تعليق: سوريا على حافة الهاوية
٢٨ مايو ٢٠١٢مهمة الأمم المتحدة في سوريا لا يمكن الا أن تمحور نحو هدفين، أولهما وقف سفك الدماء، وثانيهما عمل كل ما يجب لمنع سفك دماء أكثر في المستقبل.
وبعد المجزرة التي وقعت في بلدة الحولة، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص، بينهم كثير من الأطفال والنساء، بات من الواضح أن الأمم المتحدة على وشك أن تفشل في هذين الهدفين. يواصل نظام بشار الأسد المراهنة على التمسك بالسلطة بلا وازع ولا ضمير، ويمشي في سبيل ذلك على جثث الشعب، بالمعنى الحقيقي للكلمة. أما المجتمع الدولي فلا يقدر إزاء ما يحدث في سوريا سوى على تشديد لهجة الاحتجاج والادانة. وفي ذات الوقت يزداد تطرف بعض أطراف المعارضة السورية، التي بدأت مقاومتها داخل البلاد تتخذ طابعاً عسكرياً متزايداً، وفتحت المجال أمام مجموعات متطرفة للتصرف. لقد بات الانتقام العامل المهيمن على السلوك والتصرفات.
نظام دون مستقبل
تقف سوريا على حافة الهاوية، فيومياً يقتل المزيد من المواطنين، والدلائل بدأت تشير إلى احتمال نشوب حرب أهلية تستمر سنوات بغض النظر عن تاريخ انتهاء الصراع الحالي والطرف المنتصر فيه. ومن الواضح أنه لم يعد لنظام الأسد أي مستقبل، فحتى الموالون له في أجهزة الدولة لن يتمكنوا من تجاهل العزلة الدولية المتزايدة والمفروضة على النظام، ورغم دفاع الأسد الناجح عن أجهزة الدولة، إلا أنه لم ينجح في السيطرة على البلاد بالعنف الوحشي.
إن خطر أن يؤدي إسقاط الأسد إلى سيناريو أكثر دموية لا يمكن نفيه بالكامل، لأن المعارضة لم تنجح حتى الآن في تشتيت المخاوف من عمليات التهجير والانتقام بعد سقوط النظام، والتي تشيعها آلة الدعاية الإعلامية الحكومية بين الأقليات الدينية في البلاد. لكن هذا الخطر سيزداد بشكل كبير طالما استمر الأسد في حكم البلاد.
الرد على المجزرة بالأقوال مجدداً بدل الأفعال يبدو بالنسبة لعائلات الضحايا في سوريا سخرية. ورغم ذلك من المنطقي الآن استنفاد كل الوسائل الدبلوماسية، فالمبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، كوفي عنان، التقى في دمشق بمسؤولين رفيعي المستوى، بينما يروّج الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفكرة "الحل اليمني"، التي ترتكز على تسليم نظام الأسد السلطة بشكل منظم وعلى مراحل. أما بريطانيا فتحاول إلزام روسيا بتحمل مسؤولياتها.
روسيا ومسؤوليتها
قد تكون فرصة نجاح المسعى البريطاني أكبر، إذ ان موسكو كانت قد وافقت على دعم آخر قرارات مجلس الأمن الدولي حول سوريا، والذي انتقد النظام السوري بشكل حاد وغير مسبوق، وإن كان ذلك بطريقة غير مباشرة. هذه نقطة مهمة يجب الاعتماد عليها لتذكير روسيا بأنها مهددة بخسارة نفوذها في المنطقة بأسرها على المدى الطويل، إذا ما استمرت في دعم نظام الأسد القائم على العنف.
لكن ذلك يتطلب تقديم بدائل حقيقية لروسيا من أجل المحافظة على مصالحها في سوريا بعد انتهاء حقبة الأسد، وهنا تأتي مسؤولية الدول الغربية، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية وقطر، اللتين تهيمنان على جامعة الدول العربية، وأطياف المعارضة السورية.
لكن ماذا لو لم يأت أي حل بنتيجة؟ يُخشى من تعليق أي آمال على نجاح معارضة الداخل في الإطاحة بنظام الأسد والبدء بعملية مصالحة وطنية، ورغم أن ذلك سيكون أفضل الحلول، لأن مخاطر تدخل خارجي كبيرة لدرجة أن المجتمع الدولي يعتبرها أمراً محظوراً، وهو محق. لكن إلى متى سيستمر ذلك؟ إذا ما فشلت كل الخيارات الأخرى واستمر القتل، فإن لحظة التخلي عن هذا الحظر ستأتي، عاجلاً أم آجلاً، وعندها ستتم إعادة التفكير في الفرص والمخاطر مرة أخرى.
راينر زوليش
مراجعة: منصف السليمي