جدل سياسي وأخلاقي في الولايات المتحدة بشأن أبحاث الخلايا الجذعية
١٩ يوليو ٢٠٠٦أثارت إشكالية أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية ضجة كبيرة في أوساط العلماء والمهتمين في أرجاء كثيرة من العالم، وأطلقت سجالا طويلا حول مستقبل البشرية ومدخلاتها الأخلاقية والدينية. واليوم يعود الجدل بشأن هذه القضية إلى واجهة النقاش والأحداث السياسية في أمريكا. فبعد كثير من النقاش حول اتخاذ قرار بهذا الشأن، أيد مجلس الشيوخ الأمريكي بقوة مشروع قانون يجيز مثل هذه الأبحاث بعد مشروع قرار تقدم به أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لزيادة الموارد الاتحادية لتمويل أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية. ولكن الرئيس جورج بوش من جهته تعهد برفض المشروع بدعوى أنه يتعذر تبريره من الناحية الأخلاقية وفي هذه الحالة يتوجب إعادة طرح القرار من جديد للنقاش. يذكر أنّ الخلايا الجذعية هي الخلايا الأولية التي ينشأ منها جسم أي كائن حي وهي خلايا غير متخصصة تمتلك القدرة على الانقسام المستمر وإنتاج أنواع مختلفة من الخلايا الوظيفية المتخصصة.
تهديد الرئيس بوش بـ"الفيتو"
وقد بلغت نسبة المؤيدين لهذا القرار بشكل كبير، إذ صوت له 63 عضوا مقابل معارضة 37. هذا ويحتاج المؤيدون إلى موافقة أربعة أعضاء آخرين لإبطال حق الرفض الرئاسي "الفيتو" الذي من المتوقع ان يصدر اليوم الأربعاء. ووافق جميع الديمقراطيين سوى واحد على مشروع القانون في حين أيده 19 من الجمهوريين وعارضه 36. وفي معرض موقف الرئيس بوش قال توني سنو المتحدث باسم البيت الأبيض أن الفيتو وهو الاول لبوش "سيأتي سريعا جدا"، مضيفا "إن بوش يفي بوعد قطعه على نفسه منذ فترة بعيدة." وأجاز مجلس الشيوخ بالإجماع مشروعين ذي صلة وإن كانا أقل إثارة للجدل ويعتزم بوش توقيعهما.
وفي سياق متصل، أبدى مجلس النواب موافقته على مشروع يقضي بمنع "زراعة الأجنة" من خلال زراعة جنين بشري في رحم امرأة أو حيوان من أجل الحصول على خلايا أو أنسجة. ولكن اصطدم مشروع قرار آخر بمعارضة الديمقراطيين حيث لم يجيزوا دعم إجراء أبحاث من أجل الحصول على خلايا جذعية دون القضاء على الأجنة. وفي معرض نقدهم لهذا القرار، قال بعض الديمقراطيين إن التشريع مجرد غطاء سياسي للجمهوريين الذين يرفضون مشروع القانون بشأن أبحاث الخلايا الجنينية والذي يصعب الموافقة عليه.
جدل سياسي وأخلاقي
تسببت هذه القضية في إحداث جدل أخلاقي وسياسي كبير، إذ يرى مؤيدو هذه الأبحاث بأن نتائجها ستعم بالخير على البشرية، فقد تساهم في الشفاء من مرض داء السكري وإصابات الحبل الشوكي ومرض الشلل الرعاش وأمراض أخرى. وكذلك من الملاحظ أنّ مثل هذه القضية احتلت جانبا واسعا من اهتمامات الرأي العام الأمريكي، فقد أظهرت استطلاعات الرأي دعما شعبيا كبيرا لزيادة الموارد الاتحادية لأبحاث الخلايا الجذعية. ومن الأصوات التي نادت بذلك أيضا نانسي ريجان أرملة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الذي توفى بمرض الزهايمر، فقد طالبت دعما من النواب الجمهوريين. ولكن تصطدم هذه الأصوات بمعارضة بوش الذي يرى أنّ هذه من شأنه تدمير جنين عمره أيام. وقال السناتور الجمهوري كليك فانتوم وهو أحد أشد معارضي أبحاث الخلايا الجنينية :"الأمر يتعلق بقيمة حياة الإنسان. الأمر سهل للغاية فهذا الجنين الصغير ليس له عينان ولا لون شعر ولا اسم. من السهل القول أن هذا الكيان لا قيمة له."
علاج بعض الأمراض المزمنة
وفي خضم الجدل حول هذه الأبحاث، أشار مؤيدو التشريع الجديد بقيادة السناتور الجمهوري ارلن سبكتر والديمقراطي توم هاركين أن المشروع سيسمح بإجراء أبحاث فقط على الأجنة الباقية من علاج الخصوبة والتي سيجري التخلص منها على أي حال. وفي السياق ذاته، أبدت ديان فينشتاين العضو الديمقراطي بمجلس الشيوخ تأييدها لهذا المشروع قائلة: "هذه الأجنة لن تكون أطفالا أبدا. فكروا في عدد الذين قد تنقذ هذه الأجنة حياتهم يوما ما. أشخاص مشلولون ومرضى بسكري الأطفال وشبان مصابون بمرض الشلل الرعاش لا يستطيعون الحركة ويعانون من مشاكل في التحدث."