"حوار المنامة" – إيران "جار صعب" وبريطانيا تعود للخليج
٦ ديسمبر ٢٠١٤اجتمع على الطرف العربي من الخليج وزراء خارجية ودفاع وخبراء من دول المنطقة والعالم لمناقشة قضايا المنطقة الساخنة. ففي البحرين جمع مؤتمر "حوار المنامة" الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية هؤلاء الساسة، ومن بينهم وزراء دفاع بريطانيا وفرنسا ووزير خارجية العراق ودولا خليجية أخرى.
وانطلقت الدورة العاشرة من مؤتمر "حوار المنامة" مساء الجمعة في العاصمة البحرينية، وتستمر حتى غد الأحد (السابع من كانون الأول/ ديسمبر 2014). وعلى طاولات البحث وضعت ملفات ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ"داعش"، وملف النووي الإيراني، ولأن الحوار كان في المنامة فلم يتردد ساسة غربيون بتوجيه رسائل اطمئنان إلى البحرين ورسائل تحذير لإيران الشيعية على الطرف الثاني من الخليج.
وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان حذر من ربط الملف النووي الإيراني بملف مكافحة "داعش". إذ قال "إذا كانت إيران تريد محاربة "داعش" (تنظيم الدولة) فهذا لأن التنظيم يمكن أن يشكل تهديدا لمصالحها الخاصة". وحذر من أي "تساهل" مع إيران في الملف النووي، مؤكدا رفض بلاده ربط مفاوضات الملف النووي الشائك بمشاركة طهران في الضربات ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
وأستطرد قائلا: "إن انتظار دعم متزايد من إيران لجهودنا ضد "داعش" مقابل تساهلنا إزاء تجاوزات طهران لالتزاماتها في مجال منع الانتشار النووي، سيشكل خطأ فادحا"، معتبرا أنه "ليس هناك مجال لأي مقاربة للأمن الإقليمي بشكل مختلف".
حديث الوزير الفرنسي جاء بعد أن كشفت وزارة الدفاع الأميركية الثلاثاء الماضي عن قيام مقاتلات إيرانية من طراز "اف 4 فانتوم" بالإغارة على مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في شرق العراق بالقرب من الحدود مع إيران. وفي اليوم التالي، اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن أي ضربة تنفذها إيران ضد "داعش" سيكون لها "في النهاية" تأثير "ايجابي".
ريبة من إيران
من جهته، وجه وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة الذي تستضيف بلاده مقر الأسطول الأميركي الخامس انتقادات إلى إيران. وقال "إن بعض الدول الإقليمية تداعب حلم الهيمنة على مجمل المنطقة أو على اكبر قدر ممكن منها"، معتبرا أن هذه السياسية تقود إلى "الريبة" وإلى "نقص في التعاون وتبادل المعلومات" في إطار الحرب على المجموعات المتطرفة في العراق وسوريا.
أما نظيره العراقي إبراهيم الجعفري الذي تعد بلاده قريبة من إيران فقال "لا يمكننا أن تكون انتقائيين في اختيارنا لحلفائنا". بيد أن وجهة النظر البريطانية كانت كعادتها أكثر براغماتية. فقد اقر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بان إيران هي "جار صعب ولكن مهم. إنها بلد أكبر من أن يتم تجاهله" لأن هذا البلد "هو عامل أساسي لمستقبل الأمن في الخليج".
وحول الملف النووي الإيراني، اعتبر هاموند أنه يتعين على المجتمع الدولي أن "يختار المثابرة وليس التساهل"، داعيا إلى عدم تقديم أي تنازلات في موضوع تخصيب اليورانيوم بدل "السقوط في تجربة تقديم تنازلات متهورة". وقال إن الهدف النهائي لبريطانيا من المحادثات هو التوصل لاتفاق يكفل ألا تمتلك إيران قدرات تصنيع أسلحة نووية لكنه تحول أيضا لطمأنة الحلفاء الخليجيين بقوله إنه يشاركهم مخاوفهم الأمنية.
وأضاف أنه في حالة إبرام اتفاق نووي فانه سيسهم في الحد من الاحتكاك بين إيران والدول الأخرى. وقال "يوجد الكثير من أسس عدم الثقة بين إيران وجيرانها في الخليج وبين إيران والغرب إلا أن الملف النووي عنصر مهم هنا". وأضاف "بوسعنا حل ذلك على نحو يرضي إيران ويرضي الغرب وستحدث عندئذ سلسلة من الأمور على نحو سريع مما يغير من الديناميكيات ويخلق فرصة".
عودة بريطانية للخليج
واختارت بريطانيا يوم أمس الجمعة لإعلان عودتها إلى الخليج. فقد أبرمت اتفاقا لتعزيز وتوسيع نطاق وجودها البحري في البحرين، مما يتيح لها تشغيل المزيد من السفن الأكبر حجما في الخليج على نحو طويل الأمد. وقال هاموند إن هذا الاتفاق سيوجد موقعا مستديما للبحرية البريطانية في البحرين، حيث توجد قاعدة للأسطول الخامس الأمريكي، مضيفا أن هذه القاعدة ستستوعب حاملات جديدة للطائرات ومدمرات. وستكون تلك أول قاعدة لبريطانيا في المنطقة منذ أن أنهت احتلالها لبعض دول الخليج في عام 1971.
أما مصر، الدولة الإقليمية العربية المهمة، فقد أكد وزير خارجيتها سامح شكري على ضرورة إيجاد نظامٍ إقليمي عربي جديد بعيدا عن أسلوب المحاور الذي كان موجودا على مدى العقود الأربعة الماضية. وقال شكري إنه" لا توجد فرص لإمكانية قيام حروب عالمية كبيرة ولكن باتت معاييرٌ أخرى، مثل الديمقراطية والاعتمادِ المتبادل ومستوى النمو والقدرة على الابتكار، تحتلُ مكاناً متقدماً وتؤثر بشكلٍ واضح، ولو بدرجاتٍ متفاوتة، على قدرة أي دولة أو كيان أو لاعب على تحقيق مستوى أفضل من الاندماج على المستوى الدولي ضمن علاقات أكثر ندية".
وشدد على ضرورة أن تكون محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ضمنَ إطار إستراتيجية شاملة لمحاربة جميعِ التنظيمات متشابهة الفكر في المنطقة، مع استهدافِ القضاء على ذلك التنظيم عسكرياً وفكرياً وحرمانِه من التعاطف والتمويل "وإلا فإنه حتى وإن توارى في العراق فسوف يعاودُ الظهور في أماكنَ أخرى من العالم فالجميعُ بلا استثناءٍ ليسوا بمأمنٍ من هذا الخطر".
ع.خ/ ح.ع.ح (د ب أن أ ف ب، رويترز)