جولييت بينوش في حفل افتتاح مهرجان القاهرة "العجوز والفقير"
٣٠ نوفمبر ٢٠١٠يُصنف مهرجان القاهرة السينمائي كواحد من أهم أحد عشر مهرجاناً سينمائياً على مستوى العالم. وعندما تأسس المهرجان عام 1976 بمبادرة من الناقد السينمائي كمال الملاخ كانت مصر بالفعل هوليوود الشرق، وكان الإنتاج السينمائي المصري يصل إلى نحو مئة فيلم في العام. وكان الملاخ قد زار في عام 1975 مهرجان برلين السينمائي (البرليناله)، ورجع إلى القاهرة بحلم تأسيس مهرجان مشابه في عاصمة السينما العربية. وخلال الأعوام اللاحقة كان لمهرجان القاهرة مكانٌ ومكانة بين أهم المهرجانات الدولية كمهرجان "كان" وفينيسيا وبرلين.
أما اليوم، ومع افتتاح الدورة الرابعة والثلاثين، فإن المهرجان يبدو كرجل وقور ومهيب شهد أياماً مجيدة، وأمسى يعيش على تاريخه. تراجعت صناعة السينما في مصر، ودخلت القاهرة في منافسة شرسة مع مهرجانات أخرى في المنطقة أكثر ثراءً وجاذبيةً، مثل مهرجان أبو ظبي ومهرجان دبي بالإمارات، ومهرجان مراكش بالمغرب. فهل فقدت هوليوود الشرق بريقَها السينمائي؟
هوليوود الشرق لم تستثمر تاريخها
الناقد السينمائي المصري عصام زكريا يعتقد أن الفورة السينمائية و"المهرجانية" التي حدثت في السنوات الأخيرة في المنطقة "جعلت مهرجان القاهرة يبدو عجوزاً وقديما وفقيراً". ويضيف زكريا في حديثه إلى دويتشه فيله: "أنا شخصياً أعتقد أنه في مجال الثقافة ليست هناك منافسة بالمعنى التقليدي؛ لأنه لو تم استغلال الفرصة جيداً فإن المهرجانات العربية من المفروض أن تشجع مهرجان القاهرة على المزيد من النجاح، وليس العكس."
اختارت إدارة المهرجان الفيلم الإنكليزي "عام آخر" من إخراج مايك لي ليفتتح دورة هذا العام عقب حفل كبير في دار الأوبرا المصرية، وبمشاركة نجوم عالميين بينهم الممثل الأمريكي ريتشارد جير والممثلة الفرنسية جولييت بينوش، إضافة إلى نجوم مصريين وعرب. وتضم المسابقة الدولية 16 فيلماً، من بينها فيلم عربي وحيد وهو الفيلم المصري "الشوق" للمخرج خالد الحجر.
وتردد أن إدارة المهرجان وجدت صعوبات في العثور على فيلم جيد يمثل مصر في مسابقة المهرجان، لا سيما وأن شروط المسابقة تفرض أن يكون الفيلم لم يسبق عرضه في مهرجان آخر. أليس من الواقعي في ظل المنافسة المحمومة مع مهرجانات الخليج الغنية أن تلغي إدارة مهرجان القاهرة هذا الشرط؟ الناقد عصام زكريا يرى أن اختيار الأفلام الجيدة أصبح مشكلة سنوية تواجه مهرجان القاهرة.
الحصان والعربة
ويرى زكريا أن أهم أسباب تراجع مهرجان القاهرة هو "أنه توقف منذ سنوات طويلة عن وضع الجمهور المصري في اعتباره". ويرجع زكريا ذلك إلى ظروف اجتماعية محلية، وتراجع دور السينما بشكل عام. ويضيف الناقد المصري: "كان بإمكان المهرجان لو بذل جهداً في السنوات العشر الأخيرة أن يسترجع الجمهور إلى دور العرض؛ هذا ليس معناه تحقيق إيرادات للمهرجان فحسب، بل كان سيساعد المهرجان في تحقيق نجاحات في مجالات أخرى، ويوسع سوق الأفلام بجذب جمهور له ذوق مختلف".
بدلاً من ذلك يركز المهرجان جهوده ويصرف ميزانيته الضعيفة على اجتذاب نجوم عالميين يتزين بهم، مثل النجمة الفرنسية جولييت بينوش، أما الجمهور فيأتي في ذيل اهتماماته. "العربة تتقدم الحصان في مهرجان القاهرة"، هكذا يصف زكريا الوضع، ويضيف، "يجب أن يكون الاهتمام بالجمهور فهو الحصان الذي يجر قاطرة السينما في مصر – والأشياء الأخرى ستأتي تباعاً".
دورة محمود المليجي وأمينة رزق
ويُعرض خلال المهرجان الذي يستمر 9 أيام 135 فيلماً من 69 دولة، بينها 12 دولة عربية. ويهدي المهرجان دورته الجديدة للفنانين المصريين الراحلين محمود المليجي وأمينة رزق بمناسبة مرور 100 عام على ميلادهما، كما يكرم ثلاثة سينمائيين مصريين هم صفية العمري وليلى علوي ومدير التصوير رمسيس مرزوق.
ويرأس لجنة التحكيم الدولية المخرج المكسيكي أورتورو ربيشتين، وتضم في عضويتها 11 شخصا، بينهم من مصر المخرج علي بدرخان، وكاتب السيناريو محمد حفظي، والمخرج المغربي محمد مفتاح، والممثل الهندي عرفان خان، والممثل الكندي ريمي جيرارد، والممثلة التركية ميلتم كومبول.
ويرأس المنتج المصري محمد العدل لجنة تحكيم المسابقة العربية التي تضم في عضويتها الممثل المصري فتحي عبد الوهاب، والممثل السوري بسام كوسا، والمخرجة السعودية هيفاء المنصور، والمخرج التونسي إبراهيم لطيف.
وتضم تلك المسابقة 11 فيلماً، من بينها: "الشوق" للمصري خالد الحجر، و"آخر ديسمبر" للتونسي معز كمون، و"الجامع" للمغربي داود أولاد سياد، و"مرة أخرى" للسوري جود سعيد، و"ابن بابل" للعراقي محمد الدراجي، و"شتي يا دني" للبناني بهيج حجيج.
سمير جريس
مراجعة: يوسف بوفيجلين