حقوقي دولي: المغرب يخالف القانون الدولي في قضية أنوزلا
٢١ أكتوبر ٢٠١٣قضية الصحفي علي أنوزلا المتابع بتهمة الإشادة بالإرهاب أثارت الكثير من الجدل القانوني والحقوقي حول مدى سلامة متابعة صحفي بقانون الإرهاب بسبب نشره لرابط فيديو عن تنظيم القاعدة يهاجم سياسة المغرب. الحقوقي الدولي والمستشار في الأمم المتحدة عبد الرحيم صابر، يسلط الضوء في حوار مع DW عربية على أبعاد هذه المتابعة، التي تكتسي برأيه "طابعاً سياسياً بامتياز".
وبرأي الحقوقي المغربي عبد الرحيم صابر، وهو ناطق سابق باسم منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية غير الحكومية، فإن الحكومة المغربية تسيء لسمعة المغرب بزجها بالصحافي علي أنوزلا وراء القضبان في قضية "بدون سند قانوني ولا توجد أدلة مادية على إدانته فيها".
وفيما يلي نص الحوار:
DW: كيف تجري معاملة علي أنوزلا في السجن وما هو وضعه الصحي؟
عبد الرحيم صابر: الوضع الصحي لعلي أنوزلا متدهور جداً حسب ما روت شقيقته بعد الزيارة الأخيرة له في الحبس. وقالت إن علي متعب جداً ومرهق، وهناك هالات سوداء تحت جفنيه، دلالة على أنه لا ينام. وهذا مؤشر خطير لأن المغرب ملزم بالحفاظ على صحة علي أنوزلا ورعايتها، خاصة وأن المغرب وقع العديد من الاتفاقيات الدولية التي تمنح الحقوق للسجناء، مع العلم أن علي أنوزلا مازال تحت السجن الاحتياطي. وهنا نجد إشكالية قانونية لأنه كان من الممكن متابعة علي أنوزلا وهو قيد السراح لأن جميع الضمانات موجودة لإطلاق سراحه المشروط.
علي أنوزلا متابع بتهم خطيرة وهي تهم "الإشادة بأفعال إرهابية". هل هناك في مقتضيات القانون المغربي ما يجرم نشر فيديو يتضمن رسائل إرهابية؟
لا يوجد في القانون المغربي ما يجرم نشر فيديو على موقع إلكتروني، ولا يوجد في المسطرة (الإجراءات) الجنائية أي مادة تشير من قريب أو بعيد إلى هذا الأمر. كما أن فصل الإشادة بالإرهاب يقول بالحرف: "يُعاقب بالحبس من سنتين إلى ست سنوات وبغرامة تتراوح بين عشرة آلاف ومائتي ألف درهم كل من أشاد بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية".
ولا تنطبق هذه المقتضيات الوضع على قضية علي أنوزلا بل قام بعمله كصحفي، وهذا يدخل في إطار إخبار الرأي العام. كما أنه حتى في قانون الصحافة لا يوجد أي مقتضى يجرم هذا الفعل، وبالتالي فهناك فراغ قانوني على مستوى قانون الصحافة وكذلك في مجال حقوق الإنسان.
ما هي الحدود التي يجب أن يتقيد بها موقع إخباري حتى لا يتحول إلى وسيلة "لتقديم أدوات إجرامية" و"المساعدة على نشر الإرهاب"؟
هذا نقاش قانوني حقوقي حتى في الدول الغربية، ولا أعتقد أنه يوجد توافق دولي على حدود عمل الصحافة الإلكترونية، لكن في الوقت نفسه حسمت الدول الغربية بين القيام بعمل صحفي مهني وبين نشر الإرهاب. أما في حالة المغرب فإن الإطار القانوني حسب القانون المغربي هو تجنب التشهير بالناس أو الحث على العنف أو خلق إشاعات كل هذه المسائل، يمكن أن تؤدي بالموقع إلى المتابعة القانونية.
أما موقع "لكم" فقد نشر رابط الفيديو وعلق عليه بأن الفيديو يحمل رسائل إرهابية والموقع يختلف مع مضمون الفيديو. كما أنني أختلف مع فكرة وضع حدود للعمل الصحفي، لأنها لا تتماشى مع حرية الرأي والتعبير. يجب التقيد فقط بأخلاقيات المهنة المحددة في قانون الصحافة.
