جدل واسع حول مطالب بزيادة الأجور في ألمانيا
٦ ديسمبر ٢٠٠٦تشهد الأوساط الاقتصادية والسياسية في ألمانيا هذه الأيام جدلا واسعا أثارته دعوة شخصيات بارزة داخل الحزب الاشتراكي إلى زيادة أجور العمال. فالانتعاش الاقتصادي الذي تعيشه ألمانيا منذ منتصف العام الجاري وارتفاع نسبة أرباح الشركات الألمانية دفعا المسؤولين في الحزب الاشتراكي إلى التفكير في تطوير سياسة الأجور وجعلها اكثر تماشيا مع المعطيات الاقتصادية المتجددة. وفي هذا الإطار أعلن كورت بيك، رئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم، مطلع الأسبوع الحالي عن أن حزبه بصدد الإعداد لمقترحات محددة تتعلق بزيادة أجور العمال سيتم عرضها أوائل العام المقبل.
فضلا عن ذلك، يدعو المخطط الاشتراكي إلى ضرورة استفادة العمال من النجاحات المالية التي تحرزها الشركات التي يعملون بداخلها من خلال حصولهم على حصة من الأرباح المالية التي تجنيها تلك الشركات. ويقترح المخطط الأولي للحزب توزيع جزءا من هذه الأرباح على العمال، إما على شكل زيادة في الأجور أو تحويل قسط منها إلى صناديق التقاعد لهؤلاء العمال. غير أن هذه الدعوة لزيارة الأجور أحدث ردود فعل متباينة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وأفرزت عدة مواقف تتأرجح بين مؤيد ومعارض لفكرة الاقتراح.
رفع الأجور لتنشيط الاقتصاد
أعرب عدد من كبار خبراء الاقتصاد في ألمانيا عن تأييدهم لزيادة أجور العمال، نظرا لأهمية هذا الإجراء لدعم وتيرة النمو الاقتصادي في ألمانيا. حيث يرى الخبراء أن زيادة الأجور ستعمل على رفع نسب الاستهلاك مما ينعش قطاعات اقتصادية مختلفة، الشيء الذي سيسهم بدوره في دفع عجلة النمو في البلاد. وفي هذا السياق أعرب البروفيسور بيتر بوفينغر في تصريح لجريدة "بيلد تسايتونغ" عن تأييده لرفع الأجور قائلا: "رغم الوضع الاقتصادي الجيد وانتعاش سوق العمل فإننا مازلنا نرصد ضعف الاستهلاك. لذا نحتاج إلى رفع الأجور بنسبة لا تقل عن 2.5 كي يرتفع الاستهلاك ويستمر الازدهار الاقتصادي". نفس التأييد أكده أيضا مدير أبحاث مؤسسة هانس بوكلر المقربة من النقابات الألمانية، غوستاف هورن، حيث قال:" ليس معقولا أن تجني الشركات الاقتصادية الكبرى أرباحا طائلة دون أن يستفيد عمالها من تلك الأموال". واستطرد قائلا: "إننا الآن بحاجة إلى زيادة كبيرة في الأجور للمواصلة الانتعاش الاقتصادي الحالي".
أما على الصعيد السياسي فقد قال نائب الناطق باسم الحكومة الألمانية، توماس شتيغ، أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعت إلى ربط رفع أجور العمال بالوضع المالي للمؤسسات الصناعية التي يعملون بداخلها حيث قالت: "إذا كانت هناك قطاعات تعرف انتعاشا حقيقيا، أو مصانع قوية ولا تعاني من مشاكل مالية، عندها يمكن التفكير بالأمر". غير أن شتنغ أشار خلال حديثه للصحفيين إلى أن حكومة الإتلاف الموسع ستقوم بدراسة جديدة لاقتراح الذي تقدم به الحزب الاشتراكي.
مخاوف من زيادة الأجور
ومن ناحية أخرى قوبل اقتراح زيادة الأجور من قبل عدد آخر من الاقتصاديين بمعارضة كبيرة، إذ عارض كبير الاقتصاديين لدى مصرف "دويتشه بنك" نوربيرت فلتر الزيادة في الأجور. وفي مقابل ذلك دعا فلتر إلى رفع أجور أصحاب الكفاءات بدل العمال وقال: "يجب رفع أجور أصحاب الكفاءات وإلا سوف يهاجرون إلى دول اخرى". وفي سياق متصل اعتبر الخبير أن رفع عامٍ للأجور سيعني كارثة بالنسبة لسوق العمل، إذ انها ستزيد من الأعباء المالية الملقاة على عاتق الشركات الألمانية التي قد تلجأ إلى تسريح العمال حال وقوع فتور وتيرة النمو. أما الخبير الاقتصادي فولفغانغ فرنز فقد حذر هو الآخر من الانعكاسات السلبية على سوق العمل حال إقرار زيادة كبيرة في الأجور، مذكرا أن الوقت ليس مناسبا لمثل هذا الإجراء خصوصا أن سوق العمل تعرف وجود ما لا يقل عن أربع ملايين عاطل عن العمل.