حقوقي ليبي: ليبيا تعيش في ظل حكم المليشيات
٢٩ يوليو ٢٠١٥رغم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتفعيل خطة سلام لوقف الصراع على السلطة في ليبيا، لا تزال البلاد مسيرة بحكومتين: الحكومة المعترف بها دوليا، ومقرها في طبرق، وحكومة أخرى يقودها الإسلاميون وتتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها. هذا الفراغ في السلطة استغلته مختلف الميليشيات المسلحة والجماعات المسلحة بما فيها "الدولة الإسلامية"، للسيطرة على أجزاء عديدة من البلاد، التي نشأت فيها معسكرات لتدريب للجهاديين.
صدر حكم بالإعدام (يوم الثلاثاء 28 تموز/ يوليو 2015) على سيف الإسلام، أحد أبناء الرئيس الليبي السابق معمر القذافي من قبل محكمة جنايات في طرابلس. كيف تقيم الحكم؟
نصر الهواري: لا أظن أنه سيتم تنفيذ الحكم. فسيف الإسلام يوجد تحت قبضة إحدى الميليشيات الرئيسية في الزنتان، المعارضة للحكومة في طرابلس. والحكومة المعترف بها دوليا ليس لديها أي نفوذ هناك. وبالتأكيد فالمليشيات لن تسلمه إلى طرابلس. ذلك لن يحدث. وفي حال قاموا بتسليمه، ربما سيسلمونه للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ولكن يجب ألا ننسى أنه لا يزال بإمكان المتهم أن يطعن في الحكم.
تحدثت تقارير منظمات حقوق الإنسان عن عدة حالات تعرض فيها المحامون والقضاة للتهديد. في هذا السياق هل يمكن الحديث عن وجود نظام قانوني فعال في ليبيا؟
ناصر الهواري: لا. النظام القانوني لم يعد يعمل، والتعذيب داخل السجون منتشر على نطاق واسع. الكثير من الناس لا يحصلون على محامي أو مستشار قانوني، كما أن العديد من المتهمين لا يحصلون على المساعدات القانونية اللازمة والسجناء لا يحصلون على الرعاية الطبية المناسبة. فعلى سبيل المثال رئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي، لم يحصل بعد على محام. مشكلة أخرى هي أن العديد من المحامين لا يجرؤون على الدفاع عن المتهمين في مثل تلك القضايا. فهم خائفون من أن يعرضوا أنفسهم للخطر.
لنعد إلى حالة سيف الإسلام القذافي. في العام الماضي تم تسليمه للسلطات الليبية من النيجر، التي فر إليها بعد سقوط نظام والده عام 2011. وهو متهم بإثارة الاضطرابات في جنوب ليبيا من منفاه في النيجر. ما هو تأثير عائلة القذافي التي حكمت البلاد لفترة طويلة اليوم؟
ناصر الهواري: سيف الإسلام بعيد عن السلطة والنفوذ اللذين كانا لدى والده وعائلته في السابق. صحيح أنه يحظى بدعم بعض القبائل، غير أن قبائل أخرى سحبت دعمها له، لأن لديها أفراد ينتمون إلى إحدى الحكومتين. بالتالي فالأمر لا يتعلق كثيرا بدوافع سياسية بل بالروابط القبلية. وبسبب ذلك فقد سيف القذافي معظم المؤيدين.
لكن في السنوات الأخيرة ازداد عدد الناس الذين يدعون لدعم عائلة القذافي ورئيس المخابرات السابق السنوسي. فهم يعتقدون أن عشيرة القذافي ستعود لقيادة الدولة، لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" والمتطرفين.
الميليشيات الإرهابية نجحت في تثبيت أقدامها في ليبيا. والجيش الليبي يقاتل تحت قيادة الجنرال خليفة حفتر ضد الجهاديين، بعد أن عينته الحكومة المعترف بها دوليا في طبرق. ما هو تأثير تلك الحكومة على تلك المعارك؟
ناصر الهواري: الجيش الليبي يقاتل عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" في بنغازي وفي معظم المدن في شرق البلاد. غير أن التنظيم الإرهابي يسيطر على طرابلس ومناطق أخرى في الغرب. الجنرال خليفة حفتر يعمل بشكل مستقل، وقال إنه لا تربطه أي صلات بأي من الفصائل المتحاربة في ليبيا. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل الجماعات العلمانية وأيضا الإسلاميين يخشونه. فهو مستقل تماما. لكن الكثيرين يخشون أن يسلك نفس نهج عبد الفتاح السيسي في مصر.
في عام 2013 أطاح الجنرال السيسي بالرئيس المصري، محمد مرسي، من الإخوان المسلمين. ونتيجة لذلك، دخلت مصر في اضطرابات شعبية. هل تعتقد أنه سيحدث في ليبيا انقلاب مماثل؟
بعد كل ما قاله حفتر حتى الآن، استعبد وقوع انقلاب عسكري في ليبيا. لكن بطبيعة الحال لا يمكن استبعاد حدوث ذلك.
ناصر الهواري: أحد مؤسسي المرصد الليبي لحقوق الإنسان، ويتولى مسؤولية المدير الحالي للمرصد الذي يتخذ من الإسكندرية مقرا له.