد قدرته على التنظيم.
معالم القوة والضعف بين الملفين
بعيداً عن نظرية المؤامرة، يواجه المغرب تحدي جاهزية الملف المشترك بين أمريكا والمكسيك وكندا، والذي يملك 16 مدينة كل ملاعبها موجودة حالياً. وإذا كان المغرب سيستثمر 3 مليار دولار على الملاعب، فالملف الآخر يقول إنه لن يتجاوز 40 مليون دولار، مخصصة فقط للتحديث. كما يلعب لصالح الملف الأمريكي حجم العائدات المالية المقدرة بـ2.1 مليار دولار مقابل 785 مليون للمغرب، فضلاً عن أن الفيفا سيربح 300 مليون دولار إضافية من الملف الأمريكي، على شكل عقود بث. وإذا ما فاز الملف المشترك ستكون المرة الثانية، التي تنال فيها الولايات المتحدة شرف تنظيم المونديال على حساب المغرب.
بيدَ أن المغرب يمتلك بدوره الكثير من عناصر القوة، كالقرب من أوروبا والجو الصحو والتوقيت المناسب ونجاحه الأمني في تفادي الضربات الإرهابية وتحديثه بنى الاستقبال وتطويره لكرة القدم المحلية، فضلاً عن رفض الفيفا للتنظيم المشترك لكأس العالم عامي 2010 و2018، وهو ما عبّر عنه جوزيف بلاتر، حيث كتب في تدوينة أن المغرب هو المنظم المنطقي لكأس العالم 2026.
إلّا أن ستيف برايس يعلّق بالقول إن هناك مشاريع مشتركة بين عدة دول لتنظيم نسختي المونديال عامي 2030 و 2034، وإن الفيفا غيّر في قناعته مؤخراً بخصوص التنظيم المشترك، بل إن هناك توجهاً لأن يكون التنظيم المنفرد لكأس العالم مستقبلاً أمراً نادراً، وفق قوله.
وأكبر نقطة قوة في الملف المغربي هو الدعم الدولي الذي يحظى به، إذ أشار تقرير لسام بوردن، على موقع ESPN ، أن مسؤولاً رسمياً على تواصل دائم بالاتحادات القارية لكرة القدم، يتحدث عن أن المغرب يملك دعم جلّ اتحادات آسيا وأمريكا الجنوبية، فضلاً عن أصوات القارة الإفريقية، ممّا يعني أنه قد يصل إلى 104 صوتاً، وبالتالي ضمان الفوز في مرحلة التصويت. كما أشار التقرير إلى أن الملف الأمريكي يعاني من انتشار شعور عالمي بالاستياء من تصريحات وسياسات الرئيس دونالد ترامب.