حروب العصابات في ألمانيا
٦ يونيو ٢٠١٢فساد واعتداءات والاتجار بالمخدرات والسلاح والبشر، بل وجرائم قتل أيضا. كلها أعمال إجرامية تقوم بها عصابات في ألمانيا تركب دراجات نارية. وفي ولاية شمال الراين ويستفاليا، أكبر الولايات الألمانية، تم الإبلاغ مؤخراً عن عشرات الجرائم التي نفذتها هذه العصابات. وتضم تلك المجموعات في عضويتها حوالي ستة آلاف عضواً في أنحاء ألمانيا، وتعد مجموعة "ملائكة الجحيم" أو " و"هيلز آينجلز"، " من أكثر تلك المجموعات لفتاً للأنظار.
يرتدي أعضاء تلك المجموعة سترات خاصة عليها صور لجماجم، وترمز دراجاتهم النارية للحرية. ويلجأ أعضاء تلك مجموعات للعنف، خاصة أثناء المعارك التي يخوضونها مع أعضاء المجموعات الأخرى المنافسة لهم، حسب تحريات رجال الشرطة ومكاتب الشرطة الجنائية. وتسعى تلك المجموعات المنظمة لإثبات سيطرتها على المناطق التي تنشط فيها بكل الوسائل. وقد اضطر مئات رجال الشرطة إلى الاصطفاف في وسط مدينة كولونيا منذ فترة أثناء الحرب القائمة بين مجموعتي "ملائكة الجحيم" و"بانديدوز" "Bandidos"، لمنع وقوع جرائم أو مواجهات.
وفي منطقة الرور، أصيب مؤخراً أحد أعضاء مجموعة "بانديدوز" بعيار ناري، وتم العثور عليه إلى جانب دراجتها النارية، حسبما أوضح المدعى العام في مدينة إيسين. يذكر أن هناك جرائم قتل قامت بها مجموعات راكبي الدراجات النارية في عام 2007 في مونستر، كما سجلت جرائم قتل أيضاً في مدينة دويسبورغ في عام 2009.
وتسيطر مجموعة بانديدوس على منطقة الرور، وتريد مجموعة "ملائكة الجحيم" منافستها في تلك المنطقة، ويتعلق صراع المصالح بين تلك المجموعات بتجارة المخدرات وتشغيل بيوت الدعارة. وفي شمال ألمانيا أيضاً تتقاتل تلك المجموعات، فهناك تسيطر مجموعة "ملائكة الجحيم"، ويبدو أن أحد الأتراك البالغين من العمر 47 عاماً قد اختفى منذ عامين على إثر صراع مع "ملائكة الجحيم" بسبب إحدى عمليات تجارة المخدرات. ومنذ أيام، تقوم الشرطة بالتفتيش في مستودع بالقرب من مدينة كيل، حيث تزيل أساسات المستودع جزءاً فجزء، للاشتباه في قيام "ملائكة الجحيم" بدفن الرجل التركي تحت هذا المستودع. ومازال البحث مستمراً.
صعوبة التحقيقات في جرائم عصابات "روك أند رول"
يقوم رجال الشرطة بحملات تفتيش موسعة ويحاولون اتخاذ إجراءات ضد هذه العصابات، فهناك خطر يتمثل في أن يقع مواطنون أبرياء ضحايا للصراعات بين العصابات المختلفة. ويجري حوالي 1200 ضابط شرطة هذا الأسبوع عمليات تفتيش في بيوت الدعارة والحانات في كيل وهانوفر وهامبورغ لجمع الأدلة ضد هذه العصابات. لكن هذه ليست بالمهمة السهلة، فشرطة برلين أصيبت بالذهول أثناء حملاتها التفتيشية عندما اكتشفت أنه تم القضاء على كافة الأدلة المشبته بها. بل وكان أعضاء المجموعة المشتبه بهم يرتدون قمصان بيضاء بدلاً من سترات المجموعة التي تحمل صور الجماجم. ولا يعني هذا سوى أنه قد تم تبليغهم بموعد التفتيش، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا من طرف أحد رجال الشرطة، متعاطف معهم أو منتمي إليهم، الأمر الذي روع وزير داخلية ولاية برلين، فرانك هنكل.
ويكشف هذا الأمر عن مشكلة رئيسية وهي أن معظم أعضاء عصابات "راكبي الدراجات النارية" هم رجال في العقد الرابع والخامس من العمر، عدد منهم حاصل على تعليم عال ويقوم بعمل أساسي إلى جانب هذا النشاط الإجرامي في إطار تلك العصابات. كما أن معظمهم يعيش في هدوء في منازل خاصة ذات حديقة أمامية، يضاف إلى ذلك أن لديهم شبكة اتصالات جيدة جداً، بالإضافة إلى قواعد صارمة وميثاق شرف داخلي، وهو الأمر الذي يبدو غريباً.
ويوضح فرانك شلايدن، من الشرطة الجنائية في ولاية شمال الراين ويستفاليا المعضلة التي تعيشها الشرطة في هذا السياق قائلاً: "إننا لذلك لا نحصل على أي تصريحات، حتى من قبل عضو تعرض نفسه للضرر. فالمجموعات تحمي نفسها بشكل كامل ويسوون الأمور فيما بينهم". ويزيد من صعوبة توجيه الاتهامات أنه بموجب القانون الألماني لا يكفي أن يرتكب أحد أعضاء المجموعة عمل إجرامي لحظر المجموعة ككل، ويضيف شلايدن: "يجب أن نثبت أن هذه الجرائم من العلامات المميزة للمجموعة ومن مبادئها".
فرض الحظر على بعض مجموعات سائقي الدرجات النارية
في شمال الراين ويستفاليا تم التمكن من جلب الأدلة المطلوبة ضد بعض المجموعات في مطلع أبريل/نيسان الماضي، وتم بالفعل حل اثنين من نوادي "ملائكة الجحيم" في مدينة كولونيا، وهما „Hells Angels MC Cologne“ و "Red Devils" وتم التحفظ على ممتلكات الناديين. "عندما لا يتمكن الأعضاء من ارتداء رموز القوة مثل السترات الخاصة بهم، فيبدو أن هذا يقلل أيضاً من سلطة المجموعة"، حسبما وصف المحقق في شمال ألمانيا بعد حظر أحد النوادي في كيل ونوي مونستر. لكن وزير داخلية ولاية برلين، فرانك هينكل، يرغب في تنفيذ حظر كامل لمجموعات راكبي الدراجات أو ما تعرف بـ "روك أند رول"، وهو وإن كان قد تمكن بالفعل من حظر المجموعات الأكثر تأثيراً في العاصمة الألمانية لكنه يقول: "إنها خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح، لكن يجب أن تكون هناك مقاومة أكبر للعصابات المنظمة في ألمانيا".
فولفغانغ ديك/سمر كرم
مراجعة: طارق أنكاي