حلفاء بوتفليقة يتخلون عنه.. إلى أين تتجه الجزائر؟
٢١ مارس ٢٠١٩في خطوة غير مسبوقة، سحب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم دعمه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأعلن يوم أمس عن مساندة "مطلقة" للحراك الشعبي في الجزائر، كما صرح بذلك معاذ بوشارب، منسق هيئة تسيير الحزب لوكالة الأنباء الجزائرية. من جانبه ذكر الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري أن الشعب عبر عن "مقاصد نبيلة" خلال الاحتجاجات المناهضة لبوتفليقة.
توقيت إعلان الحزب عن دعمه للحراك الشعبي وتخليه عن دعم بوتفليقة، خلق تساؤلات عديدة بين المراقبين والمحللين، بالأخص حول مصير الرئيس، الذي باتت عزلته تتسع يوماً بعد يوم، لماذا الآن وليس قبل ذلك؟. الإجابة عن هذا التساؤل لخصها، الناشط والمعارض الجزائري، المقيم في لندن، محمد العربي زيتوت، في حواره مع DW عربية في مقولة الحكيم والسياسي الهندي غاندي، "يتجاهلونك، ثم يحاربونك، وبعدها يعترفون بك".
ويرى زيتوت أن هذه المقولة تلخص ما يقع اليوم في الجزائر. ويضيف قائلا: "هم الآن يعترفون بانتفاضة الشعب الجزائري، بعد أن تصدوا لها بكل الطرق. هذا الخوف من الشعب الجزائري يأتي بعد ما حدث في سوريا وليبيا ودول أخرى، لكنهم كانوا يرون كل انتفاضة جمعة أقوى من ما مضت والجمعة الماضية كانت بمثابة صفعة كبرى على وجوههم، وهاهم نراهم يقفزون من الباخرة التي تغرق".
وإلى جانب هذا الدعم دعا الحزب الحاكم كما جاء على لسان بوشارب إلى "ضرورة العمل بإخلاص والجلوس معاً إلى طاولة حوار واحدة للوصول إلى الأهداف المرجوة وفق خريطة طريق واضحة لبناء جزائر جديدة لا تهمش ولا تقصي أحدا". هذه الخطوة يرى فيها زيتوت محاولة "إعادة تدوير" للنظام، الذي يريد تجديد نفسه والعودة بشكل ووجه جديدين".".
"الرحيل يعني الرحيل"
جزائر جديدة، لكن مع نظام جديد، هو مطلب الجزائريين، بعد أن تراجع بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة في الـ 11 مارس/ آذار وتأجيله للانتخابات الرئاسية، التي كانت مرتقبة في الـ 18 أبريل/ نيسان المقبل. الآن وبعد إعلان الحزب الحاكم عن دعمه ومساندته للحراك بشكل مطلق وكذلك عن استعداده للحوار، لم ترض هذه الخطوات المحتجين، الذين رفعوا من سقف مطالبه وطالبوا النظام القديم، الذي يسيطر على البلاد منذ عشرين عاماً، بالرحيل. وكتب الإعلامي الجزائري فاضل زبير تغريدة على حسابه على "تويتر" عبر فيها عن عدم فهم النظام لمطلب المحتجين.
وفي هذا الاتجاه أطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت هاشتاغ #ترحلوا_يعني_ترحلوا، طالبوا فيه بوتفليقة وجميع رموز نظامه بالرحيل. الهاشتاغ لقي تفاعلاً واسعاً بين النشطاء. من جهة أخرى ذهب مغردون آخرون إلى التأكيد على مطلبهم المتمثل في الرحيل الكامل للنظام من خلال هاشتاغ #يتنحاو_ڨاع، والذي يعني التنحي بشكل كامل من السلطة، وفسح المجال أمام الجيل الجديد من الشباب.
غداً الجمعة 22 مارس/ آذار تكمل الاحتجاجات شهرها الأول منذ انطلاقها في الـ 22 فبراير/شباط، ويتوقع أن تشهد البلاد في هذا اليوم احتجاجات واسعة، بحسب حجم الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي انطلقت تحت هاشتاغ #حراك_22_مارس، الهاشتاغ الأكثر تداولاً حالياً بين المستخدمين حول احتجاجات الجزائر. ولم تخلوا ردود فعل النشطاء من السخرية، إذ نشر ت إحدى المغردات، وهي أستاذة جامعية جزائرية على حسابها، كاريكاتور يُظهر إخوة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وهم يرفعون لافتة، كٌتب علبها "عبد العزيز ليس أخونا"، في إشارة إلى ازدياد عزلة الرئيس.
هدف النظام الاستراتيجي الوحيد، هو البقاء في السلطة والحفاظ على النفوذ، لهذا يحاول اللعب بعدة أوراق من أجل تحقيق هذا الهدف، كما يرى الناشط السياسي الجزائري زيتوت: "بغض النظر عن التبريرات والتفسيرات وكل ما يقولونه، يسعون إلى البقاء في السلطة وبكل الطرق، من خلال كسر الاحتجاجات من جهة، ومن جهة أخرى ركوبها ومن جهة ثالثة الاستقواء بالخارج".
أوراق مكشوفة
لكن يبدو أن جميع أوراق النظام باتت مكشوفة لدى المحتجين، الذين عبروا بشكل صريح عن رفضهم لجميع محاولات النظام لاحتواء غضب الشارع، الذي تعكس صورته مواقع التواصل الاجتماعي. وفي هذا الصدد نشرت إحدى المغردات صورة للاحتجاجات ولافتة مكتوب عليها عار عليكم الاسقواء بالخارج، في إشارة إلى رفض محاولة النظام الاستعانة بالخارج من أجل تقوية موقفه.
وقد أكد هؤلاء المشاركون في الاحتجاجات في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي على "استمرار سلمية المظاهرات ورفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للجزائر وعلى تماسك أطياف الشعب الجزائري". وعن هذه النقطة يقول المعارض زيتوت: "هذه المرة لم يستطيعوا تفرقة الشعب الجزائري".
ويتطلع هؤلاء النشطاء والمحتجون "إلى ما تحمله الأيام المقبلة" للوضع في الجزائر، والتي يصفها زيتوت بـ" المبشرة"، نظراً للسلمية و"التحضر"، اللذين أظهرتهما الاحتجاجات التي تدخل يوم غد الجمعة شهرها الثاني.
وفي خطوة من شأنها زيادة إضعاف موقف بوتفليقة، يواجه رجل الأعمال البارز علي حداد، وهو أحد حلفاء الرئيس الجزائري القلائل الباقين معه في مواجهة الاحتجاجات الحاشدة، ضغوطا للاستقالة من رئاسة أكبر جمعية لرجال الأعمال، ما يجعل الأيام حاسمة في مصير النظام.
الكاتبة: إيمان ملوك