ما هي حظوظ إخراج ملف محاكمة أنوزلا من قانون الإرهاب إلى قانون الصحافة؟ وما هي العقوبات التي تتهدده؟
أولاً يجب الإشارة أن المغرب أخطأ عندما قرر متابعة صحفي بموجب قانون الإرهاب لأن هذا يعد خارجاً عن القانون الدولي الذي صادق عليه المغرب، وخاصة في شقه المتعلق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذلك المادة 19 من الإعلام العالمي لحقوق الإنسان حول حرية التعبير. وبالتالي فالمغرب يخالف القانون الدولي.
أما النقطة الثانية فهي أن هناك قانون للصحافة وفيه مواد جرائم النشر هذا إذا اعتبرنا أن علي أنوزلا قد قام بخطأ مهني وهو بعيد عن هذا الأمر. ويجب الإشارة إلى أن علي أنوزلا قد قرر حجب الموقع وأصدر بياناً يقول فيه بأنه ضد الإرهاب. كل هذه العوامل تستوجب أن تخرج قضية علي أنوزلا من قانون الإرهاب لمتابعته وفق قانون الصحافة، لأن الدولة حالياً تخالف القانون والدستور، الذي يقول في ديباجته بسمو المواثيق الدولية على القوانين الوطنية.
أما في حالة استمرت متابعته بموجب قانون الإرهاب بتهم تقديم وسائل الجريمة والقيام بعمل إجرامي والتحريض على الإرهاب، فهي تهم ثقيلة قد تصل عقوبتها إلى 10 سنوات أو أكثر. ولكن أنا متيقن بأن المحكمة لن تستطيع إثبات أي شيء ضد علي أنوزلا ولن تجد دليلاً مادياً لأدانته.
لماذا برأيك تأخذ قضية علي أنوزلا أبعاداً سياسية كبيرة في البلاد وخارجها؟ وهل أصبحت قضية علي أنوزلا قضية سياسية؟
أولاً يجب هنا الإشارة إلى أن علي أنوزلا هو النقطة التي أفاضت الكأس لأن هناك العديد من الصحفيين الذي يُتابعون أو يتم التحقيق معهم بسبب مواقفهم، لكن قضية علي أنوزلا أخذت كل هذا الحجم نظراً لقيمة علي أنوزلا كصحفي معروف بمواقفه. وكذلك نظراً لطبيعة التهم الموجهة إليه، والتي حولته من صحفي إلى إرهابي. وأعتقد أن الدولة كانت تعول على أن الدول الغربية لديها حساسية من مسألة الإرهاب وستغض الطرف عن القضية، لكن الدول الغربية بعد رحيل المحافظين الجدد (في الولايات المتحدة الأميركية) لم تعد تقتنع بهذه التبريرات. ولهذا رأينا بيان وزارة الخارجية الأمريكية التي دعت فيه الحكومة المغربية إلى التعامل بحكمة مع قضية الصحفي علي أنوزلا. وأؤكد هنا على أن هذه القضية أساءت لصورة المغرب في الخارج، وطالما حاول المغرب إقناع الغرب بأنه يبذل جهوداً في مجال حقوق الإنسان.
أما عن تحول قضية علي أنوزلا إلى قضية سياسية فهي منذ البداية قضية سياسية، لأن علي أنوزلا صحفي مزعج ويثير الكثير من القضايا الحساسة كما أن موقع "لكم" كان وراء تفجير الكثير من القضايا الكبيرة في المغرب، لذلك فقضية علي أنوزلا هي محاولة لإسكات هذا القلم الحر والمستقل.
هل هناك مؤشرات على احتمال تسوية قضية علي أنوزلا والإفراج عنه؟
قانونياً المسألة الآن يجب أن تمر أمام القضاء لأن المسطرة (الإجراءات) قد أخذت مجراها ويجب أن يمر أنوزلا أمام القاضي، لكنني أكرر لن تستطيع المحكمة إثبات أي شيء ضد علي أنوزلا، هذا من جهة. أما من جهة ثانية فنحن نلاحظ أن هناك ضغطاً دولياً من أجل الإفراج عن علي أنوزلا من الدول الغربية والأمم المتحدة، فمن الممكن أن يصدر في حقه قرار عفو ملكي بعد المحاكمة، خاصة بعد أن قرر علي أنوزلا بإغلاق موقع "لكم" بصفة مؤقتة بعد أن تعذر عليه إدارته من السجن.