حسن عبد العظيم: تسليم السلطة في سوريا بات أمرا ملحًّا
٢٩ مايو ٢٠١٢ألقت مجزرة الحولة بظلالها على مصداقية مبادرة الأمم المتحدة في سوريا، وقد تطرح تحديات جديدة على المعارضة السورية وتموقعها في هذه الأزمة. فهل تشكل "الحولة" منعطفا في تعاطيها مع النظام، ومع نفسها أيضا بحكم الانقسامات التي تمزقها وتمنعها من رص صفوفها في وجه النظام؟ وإلى أي مدى يمكن استلهام "المخرج اليمني" في معالجة معضلة الأزمة السورية؟ أسئلة وغيرها طرحتها DW على حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا.
DW : بعد مجزرة الحولة هل وقع تغيير في تصوركم لحل الأزمة في سوريا، وهل تعتقدون في هيئة التنسيق الوطنية أن الحوار مع النظام لا يزال ممكنا للخروج من الأزمة الحالية؟
حسن عبد العظيم: لقد مكنت مبادرة كوفي أنان، في البداية، من تخفيض مستوى العنف، لكن النظام واصل إطلاق النار. النظام لم يلتزم بالبنود الخمسة للمبادرة والتي تهدف لتوفير مناخ مناسب للعملية السياسية. بيد أنه بعد مجزرة الحولة وما تلاها في حماة، اشتد غضب الشارع، ووصل الوضع إلى مرحلة خطيرة من العنف مما يزيد من صعوبة خيار التفاوض. ثم إنه يصعب أصلا الحديث عن التفاوض في ظل عدم التزام النظام بالبنود الخمسة والمتعلقة مثلا بوقف العنف وسحب الآليات، وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي. إن المشكلة تكمن في كون النظام يتعامل منذ البداية مع الأزمة على أنها "مؤامرة خارجية" وأعمال تقودها "عصابات إرهابية".
بعد مجزرة الحولة، بات موضوع تفويض صلاحيات لحكومة وحدة وطنية يكون للمعارضة دور فيها، أمرا ملحا. حكومة تعمل على وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين، وعلى إطلاق جمعية تأسيسية لوضع دستور ديمقراطي وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية حقيقية، وبالتالي التحول إلى دولة مدنية ديمقراطية.
العديد من المراقبين تداولوا في المدة الأخيرة ما بات يسمى بـ"الحل اليمني"، هل تعتقدون أن انسحاب الرئيس الأسد من الحكم على غرار عبد الله صالح يمكن أن يشكل مفتاحا لحل الأزمة؟
الحل المرجح هو أن يسلم الرئيس الأسد السلطة، وسيكون ذلك مفتاحا يسهل الحل، بحيث تفوض السلطات لشخص أو مجموعة من الأشخاص تشكل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات دستورية كاملة. هذا سيكون مدخلا لحل الأزمة.
لكن النموذج اليمني لا يخلو من المطبات كما يظهر ذلك في التطورات الأخيرة في هذا البلد؟
لقد تمكن الحل اليمني على الأقل من وضع حد للعنف، وأعاد هيكلة الجيش وفتح الطريق للتفاوض ولحوار وطني. لكن دخول تنظيم القاعدة على الخط هو الذي جعل الثورة والدولة ومشغولة باستيلاء هذا التنظيم على بعض مناطق البلاد. لكن الأكيد هو أن الحل اليمني فتح الباب أمام العملية السياسية.
توجه انتقادات حادة للمعارضة السورية بمختلف أطيافها لعدم قدرتها على رص صفوفها، ألا تتحمل المعارضة ذاتها جزءا المسؤولية عن تعثر الحل في سوريا؟
المعارضة السورية متنوعة، هناك هيئة التنسيق الوطنية التي تمثل أحزابا وهيئات ونقابات وشخصيات مختلفة، ثم المجلس الوطني السوري ويمثل المعارضة في الخارج التي لها امتدادات في الداخل، وهناك مستقلون شكلوا "المنبر الوطني الديموقراطي. وهناك المجلس الوطني الكردي.
لقد توصلت هيئة التنسيق مع المجلس الوطني السوري إلى رؤية سياسية مشتركة وآلية تنظيمية في أفق تنظيم مؤتمر سوري عام يشمل كل التنظيمات بمختلف أطيافها التي ذكرتها. لكن بعد أربعين يوما من الجهد المتواصل تم التراجع من بعض أطراف المجلس الوطني. وهناك محاولة جديدة وجادة، وقد أرسلت هيئة التنسيق وفدا إلى القاهرة لوضع تصور لتشكيل لجنة تحضيرية من أطراف المعارضة في الداخل والخارج، قد تؤدي إلى انعقاد مؤتمر وطني سوري يوحد جهود المعارضة وخطابها.
الكرة الآن في ملعب المجلس الوطني، فهناك قوى وشخصيات في المجلس تريد التوحيد وأخرى يبدو أنها تريد أن تعرقل. هذا، على كل حال، تحد مطروح علينا ولا بد أن نستجيب له.
عدد من العواصم الغربية أعلنت اليوم طرد السفراء السوريين لديها بعد مجزرة الحولة. كيف تنظرون إلى هذه الخطوة وما هي انتظاراتكم من المجتمع الدولي ومن أوروبا بالضبط؟
هذه ضغوط إضافية، ديبلوماسية وسياسية على النظام السوري. وهي ضغوط مطلوبة لدفعه إلى الالتزام بمبادرة كوفي أنان، باعتبارها مبادرة للأمم المتحدة والجامعة العربية، وعليها إجماع وتوافق دولي واسع. ولا تزال هذه المبادرة فرصة لحل الأزمة المعقدة في سوريا. لا بد من الضغط على النظام ليلتزم بهذه المبادرة لوقف العنف وتهيئة الأجواء لعملية سياسية حقيقية تخرج سوريا من الأزمة. أزمة تهدد الكيان السوري والشعب الوطني وتهدد أيضا دول الجوار.
أجرى الحوار: حسن زنيند
مراجعة: منصف السليمي