زيارة أوباما للسعودية
٢٧ يناير ٢٠١٥قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم الثلاثاء بزيارة إلى السعودية لتقديم واجب العزاء للعاهل السعودي الجديد الملك سلمان في وفاة سلفه الملك عبد الله في زيارة تبرز أن التحالف الامريكي السعودي يتجاوز المصالح النفطية ويمتد إلى الأمن الإقليمي. خاصة وأن زيارة أوباما للمملكة تأتي في وقت تواجه واشنطن تحديات كبيرة جراء الصراعات المتفاقمة في الشرق الأوسط وتعتمد على الرياض كواحدة من عدد قليل من الشركاء الدائمين في حملتها ضد تنظيم " الدولة الإسلامية" الإرهابي الذي سيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا.
تنشيط العلاقات الثنائية
وضم الوفد المرافق للرئيس أوباما 30 عضوا من بينهم مسؤولين كبار وجمهوريين مخضرمين من بينهم جيمس بيكر وزير الخارجية في إدارة جورج بوش الأب وبرنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي للرئيسين جيرالد فورد وبوش الأب. بالإضافة إلى كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس جورج بوش الابن وستيفن هادلي مستشار الأمن القومي في نفس الإدارة والسناتور الجمهوري جون مكين الذي عادة ما ينتقد سياسة أوباما الخارجية. حضور هذا الوفد الرفيع للسعودية يبرز أهمية هذا اللقاء، الذي يتناول العديد من الملفات المهمة والمشتركة بين البلدين. وفي هذا الصدد صرح نائب مستشار الأمن القومي للبيت الابيض بن رودس بأن زيارة أوباما "تشكل فرصة للتشاور في بعض المسائل التي نعمل عليها مع السعوديين" مشيرا بشكل خاص إلى الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية واليمن والمفاوضات النووية مع إيران.وأضاف بن رودس في مؤتمر صحفي:"اعتقد أنه من الواضح جدا بالنسبة لنا بأن الملك سلمان قد أعطى إشارات واضحة عن الاستمرارية" مشيرا بالتحديد إلى "الاستمرارية في المصالح السعودية وفي العلاقات السعودية الاميركية".
وبحسب محللين، سيحاول الرئيس أوباما والملك سلمان إعادة تنشيط العلاقات الثنائية التي تضررت خلال السنوات الأخيرة بالرغم من استمرار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين مع وجود مصالح مشتركة ضخمة. هذا وقد تقاربت واشنطن نسبيا خلال الفترة الأخيرة مع خصم السعودية التقليدي إيران في وقت تزداد فيه احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران. علاوة على ذلك فإن انهيار الحكومة اليمنية يشكل مصدر قلق للسعودية لأن بينهما حدودا مشتركة طويلة وبسبب التقدم الذي أحرزته إيران المنافسة الرئيسية للمملكة السنية على النفوذ الإقليمي.
النفط لن يتصدر أجندة المحادثات
بالإضافة إلى الأزمة السياسية والأمنية في المنطقة فإن المصالح الاقتصادية بين البلدين ستكون حاضرة أيضا في المباحثات بين قادة البلدين. ولكن نائب مستشار الأمن القومي للبيت الابيض بن رودس قال للصحفيين ردا على سؤال حول ما إذا كان النفط سيحتل مرتبة متقدمة في المحادثات "بشكل عام وبصراحة نجري ذلك الحوار مع السعوديين عبر القنوات التي تعمل حكومتنا من خلالها فيما يتعلق بسياسة الطاقة." وأضاف رودس "لا يتحول إلى حوار بين زعيمين عادة إلا عندما تكون هناك أزمة. لذا فمن المؤكد أن الطاقة والنفط جزء من علاقاتنا وحوارمستمر مع السعودية. ولكن لا أتوقع أن تتصدر تلك المسألة محادثات اليوم."
ملف حقوق الإنسان
من جهته أكد أوباما على أهمية الحفاظ على علاقات متينة مع المملكة العربية السعودية، التي وصفها بالحليف الاستراتيجي، غير أن الرئيس الأمريكي شدد من جهة أخرى على أن أمريكا ستستمر في الضغط على السعودية وحلفاء آخرين في قضية حقوق الإنسان وستوازن بين ذلك وبين المحادثات الخاصة بمكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي. وأدلى أوباما بهذه التصريحات في مقابلة مع شبكة سي.ان.ان التلفزيونية الامريكية. كما قال أوباما "ما أجده فعالا مع كل الدول الأخرى التي نعمل معها هو ممارسة ضغط متواصل ومتسق حتى ونحن نقوم بما ينبغي القيام به." واستطرد "وفي أحيان كثيرة هذا يجعل حلفاءنا يشعرون بعدم الارتياح. هذا يشعرهم بالاحباط وعلينا في أحيان ان نوازن بين حاجتنا إلى التحدث معهم عن قضايا حقوق الانسان وبين مخاوف وشيكة لدينا متعلقة بمكافحة الارهاب أو التعامل مع الاستقرار الاقليمي."
غير أن أوباما تجنب الإجابة بشكل مباشر عما إذا كان سيناقش قضية الناشط السياسي والمدون السعودي، رائف بدوي، الذي حكم عليه من محكمة سعودية، بالسجن والجلد. تصريحات أوباما التي تتسم بالحذر في ما يخص ملف حقوق الإنسان في السعودية تبرز صعوبة التطرق إلى هذا الملف الحساس، الذي من شأنه أن يؤثر على تطور العلاقات الثنائية بين البلدين. فرغم موجة الانتقادات الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية وخاصة في ظل قضية المدون رائف بدوي، إلا أن الموقف الرسمي الأمريكي ظل متحفظا في هذا الشأن.
ويشير بعض المحللين السياسيين إلى أن أوباما سيحاول تسيير العلاقات بسلاسة مع الملك الجديد سلمان الذي يتولى السلطة بعد فترة شهدت قدرا من التوتر في العلاقات بين واشنطن والرياض. ولهذا فإن أوباما سيعى إلى استمرار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين خاصة مع وجود مصالح مشتركة ضخمة بين البلدين. هذه المصالح قد تجعل ملف انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية لا يحظى بالأولوية والأهمية اللازمة ضمن أجندة المحادثات بين قادة البلدين. وذلك رغم تعالي الأصوات المطالبة بالضغط على السعودية لتغيير بعض قوانينها وسياساتها المخالفة لمواثيق حقوق الإنسان الدولية.