حكومة "اللاأحقاد" الجديدة تبشر بارتياح سياسي في لبنان
عندما بدأ الدخان الأبيض بالتصاعد من مدخنة كاتيدرائية سيستينا في الفاتيكان تبشيرا بانتخاب بابا يقود الكنيسة الكاثوليكية، كان الارتياح قد عم الشارع اللبناني على أثر إعلان رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي عن تشكيل حكومة جديدة في لبنان. فبعد شهرين من فترة المخاض التي عاشها الشارع اللبناني عقب اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، تمكن رجل الأعمال والوزير السابق نجيب ميقاتي من تشكيل حكومة تضم 14 وزيرا يقال إن غالبيتهم من الموالاة.
وقال رئيس الوزراء المكلف إنه شكّل حكومة قوية، وإنه يعي تماما المهمة الموكلة إليه وإلى حكومته. وتطرق ميقاتي الذي أعلن عن التشكيلة الوزارية الجديدة في كلمته إلى المشاكل الأمنية وموفقه منها قائلا: "عندما كنت نائبا في البرلمان، كنت من المطالبين باستقالة قادة الأجهزة الأمنية. ويجب أن يكون عمل لجنة التحقيق الدولية ضمن الإطار الدولي من أجل إظهار الحقيقة، وبناء على قرارات هذه اللجنة فإنه سيتم التعامل مع قادة هذه الأجهزة. وكرئيس للوزراء سأقوم بتقديم هذه المقترحات للبرلمان آملا بالموافقة عليها. وأضاف أنه يقوم بذلك " من أجل استقلالية القرار اللبناني دون تدخل خارجي." ويذكر أن ميقاتي طالب باستقالة قادة الأجهزة الأمنية عندما كان نائبا في البرلمان.
مهمتان أساسيتان
وبرغم نجاح ميقاتي في تشكيل الحكومة، إلا أن المهام الموكلة إليها كبيرة، إذ أنه يجب عليها التحضير للانتخابات البرلمانية القادمة المزمع عقدها في أواخر شهر أيار/مايو القادم، إضافة إلى التعاون مع لجنة التحقيق الدولية التي ستتقصى الحقائق بخصوص اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وفي هذا السياق يقول ميقاتي: " إننا نطالب جميع الأحزاب السياسية بالعمل والتعاون المشرك. فمهمتنا تنحصر في الوقت الحاضر بالتحضير للانتخابات إضافة إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتوطيد العلاقة مع سوريا." وكانت الحكومة الجديدة التي تضم أعضاء من غير المرشحين للانتخابات، قد أعلن عنها بعد مشاورات مع الرئيس اللبناني إميل لحود. وتمثل التشكيلة الجديدة جميع الأطياف السياسية والدينة.
ترحيب دولي وتحفظ داخلي
في غضون ذلك قوبلت خطوة تشكيل الحكومة الجديدة بردود فعل متباينة، ففي حين أعربت المعارضة التي طالبت بنصف المقاعد فيها عن خيبة أملها، رحبت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بهذه الحكومة ودعتها إلى التمسك بموعد الانتخابات والعمل على معالجة ملف قادة الأجهزة الأمنية. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن أهم المهام الملقاة على عاتق حكومة ميقاتي هي الحرص على نزاهة الانتخابات التي ستُجرى في أيار/ مايو الماضي. أما النائب غنوة جلول فقد أعلنت عن أن كتلة المعارضة ستتعامل بإيجابية مع الحكومة الجديدة رغم أنها تضم أسماء استفزازية، على حد تعبيرها. من جانبه أعرب الزعيم الدرزي المعارض وليد جنبلاط عن أسفه لقلة حصة الأحزاب المعارضة فيها.
مشكلة قادة الأجهزة الأمنية
بينما أعلن ميقاتي بعد تأسيس الحكومة التي سماها بـ "حكومة اللاأحقاد" عن أنه سيسعى إلى تنحي قادة الأجهزة الأمنية من مناصبهم، ودّع العميد الركن رستم غزاله رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان رسميا المسؤولين اللبنانيين. ووفقا لمصادر حكومية لبنانية فإن غزاله أبلغ المسؤولين بانتهاء الوجود العسكري السوري في لبنان. في الوقت ذاته قدم غزاله تعهدات بأن دمشق لن تتوقف عن تقديم الدعم للبنان رغم سحب قواتها من أراضيه. على الصعيد نفسه واصلت القوات السورية انسحابها من سهل البقاع. وأكدت مصادر حكومية لبنانية أن 100 شاحنة عسكرية على الأقل عبرت الحدود اللبنانية باتجاه الأراضي السورية.